تحولت مقرات حزب الحرية والعدالة بعد 30 يونيو من خلية نحل لا تهدأ، إلى أطلال فهى إما مدمرة، أو محروقة أو منهوبة، لكن بعضها نجا من تلك الحوادث وظل مغلقا طوال الثمانية الأشهر الماضية إذ لم يستطع الإخوان دخولها لكنهم أيضا لم يتركوها لأصحابها أملا فى العودة من جديد إليها، دون أن يدفعوا الإيجار الشهرى.

«اليوم السابع» استطاعت دخول 14 مقرا بمحافظتى القاهرة والجيزة كاشفة عما سببته للجيران من مشكلات، والمقرات تقع فى مناطق «الجيزة، دار السلام، المعادى، حدائق حلوان، ميت عقبة، المهندسين، شبرا، التوفيقية، بهرمس، برطس، الجلاتمة».
كما رصدت «اليوم السابع» تلاعب الإخوان فى عقود استئجار مقرات الحرية والعدالة فبدلا من أن يستأجر الحزب المقرات بصفتها مكانا إداريا، وقع العقود بصفتها محلا سكنيا ليفاجأ أصحاب العقارات فيما بعد بتحويلها لمقر حزبى، بالإضافة إلى ذلك كشف «الجيران» عن سرقة بعض المقرات لوصلات الكهرباء والمياه من جيرانهم بالعمارات السكنية لعدم توافر عدادات طاقة بمقر الحزب المستأجر.

فى حى شبرا تروى أم آلاء معاناتها مع مقر الحرية والعدالة المقابل لشقتها قائلة «فى يوم إعلان إنشاء حزب الحرية والعدالة وجدت شقتى المجاورة وقد اعتلتها «يافطة» بعرض الحائط كتب عليها «مقر الحرية والعدالة» أسفل منها ورقة صغيرة تنص على أن هذه الشقة محل سكن «علاء فاروق» عضو مجلس الشعب المنحل عن جماعة الاخوان، أم آلاء لم تُبدِ أى ردة فعل على هذا التناقض، فعلى حسب قولها «يا جارى إنت فى حالك وأنا فى حالى» حتى حدثت اعتداءات متكررة من شباب الجماعة وقاموا بسرقة الكهرباء من شقتها بالإضافة إلى سرقة بوابة العمارة، الأمر الذى دفعها إلى مقاضاة عضو مجلس الشعب وابن شقيقته وانتهى الأمر بحبس الأخير شهرا لأنه من قام بسرقة الكهرباء مع الحصول على حكم بطردهم من السكن، لم ينفذ حتى الآن.

وتروى سامية طه السبكى قصتها مع مقر الحرية والعدالة بنفس الحى قائلة «افتتح الإخوان هذا المقر عقب ثورة يناير، لم نعترض فى بادئ الأمر، إلى أن قام أعضاء من الجماعة، بسرقة الكهرباء عن طريق «وصلة» تم توصيلها بالأسلاك الكهربائية الخاصة بنا لعدم وجود عداد طاقة فى مقرهم نظرا لعدم حصولهم على ترخيص للمقر، خاصة أنهم استأجروه على أنه مقر سكنى، ثم حولوه إلى مقر إدارى بالمخالفة للقانون» مشيرة إلى أن نفس الأمر تكرر مع المياه حيث قاموا بسرقتها، وتستكمل قائلة «الأمر لم يقف عند هذا الحد بل توالت المضايقات، بداية من فتح البوابة الرئيسة للعمارة دون تكليف عامل «أمن» لحراستها أثناء الليل، وعندما قام سكان العمارة بغلقها بجنزير قاموا بإزالة البوابة بكاملها.

وفى حسرة تقول: «قمت بعمل محضر حمل رقم 15402، وتم حبس ابن شقيقة عضو مجلس الشعب الإخوانى الذى استأجر المقر شهرا بتهمة سرقة البوابة، كذلك تقدمت لإدارة الحى وحصلت على قرار بغلق المقر إلا أنهم استخدموا سلطتهم حينذاك، وظل مفتوحا، ومع تكرار الاعتداءات تقدم زوجى بعدة محاضر أخرى حملت أرقام «5435 ــ 15488» لإنقاذنا منهم إلا أننا كنا دائما ما نُصدم بعدم إمكانية تطبيق القانون عليهم».

فيما تسرد ابنتها آلاء طالبة الهندسة معاناتها قائلة «كانوا يسهرون طوال الليل، نسمع صوت ضحكاتهم ولا نستطيع المذاكرة، خفنا من اقتحام عمارتنا، خاصة أثناء موجة حرق مقراتهم فى يناير 2012»، مضيفة: «حاول أستاذ بكليتى «هندسة القاهرة» مطالبتى بإلغاء البلاغات المقدمة ضد الحزب إلا أن والدى أصر على أخذ حقه خاصة أنهم كانوا يسرقون الكهرباء منا بدون إذننا ولم يستجيبوا حينما طالبناهم بالتوقف».
وفى جولتها داخل مقر الحرية والعدالة بشبرا الذى تحول إلى معمل تحاليل، لم تجد «اليوم السابع» أى أوراق تشير إلى الجماعة، سوى آثار أذرع لبوابة حديدية اخترقت الحوائط فيما أزيلت البوابة وبقى الباب الخشبى.

مقر آخر يحمل اسم «شبرا» يقع على بعد أمتار من المقر الأول استأجره العضو الإخوانى «علاء فاروق» لما يقارب عشر سنوات، واستطاعت «اليوم السابع» دخوله بعد موافقة ملاكه لتجده خاويا على عروشه إلا بعضا من آثار الإخوان كرسومات على الجدران لحملات كانوا يطلقونها، وبقايا «لافتات» تحمل اسم «علاء فاروق» عضو مجلس الشعب الإخوانى عن دائرة شبرا.
المقر كما قال مالكه «أ. م» استأجرته الجماعة قرابة عشر سنوات كمكتب لأحد أعضائها وهو «علاء فاروق» إلا أنه وبمجرد قيام ثورة يناير بدأت الأقدام الإخوانية تدب فيه حتى تحول إلى مقر رسمى للجماعة وهو ما لم يكن منصوصا عليه فى العقد إلا أننا تساهلنا معهم ولم نقم برفع دعاوى ضدهم، غير أننا كنا نخشى هجوم أحد من المعارضين على المنزل وإحراقه.

فى تحد سافر لسيطرة «الإخوان» على المنطقة التى بها مقر شبرا، قام الأهالى بلصق بوسترات المشير «السيسى» على حوائط العقار، فيما نقشت مقولة «نحن نحلم بمجد أمة جمال عبدالناصر» على سلم العقار الكائن به المقر».
من جانبه قال سمير عاصم مالك العقار إن جماعة الإخوان استأجرت الشقة الكائنة بالدور الأرضى على أنها شركة تجارية مضيفا «فوجئنا بتحويلها إلى مقر لحزب الحرية والعدالة وقمنا برفع دعوى قضائية تمكننا من تسلم المقر خوفا من اقتحامه من جانب أتباعهم فى المنطقة».
ويتابع قائلا «منذ أكثر من ثمانية أشهر لم يقم أحد منهم بدفع الإيجار رغم أن بعضهم لا يزال يتردد على العقار من وقت لآخر مطالبا الجهات المختصة باتخاذ اللازم وتمكينه من شقته، وحمايته من بلطجة الإخوان.
الأمر ذاته تكرر فى أكثر من مقر زارته «اليوم السابع» مثل مقر دار السلام الذى أنشئ قبل ثورة يناير بسنوات على أنه جمعية خيرية تحت اسم «دار القلم الخيرية» وبعد الثورة تم تحويله إلى مقر للحرية والعدالة، وبعد موجة يونيو عاد مرة أخرى تحت مسماه القديم، حيث مزقت صورة الرئيس المعزول «محمد مرسى» ووضعت مكانها صورا شتى للسيسى وبوسترات لتمرد.
مقر التوفيقية الذى لفت إليه الأنظار فى ذكرى ثورة يناير الأولى عقب إشعال الـ«بلاك بلوك» النيران به، كشف الكثير مما كان يفعله الإخوان خاصة حالة الرعب التى سببوها للسكان وتهديدهم بخطف أبنائهم وقتلهم إذا لم يتراجعوا عن المحاضر التى رفعوها ضدهم لطردهم من العقار الذى يتواجد به معقلهم، بعد تكرار حالات الاعتداء عليهم من قبل جهات عدة أرادت الانتقام منهم بحرق مقراتهم.
وتقول فاتن محمد من سكان عمارة التوفيقية «تم غلق مقر التوفيقية عقب حرق المقر فى 2012، وتم إحضار اثنين من الحرس بناء على شكوانا المتكررة والدعاوى التى رفعناها ضد الجماعة، بعد تعرضنا للحرق على أيديهم، مسترسلة «تم اقتحام شقتى من قبل مجهولين، وسلبونا كل شىء، وتركوا الشقة خاوية على عروشها، وتوجه زوجى لتحرير محضر ضدهم تحت رقم 8615 بعدما هددوا زوجى بخطف أولادنا وقتله إذا لم يكف عن مطالباته». ولم تختلف باقى المقرات الحديدة فلم تدفع الجماعة إيجارها كما حدث بمقر الجيزة، بينما استطاع بعض الملاك انتزاع مقرات أخرى واستخدامها فى منافع أخرى حيث تم تحويل مقر العجوزة إلى مقر لقناة «إم بى سى مصر»، بينما عرض مقر المعادى للإيجار وهكذا باقى المقرات.
أما مقر منطقة «ألف مسكن» فتميز بوضع خاص لنظرا لسخونة المنطقة إذ وقعت بها العديد من الاشتباكات والمسيرات، لذلك كانت من بين المناطق التى امتازت بشدة التأمين من قبل العناصر الإخوانية.
وبمعرفة الأهالى تم الاتفاق على دخول المقر، إلا أن ذلك كان «فخا» فحدث ما لم يكن متوقعا حيث هجم البعض على المحرر مسلمين إياه إلى مجموعة من الرجال، اتضح فيما بعد أنهم كبار «الإخوان» بالمنطقة.
الحبس وتحريز الكاميرا والهاتف المحمول كان أول شىء فعلوه، ثم بدأت أسئلة من نوعية من الذى أرسلكم؟ بعد مرور ثلاث ساعات وبعد التأكد من أن المحرر ليس تابعا للشرطة تم الإفراج عنه مع التنبيه بعدم العودة مرة أخرى.
الأمر فى مقر «جسر السويس» لم يختلف كثيرا عن سابقه، بل تفوق عليه بقوة تأمينه من قبل أنصار الجماعة نظرا لما يتمتع به من موقع حصين حيث يقع إلى جوار مول «التوحيد والنور» كما أن أغلب سكان المنطقة أعضاء بالجماعة.
من جانبه قال القيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى «تصرفت جماعة الإخوان حينما كانت فى الحكم بعنجهية مفرطة، وحسبت أنها فوق القانون، وأن دولتها باقية أبد الدهر، متابعا «استحلال مال الغير وسرقتهم لأموال الناس نابع من معتقداتهم التكفيرية وإذ يعتبر الإخوانى نفسه مفوضا عن الله، وأن الخارج عليه كافر يستحق استحلال ماله وروحه.
مؤكدا أنه يحق لأصحاب الممتلكات استرداد أموالهم بالقوة، وأنه لابد من اللجوء إلى القضاء ولجنة مجلس الوزراء المكلفة بالتحفظ على كل ما يمت للإخوان بصلة.
وعن الشق القانونى قال الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى «طبقا لقرار مجلس الوزراء وحكم محكمة الاسئتناف بحظر أموال الإخوان ووضعها تحت التحفظ لا بد من رد الحقوق إلى أصحابها والتصرف فيها بما يقتضيه القانون».
وعما يجب على أصحاب العقارات المتواجد بها المقرات قال «هناك وبلا شك عقوبة للمخالفة القانونية المتمثلة فى تحويل المبنى الذى تم استئجاره على أنه سكنى إلى تجارى أو سياسى أو إدارى مضيفا «لا أنصح باقتحام المقرات وأخذها بالقوة من جانب الأهالى بل يجب عليهم التأنى».
من جانبه قال الخبير القانونى محمود قطرى «إذا كانت هذه المقرات مستأجرة، فان هذا الإيجار يعتبر باطلا لمجرد أنها جماعة إرهابية، ولا يجوز اقتحامه من قبل الأهالى، ولكن يمكنهم رفع دعوى وطلب إخلاء السكن لمخالفته للنظام العام»، متابعا «الإخوان خالفوا قانون المحليات بتوصيلهم التيار الكهربى والمياه بمخالفة القانون، وما فعلوه من تغيير النشاط يستوجب الطرد».
واختتم قائلا «الجماعة لم ترغب فى الخضوع لقانون الجمعيات الأهلية المشترط منع ممارستها لأى نشاط سياسى، وبعد الثورة اعتبروا أنفسهم جماعة فوق القانون لذا لم يتحركوا نحو تقنين أوضاعهم».