يوسف أيوب يكتب : الاتحاد الأفريقى ليس مغنما نبكى عليه.. والدليل فى النموذج المغربى العلاقات الثنائية وربط القطاع الخاص بالتحركات الرسمية وإدراك الشواغل التنموية للقارة روشتة نجاح الخارجية

السبت، 15 فبراير 2014 05:51 ص
 يوسف أيوب يكتب : الاتحاد الأفريقى ليس مغنما نبكى عليه.. والدليل فى النموذج المغربى العلاقات الثنائية وربط القطاع الخاص بالتحركات الرسمية وإدراك الشواغل التنموية للقارة روشتة نجاح الخارجية الاتحاد الاوروبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1984 أعلن المغرب انسحابه من منظمة الوحدة الأفريقية التى تحولت بعد ذلك إلى الاتحاد الأفريقى، وجاء الانسحاب اعتراضا على حصول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية متمثلة فى جبهة البوليساريو الصحراوية القومية على عضوية المنظمة، ومنذ ذلك التاريخ والمغرب رسميا خارج النطاق المؤسسى للاتحاد، لكنها فى المقابل لم تخسر كثيرا، لأنها تحركت وفق استراتيجية تقوم على دعم التعاون الثنائى مع الدول الأفريقية، فضلا على المشاركة فى التجمعات الإقليمية والدولية المرتبطة بالقارة السمراء، واعتمدت المغرب على مفهوم التنمية والتعاون الاقتصادى فى توثيق علاقاتها مع دول القارة، وأصبحت المغرب رغم أنها خارج الاتحاد من أقوى الدول الفاعلة فى القارة.

نموذج المغرب ربما هو ما نحتاجه حاليا، خاصة بعد صدور قرار من مجلس الأمن والسلم الأفريقى بتجميد عضوية مصر بالاتحاد بعد ثورة 30 يونيو، ظنا منهم أن ما حدث تطور غير دستورى، وبدافع أيضا من رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى، الدكتورة نكوسازانا دلامينى زوما، التى تكن العداء لمصر، وتحاول دوما وضع مصر تحت لائحة العقوبات.

نعم عضوية مصر بالاتحاد الأفريقى مهمة، فمصر دولة مؤسسة للاتحاد وقت أن كان تحت اسم منظمة الوحدة الأفريقية، لكن المؤكد أيضا أن عضويتنا بالاتحاد ليست مغنما، ويمكن التغاضى عنها مؤقتا إذا ما تحولت لوسيلة للضغط على مصر مثلما حدث بعد 30 يونيو، وأن نستبدل بهذه العضوية تحركات ثنائية وإقليمية ستعود بالفائدة على مصر أكثر من الفائدة التى نجنيها من عضويتنا بالاتحاد.

وإذا ما نظرنا إلى واقع التحركات المصرية بعد هذا القرار المتسرع لمجلس الأمن والسلم الأفريقى، فسنجد أنه لم يؤثر على انتماء مصر الأفريقى ودورها ونشاطها على مستوى القارة، فمن يتابع التطورات سيجد أن هناك كثافة فى التحركات والنشاط المصرى مع الدول الأفريقية سواء على المستوى الثنائى أو التجمعات الإقليمية والدولية التى تكون أفريقيا طرفا فيها، التحرك مع أفريقيا يأتى وفق مبادئ وأسس جديدة تقوم على المصالح المشتركة وإدراك مصر للشواغل التنموية لأفريقيا، واستعدادها للاستجابة لها رغم ما تمر به مصر من ظروف حالية، فوفقا لما سمعته من وزير الخارجية نبيل فهمى فإن الاهتمام المصرى بأفريقيا يأتى فى إطار رؤية طويلة الأجل للسياسة الخارجية، تستهدف إعادة مركزة الدور المصرى فى أفريقيا فى ضوء المكانة المتقدمة التى تحظى بها العلاقات مع أفريقيا فى سلم أولويات السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 30 يونيو، وأن هذا الاهتمام يتعين أن يتم ترجمته على أرض الواقع من خلال العمل على المشاركة الجادة فى مشروعات تنموية تحقق المصالح المشتركة لمصر وللأشقاء الأفارقة، وتعظيم دور القطاع الخاص المصرى فى تعزيز التجارة والاستثمار فى أفريقيا بالتنسيق الكامل بين وزارة الخارجية والمؤسسات والأجهزة المختلفة بالدولة وقطاع رجال الأعمال والمجتمع المدنى.

ما سمعته من مسؤولين بالخارجية يؤكد أن سياستنا تجاه الأشقاء الأفارقة تسير وفق خطة تحرك مدروسة، وبناء على رؤية منها على سبيل المثال أن الخارجية وضعت اللمسات الأخيرة لإطلاق الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وهى الوكالة التى سيذهب غالبية دعمها لأفريقيا، كما أن وزير الخارجية قام بأربع جولات أفريقية وسيقوم خلال أيام بجولة خامسة، كما أن نائب الوزير السفير حمدى لوزا قام بجولتين ويستعد للجولة الثالثة فى أفريقيا، فضلا على شىء مهم، وهو أنه من خلال التنسيق بين وزارة الخارجية والوزارات المعنية وتحديدا الإسكان والزراعة والرى تم الاتفاق على تعميق برامج التعاون المشترك والتدريب، السفير بدر عبدالعاطى، المتحدث باسم وزارة الخارجية، حينما سألته عن التحركات المصرية الجديدة تجاه القارة السمراء، فقال إن «مصر تتحرك فى أفريقيا على مسارين، الأول ثنائى بتعزيز العلاقات مع العواصم الأفريقية سواء بزيارات مصرية لهذه الدول أو زيارات لمسؤولى هذه الدول إلى مصر.. أما المسار الثانى فيعتمد على المحافل الإقليمية والدولية، عبدالعاطى أشار أيضا إلى نقطة مهمة، وهى أن موضوع المصالح المشتركة وتحقيق المكاسب للجميع والمساعدة بقدر الإمكان هى التى تحكم التحركات المصرية تجاه الأشقاء الأفارقة.

النقطة التى أشار إليها المتحدث باسم الخارجية أهميتها تأتى فى كونها تزيل حالة الشكوك الأفريقية تجاه مصر، الفهم الذى تكرس لديهم أن مصر تبحث دوما عن أمنها المائى، وأن كل تحركاتها فى أفريقيا من هذا المنظور، ومن واقع متابعتى ألمس تحركا نشطا من جانب وزير الخارجية وكل الدبلوماسيين المصريين، هذا التحرك يتسم بالذكاء، فهو لا يركز فقط على دول حوض النيل لكن هناك فتح للعلاقات مع السنغال وأيضا مع الجزائر والمغرب باعتبارهما دولتين عربيتين لهما تواجد أفريقى قوى

فضلا على دول بغرب ووسط أفريقيا سيتوجه لها نائب الوزير، حتى عندما ذهب فهمى لدول الحوض كان التركيز على التنمية المشتركة، ولم يكن خافيا على أحد أن هذه الجولة التى ضمت وزراء الخارجية والإسكان والزراعة لم يكن بها وزير الرى، وهى إشارة ذات مغزى. إذن المحصلة النهائية لكل ذلك أن مصر يجب ألا تعتبر ابتعادها عن الاتحاد الأفريقى عقابا، وإنما دافعا تستطيع من خلاله استعادة علاقاتها الثنائية مع دول القارة، فالاتحاد ليس مغنما.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة