لم ينس الكويتيون دور مصر فى وضع حجر أساس نهضتها، فى جميع المجالات، ويتذكر المصريون ما قام به الأشقاء، من دور عظيم فى حرب أكتوبر 1973، حين قطعوا إمداد الغرب بالنفط، وصولا للفداء بالنفس، فى ذات الملحمة البطولية، ليس ذلك من باب رد الجميل، إنما هى تداعيات منطقية، أفرزتها علاقات أخوية متينة، كان من أبسط مفرداتها هذا التضامن اللامحدود بين الشعبين، ليخط به الدولتان، تاريخا من المحبة، يظل شامخا، قوامه صداقة قوية، تربط بينهما حكومة وشعبا.
مع بدايات القرن الماضى، وتحديدا عام 1913، كانت أول مدرسة للتعليم، فى القطر العربى الشقيق، بمدرسين مصريين، منهم الشيخ حافظ وهبه، فتعلم الكويتون، كل صنوف العلم تقريبا، على أيدى معلمى أرض الكنانة، مزجوا فيما بينهم الود والتآخى، الذى فرضه اتفاقهم على دين ولغة واحدة، فزادت العلاقة متانة، لتظل بشموخها باقية طول الزمن.
استضافت قاعة ضيف الشرف فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، المفكر ورئيس تحرير مجلة العربى الأسبق الدكتور محمد الرميحى، فى لقاء بعنوان "الحياة الفكرية فى الكويت والدور المصري"، وأدار اللقاء الكاتب الكبير محمد المنسى قنديل.
وقال الرميحى: الكويتيون اهتموا بقضيتين، أولهما علوم الدين، وثانيهما علوم الملاحة، كان شغفهم بالأولى نابع من كونهم مسلمين، واهتمامهم بالثانية من باب أنها حرفتهم ومصدر قوتهم الرئيس بعد النفط، وأضاف: أن الفضاء الثقافى الكويتى بدأ مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهذا الفضاء الابداعى وأيضا الروحى ساعد المصريون فى خلقه.
وذكر أنه فى بداية القرن الواحد والعشرين وبالتحديد عام 1913 بدأت عمل أول مدرسة فى الكويت، ساهم تجار من البلد فى إنشائها، وكانت المدرسة الثانية عام وهى الأحمدية 1921، ووجودها كان سببا فى تاريخ الوطن، حيث كانت المدرسة الأولى تقليدية، وكان بالمدرسة الثانية شخص يدعى الشيخ حافظ وهبة وهو مصرى جاء للكويت وقام بمحاولة التعليم والتدريس فى مدرسة الأحمدية.
ولا ينس الكويتيون وبالذات جيل الأوائل منهم، اسم حافظ وهبة خالدا بالنسبة لهم، وكان يطبب أيضا وكانت هناك لصقة تسمى "لزقة وهبة"، أيضا استقبلت القاهرة عددا من الطلاب الكويتيين، واستضافت قبل ذلك فى الكويت محمد رشيد رضا وهو لبنانى، لكنه عاش وتعلم وناضل هنا فى مصر وهو أحد طلاب محمد عبده.
وذهب المصريون إلى الكويت فى بعثات للتدريس، فى منتصف الثلاثينيات، تحت رعاية طه حسين، حيث كان وزيرا للمعارف آنذاك، فعلموا الكويتيين وقاموا بالمهمة على أكمل وجه، وأضاف: أن أغلب الكُتّاب الكويتيين تعلموا على يد مصريين، أمثال عبد العزيز حسين وأحمد العدوانى، وللمصريين دور كبير فى نشر الصحافة بمفهومها الابداعى والمهنى فى الكويت، يلاحظ أن تاريخ نزوح طلاب الكويت لمصر، طلبا للعلم، بدأ من الربع الأول فى القرن الماضى.
حيث بدأت بعض الشخصيات الكويتية تلتحق فى الجامعات المصرية، وفى النصف الثانى من الأربعينات زاد عدد الدارسين الكويتيين وأصدرت مجلة البعثة، التى كتب فيها عن كيفية تأثير التنوير المصرى على التنوير الكويتى.
ونظم مجلس المعارف مركز ثقافى عام 1959، وعلى الجانب الآخر ذكر الرميحى أن مصر فى بداية السبعينيات مرت بأزمة ثقافية وأقفلت كثير من المجلات، فبعد افتتاح جامعة الكويت عمل بها كثير من المصريين، منهم رئيس الوزراء المصرى حازم الببلاوى وأيضا يحيى الجمل وتم عمل دراسة عن الدستور المصرى، وذكر أن الأزمات السياسية التى حدث فى مصر من بدء الثورات الأخيرة، افتعلها المتشددون.
مضيفاً أن الحركة المسرحية الأقدم كانت فى الكويت، وبدأها المدرسون المصريون على خشبة مسرح المدارس، وبعدها نهضت الحياة المسرحية فى الكويت، وذكر أن مجلة العربى تعتبر ركيزه ثقافية، ينهل منها كل أبناء الوطن العربى، وختم الرميحى لقائه بقوله: ستظل العلاقات بين مصر والكويت قوية، متينة، لن ينال منها أى دخيل، ومهما تحايل على إفسادها، فلن يكون مصيره سوى الفشل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة