خطباء اﻷوقاف يخطبون بلسان واحد عن "العمل واﻷمل".. "شومان" باﻷزهر وعمر هاشم بـ"الرحمن الرحيم".. الجيزة تصرف نصف راتب لـ6 دعاة مقبوض عليهم

الخميس، 13 فبراير 2014 12:33 م
خطباء اﻷوقاف يخطبون بلسان واحد عن "العمل واﻷمل".. "شومان" باﻷزهر وعمر هاشم بـ"الرحمن الرحيم".. الجيزة تصرف نصف راتب لـ6 دعاة مقبوض عليهم عباس شومان
كتب إسماعيل رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينتشر علماء الأوقاف فى ربوع مصر لأداء خطبة موحدة بلسان واحد وخطة دعوية عممتها الوزارة عن العمل والأمل، فى جمعة غد، بينما تنتشر لجان المتابعة والتفتيش للتحقق من حالة الانضباط فى جانب الدعاة والمساجد، فى غير مسجدى الفتح برمسيس ورابعة العدوية بميدان رابعة اللذين يتوقف بهما الصلاة لاستمرار الإصلاحات بهما.

فيما يتصدر الدكتور الوزير عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، المشهد حيث يعتلى منبر الجامع الأزهر أداء خطبة الجمعة، بينما يخطب د. أحمد عمر هاشم بمسجد الرحمن الرحيم بمدينة نصر، وكذلك الشيخ اﻷمير محفوظ بمسجد الحسين.

ويخطب د. مصطفى السعيد بالرحمن بمسجد الرحمن بالشيخ زايد، ومصطفى نوارج بالسيدة زينب والشيخ محمد عبد الظاهر بمسجد النور بالعباسية وأحمد ترك بمسجد عمر بن عبد العزيز بالاتحادية.

وفى مساجد الجمعيات الدعوية المجمد أرصدتها يعتلى منبر مسجد أهل السنة بالمعادى الشيخ عطية عبد الهادى ووفى الريان يخطب د. مبروك عبد العزيز وفى مسجد العزيز بالله يخطب الشيخ فاروق يحيى عبد الحميد، وفى مسجد التوحيد بمقر أنصار السنة الرئيسى بعابدين يخطب د. مدحت عبد الله إمام.

من جانبه أكد الشيخ صفوت نظير المرسى القيادى بمديرية أوقاف القاهرة، أن المديرية سوف تقوم بتكثيف حملات المتابعة والتفتيش للتحقق من حيادية المنابر عن السياسة والتزامها بالخطة الدعوية للوزارة.

كما يخطب الشيخ الدكتور خالد عبد السلام مدير عام الإرشاد الدينى، بمسجد الحصرى بأكتوبر ويخطب الشيخ محمد عيد الكيلانى مدير عام المساجد الحكومية بمسجد عبد الرحيم صبرى بالدقى المواجه لأكاديمية ناصر.

ويخطب د. محمد أبو بكر بمسجد السلطان أبو العلا، والشيخ عزت ياسين بمسجد الخازندار، ويخطب الشحات العزازى، بمسجد السيدة نفيسة ويخطب الشيخ عاصم قبيصى، مدير إدارة ضم المساجد بمسجد النادى الأهلى.

قال الشيخ جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة، إنه سوف يترأس لجان المتابعة غدا لمتابعة سير العمل وضبط أى خلل أو مخالفات فى المساجد وفى أداء الدعاة، مشيرا إلى أن المديرية بها 6 دعاة متغيبين عن العمل بسبب القبض عليهم لمشاركتهم فى فعاليات سياسية ويتم صرف نصف رواتبهم لذويهم.

فيما يخطب الشيخ صبرى عبادة وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية، بمسجد اﻹيمان بقرية بطرة مسقط رأس اﻹمام الأكبر الراحل الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الراحل الكائن به مرقد اﻹمام.

أوضح الشيخ صبرى عبادة وكيل أوقاف الدقهلية، أنه يجرى اختيار 5 مساجد كبرى بالمنصورة وتوابعها لعقد لقاءات بين العلماء والشباب للتوعية بخطورة التكفير على اﻷمة كما يجرى تثقيف الدعاة بأهمية الحفاظ على البيئة فى ورشة عمل بالتعاون فيما بين الأوقاف والمحافظة

ومن جانبها عممت وزارة الأوقاف خطبة عن العمل والأمل، حيث قال د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى نصها: "الحياة مفعمة بالأمل, فلا يأس مع الحياة , ولا حياة مع اليأس , والعاقل يجد لكل عقدة حلًا أو يحاول على أقل تقدير, والأحمق يرى فى كل حل مجموعة من العقد المتشابكة , وبما أن صحيح الشرع لا يمكن أن يتناقض مع صحيح العقل, لأن التشريعات موجهة لمصالح العباد, فقد عدّ العلماء اليأس والتيئيس من رحمة الله (عزّ وجل) من الكبائر , عن ابن عباس (رضى الله عنهما) أن رجلًا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: (صلى الله عليه وسلم ): "الشرك بالله والإياس من روح الله، والقنوط من رحمة الله, من وقاه الله إياها وعصمه منها ضمنت له الجنة"، ويقول الحق سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام) فى حواره مع الملائكة وقد بشروه بإسحاق (عليه السلام ): "قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّون"، (الحجر: 54، 55، 56) , وهذا يعقوب (عليه السلام) يقول لأولاده: "يَا بَنِى اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” (يوسف: 87) , ويقول الحق (سبحانه وتعالى): "قُلْ يَا عِبَادِى الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الزمر: 53). فلا ييأس مذنب من العفو , لأن الله عزّو جلّ فتح باب التوبة واسعًا , وفى الحديث القدسى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"يا بن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى, يا ابن آدم لو جئتنى بقراب الأرض خطايا لا تشرك بى شيئًا لأتيتك بمثلها مغفرة" (أخرجه الترمذى)، ولا ييأس مريض من عدم الشفاء مهما كان مرضه عضالًا, فعليه أن يأخذ بأسباب التداوى مع التعلق بحبل الله فى الشفاء, ولنا فى أيوب (عليه السلام) أسوة، يقول الحق (سبحانه): "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ "، (الأنبياء: 83، 84). وإن كنت عقيمًا لا تنجب فلا تيأس من رحمة الله وفيض عطائه , فهذه امرأة إبراهيم (عليه السلام) عندما بشرتها الملائكة بالولد على كبر سنها تقول: " يَاوَيْلَتَى أألِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَىء عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"، (هود: 72، 73)، وزكريا (عليه السلام) عندما دعا ربه فقال: "رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّى خِفْتُ الْمَوَالِى مِنْ وَرَائِى وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا"، (مريم: 4، 5) جاءته الاستجابة الربانية العاجلة: "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا"، (مريم: 7) , وعندما تساءل (عليه السلام) "رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِى الْكِبَرُ وَامْرَأَتِى عاقِر،ٌ قالَ كَذلِكَ الله يَفْعَلُ ما يَشاءُ"، (آل عمران: 40) جاءه الجواب "كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ” (مريم: 9). وإن كنت فى حالة من ضيق اليد فاعلم أن فقير اليوم قد يكون غنى الغد, وغنى اليوم قد يكون فقير الغد, والأيام دول, وأن الله (تعالى)، إذا أراد للعبد شيئًا أمضاه له "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"، (يس: 36) , ويقول (سبحانه وتعالى ): "مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"، (فاطر: 2 ). ومهما تكن اللحظات العصيبة فى حياتك فتعلق بحبل الله (عز وجل )، فهذه مريم (عليها السلام)، عندما أظلمت الدنيا فى عينيها ولم تجد ملجئًا من الله إلا إليه قالت:"يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا"، (مريم: 23) فكان الغوث والرحمة فى قوله تعالى: "فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ” (مريم: 24، 25، 26 ). وها هم المسلمون فى غزوة الأحزاب عندما أطبق عليهم المشركون من كل جانب لكن النصر جاءهم من حيث لم يحتسبوا كما صور ذلك القرآن الكريم فى قوله تعالى": "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِى الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا" (الأحزاب: 9، 10، 11 ) وها هو سيدنا إبراهيم (عليه السلام) عندما ألقاه قومه فى النار كانت النجاة من عند الله "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ" (الأنبياء: 69 , 70 ). وهذا يونس (عليه السلام) عندما التقمه الحوت فلجأ إلى الله (عزّ وجلّ) واستمسك بحبله كانت الرحمة والنجاة حاضرتين، يقول (الحق سبحانه ): "وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِـنَ الظّـَالِمِـينَ * فَاسْتَـجَبـْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِـــنَ الْغَـمِّ وَكَـذَلِكَ نُنْجِـى الْمُؤْمِنِـينَ (الأنبياء: 87، 88). ومن رحمة الله (عز وجل) بنا أنه يحاسبنا على الأخذ بالأسباب، أما النتائج فمردها إليه (سبحانه )، فإن أحسنّا الأخذ بالأسباب وأحسنّا التوكل على الله (عز وجل) فتح لنا أبواب رحمته فى الدنيا والآخرة، فيروى عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" (أخرجه أحمد), ويقول الحق (سبحانه): "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"، (الطلاق: 2), ويقول (سبحانه): "..وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىء قَدْرًا"، (الطلاق: 3)، ويقول (سبحانه): "..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ” (الطلاق: 4)، ويقول سبحانه:" أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"، (الزمر: 36 ). غير أن الأمل بلا عمل أمل أجوف، وأمانٍ كاذبة خاطئة، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) يقول: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقنى وقد علمت أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، ولا يكفى مجرد العمل، إنما ينبغى أن يكون العمل متقنًا، فَعنْ عَائِشَةَ، (رضى الله عنها) أَنَّ النَّبِى (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» مسند أبى يعلى، ويقول الحق (سبحانه): "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" (الكهف: 30)، والإسلام لم يدعُ إلى العمل، أى عمل فحسب، وإنما يطلب الإجادة والإتقان، فعَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: "إِنَّ اللهَ (عز وجل) يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ"، [رواه البيهقى فى الشعب].وذلك مع ضرورة مراقبة الله (عز وجل) فى السر والعلن، فإنه من الصعب بل ربما كان من المستبعد أو المستحيل أن نجعل لكل إنسان حارسًا يحرسه، أو مراقبًا يراقبه، وحتى لو فعلنا ذلك فالحارس قد يحتاج إلى من يحرسه، والمراقب قد يحتاج إلى من يراقبه، لكن من السهل أن نربى فى كل إنسانٍ ضميرًا حيًا ينبض بالحق ويدفع إلى الخير لأنه يراقب من لا تأخذه سنة ولا نوم.

وللتأكيد على أهمية العمل دعانا الإسلام إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا، حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل، وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد، والأمم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ (رضى الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا) [الأدب المفرد].كما دعا القرآن الكريم إلى العمل، وجعله فى مصافّ العبادات، فقد نادانا الحق سبحانه لصلاة الجمعة – هذه الشعيرة العظيمة – بأمرٍ، ثم صرفنا إلى العمل بأمرٍ مساوٍ له حيث يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِى لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة 9 – 10) وكان سيدنا عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ (رضى الله عنه) إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّى أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِى، فَارْزُقْنِى مِنْ فَضْلِكَ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (تفسير ابن كثير).وإذا كان الإسلام يدعو إلى العمل والإنتاج فإنه يرفض – وبشدة – البطالة والكسل والتسول، لأن ذلك من أسباب تأخر البلاد وهلاك العباد، وقد كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يستعيذ بالله من العجز والكسل، فعن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قَالَ: كان رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) [ أخرجه مسلم ].ومن ثَمَّ كان ترغيب الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) فى العمل ونهيه عن البطالة والكسل، فعن أبى هُرَيْرَةَ (رضى الله عنه) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): «لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أو يَمْنَعَه» [ أخرجه البخارى]، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ( رضى الله عنهما) قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ أَطْيَبِ الْكَسْبِ، فَقَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٌ» [أخرجه أحمد فى مسنده والطبرانى فى المعجم الكبير ]. وعَنِ الْمِقْدَامِ (رَضِى اللَّهُ عَنْهُ) عَنْ رَسُولِ (صلى الله عليه وسلم) اللهِ قَالَ: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِى اللهِ دَاوُدَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ"، أخرجه البخارى. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رَضِى اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذَنُوبًا لا تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَلا الصِّيَامُ وَلا الْحَجُّ وَلا الْعُمْرَة"، قَالُوا: فَمَا يُكَفِّرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"الْهُمُومُ فِى طَلَبِ الْمَعِيشَةِ"،أخرجه الطبرانى، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رَضِى اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: « السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ» متفق عليه، وما كل ذلك إلا للتأكيد على أهمية العمل والإنتاج، إذ إن الأمم لا تملك كلمتها ولا إرادتها إلا إذا عمل أبناؤها جميعًا على رقيها ونهضتها، واستطاعت أن تنتج طعامها، وشرابها، وكساءها، ودواءها، وسلاحها، وسائر مقومات حياتها، ولن يكون ذلك إلا بالعلم والعمل والتخطيط الجيد، وهو ما تتناوله بمزيد من التفصيل فى خطبها القادمة".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة