دائماً هناك لحظة يمكنك أن تقتنصها لتقودك إلى حقيقة ما، حقيقة ربما تظنها خافية، أو ظاهرة، لكن بصرك لن يستطيع أن يدركها، تستطيع أن تتفق أو تختلف على حقيقة أن المشهد الذى نعيشه عبثى بامتياز، يمكنك أن تتفق أو تختلف أن مصر بعد ثلاث سنوات من ثورتها لم تجد بعد الحقيقة الواضحة، لكن بين الحين والآخر تظهر لحظات أو مواقف تكشف أن المشهد لم يكتمل، والمستقبل لديه الكثير من الحكايات، وربما الانتصارات.
فجأة بتر «حمدين صباحى» مؤتمره الصحفى أمس الأول السبت، ليهتف بنفس طبقة صوته الجهورى: لو سمحتوا فيه «آيباد» ضايع..؟.
فجأة دوت عبارة «حمدين صباحى» وسط إعلانه مفاجأة الترشح، وفجأة أيضاً، ضحك الكثيرون وشمت الكثيرون، وكشرّ آخرون عن أنيابهم للسخرية من الرجل، الذى قطع «مؤتمره الصحفى الساخن» وعطل الأنفس المتلهفة لالتقاط بيانه الحماسى، لينبه الجميع إلى مصلحة أخرى غير مصلحته، إلى هم آخر غير همه، إلى أن هناك آخرين مشغولين بشىء غير الذى ننشغل به، ونتلهف إلى سماعه.
«الآيباد الضائع» أقوى ما يعبر عن خطاب «حمدين صباحى» الذى أعلنه للترشح للرئاسة، ومن العجيب أن بعض من سيقرأ هذه السطور، سيظننى معتوهاً يبرر للرجل سقطة أثناء خطابه الحماسى، سيظننى من أتباع «صباحى» الذى يبادر لتلميعه، والدعاية والترويج له، والحقيقة أننى لست من هذا الفريق، أو من هذا الفريق، الحقيقة أن دعوة «صباحى» الفجائية للبحث عن «الآيباد» لمستنى شخصياً
هنا للمرة الأولى نتعامل مع شخص قرر أن يطرح نفسه بدون بيان مكسو أو مغلف بالزجاج، بيان حماسى لا يفصله عن متابعيه أو محبيه أى فاصل، نحن هنا نتعامل مع شخصية ليست كاريزمية، ما شعرته فى «حمدين صباحى» أمس الأول، أنه حقيقى، لا يتظاهر، لا يتعمد أن يكون أى شخص سواه.
هل ستكون من المبالغة إذا قلنا أننا بحاجة لرئيس يمشى فى الأسواق ويأكل من طعام الناس، هل ستكون من المبالغة أن مصر بحاجة مرة ثانية للرهان على مرشح محسوب على الجانب الثورى الذى لم يدخل فى صفقات سابقة مع الإخوان، ولم يغامر بتأييد ودعم مرشح عسكرى، لمجرد أنه إنحاز إلى المصريين الثائرين.
يمكن لمن سيقرأ هذه السطور أن يظننى أستغل هذه المساحة لدعم مرشح مدنى فى مواجهة آخر تدعمه الدولة، بكامل مؤسساتها، و«كنبتها»، لكننى أنحاز هنا إلى مرشح قرر أن يبتر مؤتمره الصحفى الحاشد، واللحظة الحماسية الملتهبة، ليستجيب إلى هم آخر غير همه، هم شخص ضاع منه جهاز إلكترونى ما، ربما لا تتعد قيمته الخمسة آلاف، الفكرة هنا أن انحياز «صباحى» المباغت للبحث عن «الآيباد الضائع» فى عز فورة وسخونة مؤتمره الصحفى
يدلل على أن هذا المرشح هو أقرب لجيل، وُلد ضائعا، وتربى فى مجتمع ضاعت منه القيم والمعايير، تعرض للإهانة أكثر من مرة، كان أولها حينما أهانته البطالة، وضياع الفرصة، كما أهانته الواسطة والمحسوبية، وهيمنة أصحاب الشعر الأبيض، لعل «الآيباد الضائع» يعبر عن مصر الضائعة وجيل شبابها الذى كادت أن تضيع منه ثورته.
وجدى الكومى يكتب : «الآيباد الضائع».. هم البحث عن ثورة مهزومة ورد الاعتبار لجيل
الإثنين، 10 فبراير 2014 05:48 ص
وجدى الكومى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
رائع
مقال آكثر من رائـع معبر عن الواقع الذى تعيشه مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام خزيم
وجهة نظر