هشام الجخ

لابد من التفكير خارج الصندوق

الإثنين، 10 فبراير 2014 12:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
30 يونيو 2014 تقترب.. تقترب بشدة وبسرعة.. والجماهير الغفيرة التى نزلت للشوارع فى هذا اليوم لم ينزلوا مجاملة لشخص معين ولا كُرها فى جماعة معينة، وإنما نزلوا فى الشوارع لرغبات واحتياجات وطموحات شعبية تستحق أن يخرجوا من أجلها على الحاكم - أيا كان اسمه، والسؤال الآن.. هل تحققت المطالب التى نزل من أجلها الشعب المصرى إلى الشوارع فى 30 يونيو 2013؟
دعونا نسترجع ثمانية شهور مضت لنحكم بنزاهة «بقدر المستطاع» على الوضع الحالى ونقارنه - مقارنة المواطن البسيط - بالوضع أيام حكم جماعة الإخوان التى صنفتْها الدولة رسمياً جماعة إرهابية. فى فترة حكم الإخوان ضعفت هيبة الدولة المصرية وتجرأ عليها معظم دول العالم، وظهر ذلك جليا فى بروتوكول الاستقبال للرئيس المصرى - آنذاك - حيث وجدنا العديد من زيارات «مرسى» وقد استقبله من هم أدنى فى مناصبهم بكثير ممن كانوا يستقبلون سلفه «مبارك».. هذا المقياس يصعب اعتماده بعد ثورة 30 يونيو لأن الرئيس المؤقت «عدلى منصور» لم يقم بالجولات «الكثيرة جدا» التى قام بها «مرسى» فى عام الإخوان، حتى إن البسطاء من الشعب - وأنا منهم - كانوا يطلقون النكات على كثرة «البَرْم» للرئيس المخلوع بدون نتائج حقيقية ولا أجندة سفر واضحة.
وإذا تناولنا مقياسا آخر كحرية الصحافة والإعلام مثلا، سنجد أن حرية الإعلام فى عهد «مرسى» كانت غير مفهومة.. فنجد الإعلاميين يهاجمون نظام «مرسى». ونظام «مرسى» لا يرد بشكل مباشر، ولكنه يطلق رجاله فى الخفاء ليرفعوا قضايا أخرى تقيد من حرية الإعلام وحرية الإبداع مثل قضايا «ازدراء الأديان» التى لم ينجُ منها أية شخصية عامة هاجمتْ «مرسى» فى فترة ولايته بدءا من «باسم يوسف» ونهايةً بى أنا شخصيا.. إذن حرية الإعلام فى عهد «مرسى» كانت حرية على الورق فقط، ولكن فى حقيقة الأمر كان الإعلاميون والشخصيات العامة يبيتون فى النيابات، ويتم التحقيق معهم فى قضايا أخرى «صورية» لمجرد هجومهم على شخص الرئيس أو سياساته، وعند مقارنة الوضع فى عام الإخوان بالوضع الحالى، فسنجد نفس التقييد الإعلامى، ولكن الحكومة الحالية تمارس القمع الإعلامى بشكل مباشر وبحجة الحفاظ على هيبة الدولة وتأكيد الاستقرار فى الوطن.
إذن دعونا نأخذ مقياسا آخر للمقارنة.. الوضع الأمنى.. لقد اختلف معنى الأمن عند المواطن حاليا عنه فى عام الإخوان.. فى عام الإخوان كان الأمن فى الشارع شبه منعدم لولا حماية المواطنين أنفسِهم لأنفسهم وممتلكاتهم وشوارعهم التى يقيمون فيها.. وانعدم تسليح الضباط والعساكر فى جهاز الشرطة وتم تقليص صلاحياتهم، مما أدى إلى عزوفهم عن آداء مهمتهم وتثبيط عزيمتهم فى حفظ الأمن بالشارع، وبالتالى علا صوت البلطجية واللصوص واتجه الأثرياء لتأجير الحراسات الخاصة وراجت تجارة الأسلحة غير المرخصة، بينما اتجه البسطاء - أمثالى - لتربية الكلاب المدربة واصطحابها فى معظم الأماكن.. أما بعد ثورة 30 يونيو فقد تغير معنى الخطر الأمنى وأصبح خوفا من التفجيرات والقنابل وما شابه من الأعمال الإرهابية التى لا توقيت لها ولا مكان لها. إذن حتى الوضع الأمنى لا يصلح للمقارنة.. دعونا نعتمد مقياسا آخر وهو رغد الحياة وارتفاع مستوى المعيشة.. فى عام الإخوان لم يحدث شىء.. وحتى الآن لم يحدث شىء.
دعونا نعتمد مقياساً سياسياً.. فى عام الإخوان مرّ إلينا دستور.. وبعد الإخوان مرّ إلينا دستورٌ جديد.دعونا نعتمد المؤشرات الاقتصادية كمقياس.. فى عام الإخوان انهارت البورصة وعجز النظام فى استقطاب رؤوس أموال حقيقية للاستثمار فى مصر، وأفلس قطاع السياحة ولم ينجح نظام «مرسى» فى إعادة تشغيل آلاف المصانع التى أغلقت بعد ثورة يناير ولم ينجح نظام «مرسى» فى علاج الإضرابات الفئوية الكثيرة التى اجتاحت المؤسسات المصرية أثناء حكمه، وأدت إلى انهيار شبه كلى فى القوام المصرى.. أما بعد ثورة 30 يونيو، فقد تمت السيطرة على الأوضاع بشكل «شبه قمعى» أو هو قمعى بشكل كامل لإخماد هذه الإضرابات والعودة القهرية إلى عجلة الإنتاج.. ونجح النظام الحاكم بعد ثورة 30 يونيو فى اجتذاب دول عربية صديقة ومستقرة سياسياً وتملك من الفائض ما يجعلها تدعم مصر بشكل مؤقت لحين الإفاقة من الكبوة الاقتصادية التى خلفتها ثورة 25 يناير 2011.
وإذا اعتمدنا مستوى الحياة المجتمعية العامة وشعور الفرد المصرى بالراحة «كشعور عام»، سنجد أن النظام الحاكم بعد ثورة 30 يونيو قد حقق تقدما ملحوظا فى هذا القطاع.. فعادت الكهرباء وعاد البنزين وعادت كمائن الشرطة إلى الشوارع ليلا وعادت معظم الظواهر التى افتقدها الشعب المصرى منذ ثورة يناير، ولكن بلا جديد.. المشكلة الحقيقية تكمن فى كلمة «بلا جديد».. إذا كانت الكهرباء والبنزين وكمائن الشرطة هى منتهى آمال الشعب المصرى حاليا.. فقد كانت الكهرباء وكان البنزين وكانت كمائن الشرطة أيام «مبارك».. لماذا إذن قامت ثورة يناير؟إذا كانت التحسينات التى يلاحظها الشعب - بالمقارنة بفترة حكم الإخوان - قد قامت على أفكار قمعية واستخدام القوة فى كبت الشعب وإجباره على العمل والالتزام، فلماذا ثار الناس على نظام «مبارك» الذى كان يستخدم قوة الشرطة فى كل شىء؟ ولهذا كانت الثورة يوم 25 يناير ليست مصادفة. لقد قال لى أحد كبار رجال الأعمال فى مصر: إن الاقتصاد المصرى يحتاج لقرابة الخمسة عشر عاما ليصل إلى ما كان عليه قبل ثورة يناير.. فمن أين سنأتى بالشعب الصبور الذى سيصبر هذه المدة ليعود إلى الوضع الذى ثار عليه أصلا؟؟ علامات استفهام كثيرة ملأت هذا المقال، والإجابة تكمن فى التفكير خارج صندوق الحلول المعتادة وخارج الفكر التقليدى لعلاج المشكلات الحقيقية فى مصر، وإلّا ستظل مصر لفترة لا يعلم إلا الله مداها فى دائرة اللا شىء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة