محمد أسامة هاشم يكتب: عندما يكون الفساد أسلوب حياة

الجمعة، 05 ديسمبر 2014 08:02 ص
محمد أسامة هاشم يكتب: عندما يكون الفساد أسلوب حياة ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لتقييم فترة حكم أى رئيس فى الدول ذات الأنظمة المستقرة للحكم، حيث عادة تتراوح الفترة الرئاسية بين أربع أو ست سنوات ويحق للرئيس الترشح غالبا لفترتين فقط، يتم الرجوع إلى البرنامج الانتخابى ومقارنته بما تم تحقيقه فعليا ويشعر به المواطن كما يتم الرجوع إلى البيانات الحكومية التى لا تجامل السلطة على حساب الشعب أو إلى بيانات المنظمات الخاصة فيتم مقارنة معدلات البطالة والفقر والنمو والتعليم قبل تولى الرئيس المسئولية بالمعدلات فى نهاية الفترة الرئاسية، (كما يتم تسجيل ومقارنة تلك المعدلات نهاية كل عام على سبيل المثال لتدارك أى خلل فى التنفيذ يستلزم من الرئيس التدخل لتعود الأمور لنصابها الصحيح) وبالتالى يكون الحكم على الرئيس موضوعيا ومبنيا على حقائق.

أما فى الدول غير الديمقراطية حيث لا حدود لعدد الفترات الرئاسية بالنسبة للرئيس ولا ينتهى فيها حكم الفرد إلا بالوفاة أو الاغتيال أو التوريث أو الثورة مثل فترة حكم مبارك التى استمرت ثلاثين عاما، فمن الصعب الوصول لحكم عن طريق بيانات أو معدلات نمو وبطالة لأن معظم أجهزة الدولة تقوم بتجميل البيانات لتجمل وجه النظام لذلك يصبح الحكم ناتج من رؤية كل فرد للواقع ومدى معايشته ومعرفته للأحداث ومدى تأثير النظام على حياته بالإيجاب أو بالسلب، ومع فترات الحكم الطويلة تتسرب طريقة إدارة الرئيس وقناعاته لوزرائه ونظامه ثم إلى أصغر الموظفين فى النظام ثم إلى المواطنين بالاحتكاك مع النظام أو بالتلقى من الإعلام، على سبيل المثال فى عهد جمال عبد الناصر كانت القومية العربية أساس حكم ومواقف عبد الناصر لذلك نشأ جيل كامل وبداخله قناعه وفخر بالقومية العربية.

وإذا حاولنا أن نطبق النظرية لنختبر صحتها على عصر مبارك بمحاولة إيجاد أبرز سمات العصر وتتبع نموها بداخلنا سنجد أن الفساد أكثر الصفات ارتباطا بعصر مبارك، فبسؤال معارضى مبارك عن أبرز سمات عصر مبارك؟ فالإجابة الفساد وكيف أن مبارك ونظامه تعمدا إفساد الحياة السياسية والاجتماعية، وبسؤال مؤيدى مبارك هل عصر مبارك عصر فساد؟ لن يجرؤ أحد بالطبع على نفى تهمة الفساد عن العصر ولكن أقصى ما يمكن إدعاؤه أن حاشية مبارك وأعوانه السبب فى الفساد أو أن الرجل لأحيله له وكيف تم خداعه من المحيطين به، وهذا الادعاء أيضا فيه اتهام لمبارك بالسكوت والتستر على الفساد لذا سواء كنت من مؤيدى مبارك أو معارضيه ستجد أن الفساد أبرز سمات حكم مبارك سواء بالمشاركة فيه أو السكوت عنه.

ويبقى السؤال هل فعلا تشرب الشعب المصرى من مبارك فساده؟

أعتقد أن بالنظر وملاحظة الأمور اليومية العادية فى حياة كل مصرى الإجابة نعم، فالفساد ليس بالضرورة أن يكون مخالفة كبيرة لها تأثير كبير كسرقة أراضى الدولة أو نهب أموال البنوك أو حتى تزوير انتخابات ولكن مجرد ركن السيارة فى مكان مخصص للمعاقين فساد ودفع جنيهات قليلة لسرعة إنجاز الأوراق فساد وغير ذلك من الممارسات التى تعودنا على فعلها على سبيل الذكاء والفهلوة بدون الالتفات لصوت الضمير.

وفى اعتقادى أن أغلب المصريين خالفوا القانون بشكل أو بأخر حتى ولو فى أصغر الأشياء كالتدخين فى أماكن ممنوع بها التدخين كالمواصلات العامه مثلا ومن كان سعيد الحظ ولم يتعرض لموقف يجعله يخالف ضميره والقانون طوال حياته فبالتأكيد رأى قريب أو صديق أو زميل أو جار يخالف القانون وتستر عليه بالسكوت.

لذلك أعتقد أن حكم مبارك ليست مجرد فترة زمنية فى تاريخ مصر لها مالها وعليها ما عليها بل تحولت إلى ظاهرة سلبية نشأ وتربى عليها جيل جديد بأكمله وتعايش واكتسبها الجيل الأكبر سنا واكتسب المصرى القدرة على التحايل على القوانين فى أبسط الأمور ودفن الضمير تحت تلال المشكلات اليومية، وبعزل مبارك وتغيير النظام حتى وإن سنت قوانين رادعة للحد من الفساد سنحتاج لفترة طويلة لنتخلص من رواسب حكم مبارك ويعود الحكم الأول بداخل الفرد لضميره.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة