استكمالا لانفراد "اليوم السابع" بصور وفيديوهات تربية الخنازير فى حى الزبالين بمنشية ناصر بالمقطم الذى تم نشره الخميس الماضى، حصل اليوم السابع على مجموعة من المستندات التى تؤكد حصول مربى الخنازير على موافقة وزير الزراعة فى عام 2012 على موافقة صريحة بإعادة تشغيل العنبر رقم 6 بالمجزر الآلى فى حى البساتين الخاص بذبح الخنازير، وخطاب وجه من المربين للمشير طنطاوى بتخصيص مساحة أرض أعلى المقطم لإنشاء مزارع نموذجية للخنازير، وإعادة الثروة الحيوانية التى تم إعدامها عام 2009، كما حصل "اليوم السابع" على ملف كامل للفواتير وأدوات الصيانة التى طالبت بها إدارة المجزر الآلى المربين بتحملها لتطوير خط الذبح للخنزير والتى وصلت تكلفتها إلى 30 ألف جنيه تقريبا.
ومع عودة الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير وإصابة أكثر من ١٦٠ شخصا ووفاة ٢٤ حالة زار "اليوم السابع" مزارع الخنازير فى منطقة منشأة ناصر، وسط تأكيد محافظ القاهرة ونائب المنطقة الجنوبية، أنه لا يوجد خنزير واحد، وفى حال وجود خنازير سيتم إعدامها.
ووقف المربون يدافعون عن الخنزير لأنه مصدر رزق لهم، قائلين "موجود من ٧ آلاف سنة ومحصن من عند ربنا من أى فيروسات أو أمراض، وعمرنا ما سمعنا طول السنوات دى عن حد مات علشان أكل أو ربى خنزير".
كان جزء من جولة "اليوم السابع" بمنشية ناصر لقاء النساء والأطفال والاستماع لحكاياتهم حول تهريب الخنزير وتربيته وعلاقته بعملهم فى فرز المخلفات، حيث وقفت أم سامية تحذر النساء من الحديث معنا، قائلة "هيجبلكوا الحكومة لحد هنا عشان يخربوا بتنا تانى".
وبعد اتفاق شفهى معهم أننى سأكتب كل كلمة قالتها لى بدأت أم سامية تزيح الستار عن فائدة الخنزير لهم، فهو يتغذى على بواقى الطعام التى تأتى فى القمامة، والتى لا يعرفن كيفية التخلص منها أثناء فرزهن للمخلفات الصلبة، حيث كانت المخلفات العضوية تبقى لتتعفن وتتسبب فى رائحة كريهة حتى نجحت فى تخبئة ذكر وأنثى فى شقتها بالدور السابع، بعيدا عن أيدى "القتلة"، مؤكدة أنه حيوان أليف، مثل باقى الحيوانات ونحن نأكل لحمه ولا نستطعم اللحم البلدى التانى بتاع البقر، والذكر والأنثى بقوا خمسة والخمسة بقوا عشرة ما بنبعهوش لحد احنا اللى بنكله ولو عندنا عزومة بنوجب بيه مع الضيوف وبنوديه لبناتنا فى الصباحية بعد جوازها عشان أهل العريس يعرف إننا برده عندنا خنزير وبناكله".
وهنا تصمت أم سامية عن الحديث لتكمل عملها فى فرز القمامة لتلتقط منها أم نجاح أطراف الحديث التى ظلت تربى الخنزير منذ 40 عاما تقريبا هى وبناتها وزوجها، وكانوا يملكون محلات لبيعه فى باب اللوء وشبرا، حتى حل الخراب عليهم ولم يتقاضوا أى تعويض عن العدد الذى أعدم قائلة "تعويض الندامة الحتة اللى كانت تساوى ألف جنيه إدونا فيها 50 جنيها حلال دا ولا حرام".
أما أم كريستين السيدة التى تربى أطفالا أيتاما، فقطعت كلامنا قائلة احنا مش بنتاجر فيه احنا بنعيش من وراه وبنربى عيالنا ولحد دلوقت ممكن الواحد يبيع خنزيرة صغيرة بـ2000 أو 3000، نعيش منها أو نجهز بناتنا.
فيما وقفت مريم الفتاة الصغيرة التى لم يتجاوز عامها الـ12 صامتة، وتملأ عينيها نظرة لم أفسرها إن كانت غضبا أم رغبة فى حكى شىء أجهله فوقفت تقول لى: أنت عارفة يا أبلة أنا يوم ماجم أخدوا الخنازير من بيتنا مش قادرة أنساه لحد النهاردة، لأن أمى وقعت على الأرض مريضة، وبعدين ماتت لأن كل اللى كنا نملكه 50 خنزيرا بيولودوا ونبيع ولدتهم وكنا عايشين لأن اليومية ما بتعديش 30 جنيها".
وتابعت: "ومن يوم أمى ما ماتت واحنا برده فى وسط الزبالة، ويوم ما صاحب الزريبة ده جابلنا خنزيرة صغيرة قلتله ياريت تدينى كمان ذكر عشان أربيهم وأربى إخواتى فوافق رغم أنه مكنش عنده كتير وسكتت مريم عن الكلام، بينما ظلت دموعها تخبرنى عن أيام جوع وفقر عاشتها هى وإخوتها الاثنين رومانى ومايكل".
بالقرب من مزرعة الخنزير الذى قمنا بتصويرها يمكنك أن ترى حجم عمالة النساء والأطفال فى فرز المخلفات عن بعضها، عالم له حلقات تتشابك سويا لتفتح بيوت وحين تغوص أقدامك فوق تلال المخلفات قد تتعثر فى جوال مملوء ببعض زجاجات الكانز أو بعض الأجهزة الإلكترونية، لتعطيك إحدى السيدات كارتونة من جوال آخر تضع عليها قدماك لتتنقل رغم خوفهم منك، حتى تصل لعمق المكان الذى يفرزون فيه.
وعند هذه النقطة الأخيرة سترى الخنزير تراه يغوص فى بركة من الطين لكن لا يعنى هذا أنهم لا يهتمون به فهو حيوان له طقوس خاصة فى تربيته والاعتناء بها، ستجد رجائى شابا لم يتجاوز الثلاثين عاما حاملا جوالا من عيش الفينو الناشف المفروز من القمامة أو جوالا آخر به بواقى رز وطعام يلقى بيها للخنازير التى تتربص له منذ أن يمسك بالجوال فى يده وتبدأ بإصدار أصوات يترجمها رجائى أنهم فرحانين لأنهم سيأكلون.
"راجى" يعمل فى تربية الخنازير منذ 7 سنوات لا يعرف مهنة غيرها ومعه الطفل أيمن الذى ظل يجرى وراء الخنزير، ويلعب معه مرتديا تيشرت أصفر وبنطلون جينز لا يظهر لونهما من طينة الخنزير، وهلّ علينا تملأ وجهه الابتسامة، قائلا: "أنا باجى هنا كل يوم لوحدى وبأكل الخنازير وبلعب مع الصغيرين منهم وعمرى ما جالى أنفلونزا ولا عييت أنا اتعودت عليهم ومصاحبهم ويوم ما يدبحوا خنزير صحبى باعود أعيط واحزن عليه ما أنا كل يوم بجيله ألعلب معاه واكّله وساعات أجيب صحابى ونتسابق مين يمسك خنزير الأول ونضحك ونلعب".
















