لم يعد هنا هناك ثوابت فى المشهد المصرى بين الأطراف المتنازعة حتى الخوف على كيان الوطن وتماسكه لم يعد على درجة واحدة وأرض مشتركة يمكن أن يبدأ منها حوار توافقى يخرج الدولة من حالة الغضب والكره بين أفراد المجتمع، بسبب ما خلفته لنا السياسة من أحقاد وما أفرزه لنا تيار الإسلام السياسى من حالات تكفير للمجتمع، وما أحدثته تيارات ثورية من حالات احتكار للفظ الوطنية وحصره عليها فقط ومن يؤمن بأفكارهم فقط !
بافتقادنا للثوابت فإننا نرى بأعيننا الوقائع التى لا خلاف عليها، فالقتل واستهداف المدنيين ورجال الشرطة والجيش لا يمكن وصفه بأنه فوتوشوب لأن للدم رائحة فى الأنف وحزن فى القلب وأسئلة فى العقل تهتف ولماذا؟!
وماذا بعد حسرات قلوب الأمهات وبكاء الأطفال على الآباء وهل ساهمت الحلول الأمنية للسلطة الانتقالية على حماية من قتلوا رغم تقديراتنا وألمنا على شهدائنا منهم من إخواننا الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن والواجب ؟
هل ساهمت المسيرات التى دعا إليها تحالف دعم الشرعية فى عودة الرئيس المعزول محمد مرسى أو غيرت أى شىء فى قضيتهم وسقوط ضحايا منهم يشعرنا بالخجل والأسف ونحتسبهم أيضًا عند الله شهداء وندعوه أن يتقبلهم كذلك ؟
السؤال العجيب ولماذا لا يفكرون جميعًا فى أن حقن الدماء مقدم على ما سواه من أى مسمى يمكن أن يحارب تحته أى طرف من الأطراف التى اتسعت وأصبحت تضم فئات الشعب جميعًا وأصبحنا بدائرة الخطر فى تحول الصراع السياسى إلى صراع اجتماعى تاريخى سيمتد لأجيال قادمة داخل الأسرة المصرية الواحدة وليس بين الجيران ولا بين العائلات!
معنى ذلك أننا أصبحنا نسير في طريق اللاعودة فلا السلطة الانتقالية المؤقتة تستطيع التراجع للغطاء الشعبى الواسع لها ولإجراءاتها فى محاربة الإرهاب الأسود والذى للأسف لم ينجو منه بعض الأبرياء الذين دخلوا دائرة التصنيف وهم مساكين في الحقيقة لم يحملوا سلاحا لكنهم عوقبوا لمجرد إبداء رأيهم في الشارع عبر الغاز المسيل للدموع وعبر رصاص حي ينفي كل طرف من الأطراف إطلاقه ويرمي بالتهمة على الآخر وحتى شهداء الشرطة والجيش يتبادل الطرفان إلقاء التهم وكأن المنطق يدير ظهره للعقل خجلا من بنى البشر !!
وكذلك لا يستطيع أنصار الرئيس السابق العودة وهم يعتبرون أن العودة خيانة للدم وللثورة على حد تعبيرهم لكنهم نسوا فيما يبدو أنهم أول من أهانوا الثورة بعد أن تخلوا عن شبابها وتركوهم في الميادين وضيقوا عليهم عندما كانوا يهتفون بسقوط حكم العسكر ويبدو أن غضب شبابهم أكبر من أن يتم احتواؤه من قيادات لا تملك فى يدها الماء ولكن تملك البنزين الذي يزيد النار اشتعالا وكأن الطريق بين طرفين هو اتجاه واحد تصادمي يسير بطريقة الإجبار ولم يعد الاختيار في متناول أيا منهما .
مما لا شك فيه أن الرهانات التي يتم الرهان عليها في الساحة المصرية ليست هي الأفضل وتتلبسها حالة الإنكار لواقع الشارع الذي تخلى عن الجماعة في الميادين، بعد أن كان يصب ورقة في صالحهم في الصندوق الانتخابي في الاستحقاقات السابقة وبعد خسارتهم في نقابة الأطباء وسحب الثقة منهم في نقابة المهندسين وبعد نزول ما يقرب من 20 مليون مصري ليعطى شرعية جديدة للنظام القائم فإنه يتوجب علي جماعة الإخوان وأنصارهم أن ينتبهوا انه بدون غطاء شعبي لهم فإن عليهم أن يتوقفوا عن التظاهر حتى يتبين براءتهم من التفجيرات والقتل الغادر الذي يحدث في الشارع ويستهدف الأبرياء وألا يظهروا وكأنهم ينالون غطاء دمويا في قضيتهم الخاسرة !
عليهم أن يتوقفوا عن إهانة الشعب الذي قالوا عنه ما قالوا وأن يتوقفوا عن إهانة سيدات مصر اللاتي نزلن ووقفن في الطوابير لدعم الدستور الجديد وعليهم أن يتوقفوا عن بث الشائعات التي تزيد هذا الشعب غضبا وحنقا عليهم وعليهم أن يتوقفوا عن إهانة مؤسسات الوطن من قضاء وجيش وشرطة وأزهر وكنيسة وإعلام وشخصيات عامة لم يسلم منهم حتى من كانوا يوقرونهم في السابق!
وأيضًا يجب على السلطة الانتقالية أن تتوقف هى الأخرى عن استغلال هذا الدعم الشعبي لها وتقيد الحريات وتعتقل النشطاء وحتى وإن كانت تثار حول بعضهم الشبهات فليس من الحكمة أن يتم إشعال النار ونحن في أمس الحاجة للهدوء والحقيقة ينبغي أن تقال بأن تلك السلطة لم تنتصر لأهداف الثورة وأصدرت قانونا للتظاهر كانت هي في غنى عنه وسمحت على الجانب الآخر لرموز مبارك للتسلل للحياة السياسية مرة أخرى ولم يكن هذا هو المتوقع منها وكانوا عليهم فقط أن يتركوا الأمور كما هي ومن المؤكد حتما أن أمورهم كانت ستكون أفضلا حالا مما هي عليه الآن لأنهم أتوا بغطاء شعبي واسع لكنهم فيما يبدوا قد خسروا بعض هذا الغطاء بسبب الإجراءات غير المفهومة من جانبهم !
لاشك أن الدرس انتهى لكن لم يفهم الجميع شيئا ولم يفهم الإخوان أن الشعب طوى صفحتهم للأبد ولم تفهم السلطة المؤقتة بأن سياسة التضييق على الحريات لا تصنع أمنا ولا مناخا يسمح بالعمل ولم يفهم الشعب نفسه بأن السياسة أصبحت لعبة محرضة على الكراهية وفقدان الأصدقاء ومحبة الأقارب ولم يعد يتبقى لنا سوى أن نراهن فقط على كيان هذا الوطن وبقاؤه وإن رغب البعض في الهدم فالمعركة القادمة لاشك هي معركة أمن وسلامة الوطن وتعافيه بعد سنوات حلوة ومرة من الحراك الثوري في الشارع ومن الإنهاك لمقدرات الوطن وتوقف عملية الإنتاج ومصادر الدخل للدولة والاكتفاء فقط بالاستهلاك من المدخرات والقروض التي لن تزيدنا إلا عبئا في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي نمر بها !
لم يعد أمامنا سوى الاعتراف بمهارتنا الشديدة في الإخفاق وعدم التعلم من الدروس رغم أننا اكتوينا بنارها مطبقين بذلك القاعدة التي تقول تكرار نفس الأخطاء وتوقع نتائج مختلفة، لكن الحقيقة أننا لا نعتبر من نفس النتائج المخيبة للآمال التي تحدث لنا كل مرة !
محمد عبد المجيد يكتب: انتهى الدرس ولم يفهم الجميع !
السبت، 01 فبراير 2014 12:02 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احسان محمد على شنور القزاز
لم يفهم الجميع لعدم كفائه من يعلمهم وهم اساتذه الجامعات