الدكتور حسين الشافعى رئيس الجمعية المصرية الروسية للثقافة والعلوم يكتب: العلاقات المصرية الروسية ما بين الواقع والصخب الإعلامى

السبت، 15 فبراير 2014 12:35 م
الدكتور حسين الشافعى رئيس الجمعية المصرية الروسية للثقافة والعلوم يكتب: العلاقات المصرية الروسية ما بين الواقع والصخب الإعلامى د. حسين الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عكست زيارة وزيرى الدفاع والخارجية المصريين الأخيرة لموسكو، والتى جاءت ردًا على زيارة نظيريهما الروسيين للقاهرة فى نوفمبر الماضى، اهتمامًا إعلاميًا من الجانب المصرى فاق كل التوقعات بين مرحب بهذه الزيارة بشدة –وهم الأغلبية الكاسحة – وما بين محذر من عواقب تداعياتها –وهم الأقلية.

كما هو الحال فى أغلب الأحوال، فقد طغت على هؤلاء وهؤلاء الحكم على مجريات الأحداث بمقدار ما يمس الحدث المشاعر والأحاسيس، وليس المنطق والواقع.

بداية.. يجب أن نعترف بأن الموقف الروسى الرسمى من ثورتى 25 يناير 2011، و30 يونيو2013 ، لم يكن بالجملة متوافقًا مع إرادة الشعب التى خرج ملايينها رافضين حكم الفساد، وسياسة التوريث فى أولها ورافضين الجماعة الإرهابية فى ثانيها.

صحيح أن روسيا أعلنت أنها مع ما تستقر عليه إرادة الشعب المصرى.. لكن هذا الأمر لم يكن تأييدًا البتة لهاتين الثورتين، إنما كان موقفًا محايدًا،لم ينجرف لدعم، ولم ينحرف لمعارضة.

ربما يفسر هذا الأمر أن جُل وسائل الإعلام الروسية – وهى خاضعة إما لتأثير الدولة، أو لتأثير كبار رجال الأعمال اليهود الروس - ما زالت تسير على هذا النهج، إذ مازال حدث 30 يونيو هو انقلاب على الديمقراطية، إما التفاف طوائف عديدة من الشعب حول مؤسسته العسكرية فما هو إلا حكم للعسكر.

رغم ذلك.. فإن روسيا تتعامل بواقعية مع تطور الأحداث فى مصر.. كانت توقعات دوائر سياسية عديدة أن ما حدث بمصر فى 30 يونيو هو تمهيد محترف "لسيطرة العسكر على مقاليد السلطة بمصر".. وها هى الأيام تمر ليثبت صدق هذه التوقعات، حسبما ترى هذه الدوائر.

حتى لو سلمنا بذلك التفسير التآمرى لهذه الدوائر السياسية، إذ لن يجدى معها نفعًا مناقشات وتبريرات عاطفية من قبيل أنها إرادة شعب خرجت ملايينه مطالبة بالاستقرار، وحماية الدولة من محاولات الجماعة الإرهابية لهدمها، وبيع ترابها لبناء حكم الأهل والعشيرة، يبقى أمر مبدئى تعليه السياسة الروسية الخارجية وهو أنها ستؤيد منحى تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، بشرط أن يكتسب الحكم القادم لمصر شرعيته الكاملة بالتزامه بتنفيذ ما تبقى من خارطة الطريق التى التزمت بها الحكومة الحالية.

كما أنه على أجندة المهام الرئيسية لتطوير التعاون الثنائى بين البلدين، تبرز أمور هامة تساعد فى رسم معالم هذا التطوير.
ففى المجال النووى – ومصر فى طريقها للسير فى البدء فى استخدام تطبيقاته السلمية لتوليد الكهرباء، وربما لتحلية مياه البحر فيما بعد – قدمت روسيا لمصر خدمات هامة للتدريب، ولرفع كفاءة متخصصيها لكى يمتلكوا القدرة على الاختيار السليم لما قد يقدم من عروض لإنشاء محطات توليد كهرباء، وهو أمرٌ جد هام لكى تكون خياراتنا المستقبلية نابعة من علم ودراية أبنائنا.

وفى مجال الفضاء.. وقد أضحى العالم كله غارقاً فى تطبيقاته التى مست كل جوانب حياته، ما بين الاتصالات ونقل المعلومات بأقمار الاتصالات، وبين رصد للأرض وما يقدمه ذلك من تخطيط للثروات وتوزيع للأعمال بأقمار الاستشعار عن بُعد، قدمت روسيا لمصر – خلال السنوات القليلة الماضية – دعماً كبيراً للقرار المصرى بدخول هذا المجال، وها هو الإعلان عن إطلاق أول قمر فضاء فى أبريل القادم للاستشعار عن بُعد كنتيجة للتعاون المصرى – الروسى، يؤكد أن تطوير التعاون الثنائى هو خيار للمستقبل يسير فيه البلدان بجد.
فى مسيرة العلاقات المشتركة بين البلدين يأتى التعاون الفنى العسكرى فى مقدمة الاهتمامات.. ولعل أهم ما يجب أن يحظى باهتمام المصريين هنا أن المرحلة القادمة يجب أن تتحول مصر فيها من مشترٍّ لسلاحٍ آلى لصانعة له.

لقد تحملت ميزانية الدولة مئات المليارات من الجنيهات لإنشاء قواعد صناعية مصرية – خاوية على عروشها – وعلى هذه المؤسسات أن تصبح شريكًا رئيسيًا فى التصنيع المشترك لما يمكن تصنيعه من مكونات للمنظومات العسكرية التى تسعى مصر لاستيرادها، بديلاً عن شرائها.. وفى هذا الصدد فإن ترحيبًا روسيا. لن يكون بعيد المنال.

سيطر رجال الأعمال المحليين على نواحى العلاقات التجارية - وربما العسكرية أيضًا - مع روسيا طوال عقود ثلاثة – أو يزيد –.

وقد بنى رجال الأعمال هؤلاء –طوال فترة الحكم المتزاوج للسلطة والمال – إمبراطوريات هائلة من عائد هذه العلاقات.

وللحقيقة، فلم تكن معظم هذه الإمبراطوريات بمنأى عن الخديعة.. والغش.. والتدليس.

ليس بعيداً عن الأذهان – على سبيل المثال – قصة الأحد عشر مليارًا من الجنيهات التى جنتهم عائلة جمال عبدالعزيز – السكرتير الشخصى لحكم مبارك الفاسد – من صفقاته لشراء قمح روسى من المخصص كعلفٍ للحيوانات، وبيعه – على مدى يزيد عن العشر سنوات – للشعب المصرى قمحًا يصنع منه خبزه، فى أكبر عملية لتواطؤ أجهزة الدولة المعنية بتقنين الفساد، وحمايته.

ولكى لا تتكرر مثل هذه الإمبراطوريات الفاسدة، على الحكومتين المصرية والروسية بالاتفاق على أنه لا وسطاء بينهما فى تعاملاتهما الرسمية على الإطلاق، وإلا فقد نجد أن ما يجنيه الشعب المصرى من جراء تطوير العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا – كما هو الحال فى علاقات مصر بدول أخرى كثيرة – ما هو إلا مجرد دخان يتطاير فى الهواء ولن يبق منه آنئذٍ إلا صخبه الإعلامى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة