وائل السمرى يكتب: وزارة "الهزار" الآثار سابقا.. الوزارة ضاع منها دينار نادر فى شهر يناير فذهبت لتبحث عنه فى أكتوبر.. تماما مثل الرجل الذى ضاع منه جنيه فى "شارع ضلمة" فذهب ليبحث عنه فى شارع نور

السبت، 15 فبراير 2014 02:05 م
وائل السمرى يكتب: وزارة "الهزار" الآثار سابقا.. الوزارة ضاع منها دينار نادر فى شهر يناير فذهبت لتبحث عنه فى أكتوبر.. تماما مثل الرجل الذى ضاع منه جنيه فى "شارع ضلمة" فذهب ليبحث عنه فى شارع نور دينار أثرى
كتب وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لمثل هذا الموقف الهزلى اُخترعت النكات، وربما أيقنا مع تكرار الحوادث وتعاقب الوقائع كم كانت بعض النكات "الهزلية الساخرة" رصدا لواقع أشد عبثا من العبث ذاته، فوزارة الآثار التى منيت منذ أسابيع بفاجعة مؤلمة راح على أثرها عشرات القطع الأثرية النادرة عقب تفجيرات "مديرة أمن القاهرة" التى دمرت أجزاء كبيرة من متحف الفن الإسلامى أثبتت أنها أشد غباء من ذلك الرجل الذى ضاع منه جنيه فى شارع "ضلمة" فذهب ليبحث عنه فى شارع "نور" فهذه الوزارة التى أعلنت بمزيد من الاستهانة عن فقدان دينار أثرى نادر يعود تاريخه إلى سنة 77 هجرية أثناء حصر خسائر المتحف استفاقت فجأة على أن هناك موقع على شبكة الانترنت يعلن عن بيع نسخة من هذا الدينار وأصدرت بيانا تقول فيه إنها أبغت إدارة الآثار المستردة عن هذا الموقع، إيهاما منها بأن الدينار المفقود هو ذاته الدينار المعروض للبيع، لكنها سيرا على خطى هذا الرجل الغبى صاحب الجنيه الضائع لم تلتفت إلى أن الإعلان عن هذا الدينار المعروض للبيع كان فى شهر أكتوبر 2013 بينما التفجيرات وقعت فى يناير 2014.

هذا هو العبث بعينه، فسيادة الوزير الذى ظهر أثناء الإعلان عن فقدان الدينار غير مبال بأهميته ولا قيمته يريد الآن "تستيف الأوراق" والانتهاء من مشكلة فقدان الدينار فبدلا من أن يبلغ النيابة لتتولى التحقيق فى الواقعة وبدلا من أن يكشف للرأى العام ملابسات وقوع هذه الجريمة طلع علينا بيان عبثى لا أول له ولا آخر، محاولا الخروج من الأزمة بطريقة ساذجة، فحسب معلوماتى فإن أعمال ترميم وصيانة المتحف مؤجلة لحين الكشف عن مصير هذا الدينار المفقود، وشركات المقاولات تخشى أن تدخل المتحف للقيام بأعمال رفع الأنقاض وترميم المتحف فى ظل غموض مصير هذا الدينار خوفا من أن تعرض نفسها للمساءلة، ولهذا أرادت الوزارة أن الصق التهمة بأى جهة أو شخص للتخلص من صداع هذا الدينار الذى تشغل مسألة فقدانه بال الأثريين فى العالم أجمع نظرا لندرة هذا الدينار.

هذا الدينار لمن لا يعرفه يعد الأشهر فى التاريخ العربى الإسلامى، فالذى أمر بسكة وصناعته هو الخليفة الأموى عبد الملك ابن مروان فى سنة 77 هجرية، ويعد هذا الدينار أول دينار "معرب" بالكامل، حيث كان المسلمون قبلها يتعاملون بالدنانير البيزنطية والدراهم الفارسية ويدخلون عليها بعض الكلمات العربية فحسب، أما هذا الدينار فقد كان عربيا خالصا وتظهر من خلاله قوة الدولة الإسلامية فى فرض سيطرتها على أمورها المالية والسيادية، حيث جاء الأمر بسك هذا الدينار ضمن حملة "تعريب الدواوين التى قامت بها الدولة الإسلامية فرضا لهويتها العربية.

وبرغم أهمية هذا الدينار وندرته فقد خرج علينا السيد وزير الآثار "محمد إبراهيم" فى مؤتمر صحفى قبل أسابيع ليقول "لم نفقد شيئا من مقتنيات متحف الفن الإسلامى، وكل الخسائر تنحصر فى وجود عدد من القطع قد تكسرت وجارى ترميمها وعدد آخر تهشم وسنفقده إلى الأبد، وكل ما فقد هو دينار واحد فقط وربما نعثر عليه قريبا أثناء البحث ورفع الأنقاض، غير أن وزير الدولة لشئون الآثار لم يدل بمعلومات كافية عن واقعة اختفاء هذا الدينار ولم يعرف أحد شيئا عن قيمة هذا الدينار وأهميته التاريخية والعلمية ولم يذكر أيضا ملابسات اختفاء هذا القطعة الفنية النادرة فى التاريخ العربى والإسلامى، ويزيد الأمر ألغازا إذا ما أخذنا فى الاعتبار طريقة إعلان الوزير عن هذا الاختفاء المريب، فقد ظهر الوزير وكأنه يقلل من قيمة المفقودات بحصرها فى "دينار" غير أن جميع المهتمين بالآثار الإسلامية ودارسيها يعلمون تماما العلم أن هذا الدينار يعد من الدنانير النادرة كما أنه يعد "درة" المسكوكات الإسلامية التى يحتفظ بها المتحف الإسلامى.

ما يزيد الأمر ألغازا هو أن هذا الدينار كان موضوعا فى منصة عرض بها الكثير من المسكوكات "العملات" الإسلامية، كما كان يضم العديد من القطع الفنية النادرة ولم يختف من هذه المنصة سواه، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار قيمة هذا الدينار العالية وسهولة "إخفائه أو اختفائه" سنتأكد أننا أمام لغز كبير، وإذا ما وضعنا فى حسباننا تلك العقلية التى تدير أزمات الآثار فسنعرف تمام المعرفة أننا أمام كارثة مؤلمة ندفع ضريبتها من تاريخنا وحضارتنا.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة