طريق يبدأ بنزوة فمعصية وكثيرًا ما ينتهى بجريمة قتل، كما تكشف ملفات الجرائم بوزارة الداخلية، والمأساة أن الضحايا كثيرًا ما يكونون رضعًا لم يقترفوا ذنبًا أو يجنوا إثمًا، لكن هذا ما جناه عليهم آباء تجردوا من المشاعر.
ولا يقتصر الخطر على الزواج السرى، فهناك "العرفى السرى" أى الذى لا توثقه أوراق رسمية، والذى ينتهى بوضع أطفال ينكرهم الأب ولا ترق لهم قلوب الأمهات فيكون مصيرهم "صناديق القمامة" أو الأرصفة والملاجئ.
"المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية" أجرى قبل نحو عامين دراسة ميدانية بعنوان "الزواج العرفى السرى بين طلبة الجامعات" للتعرف على تصورات الشباب الجامعى حول مفهومى الزواج العرفى الصحيح والزواج الشرعى ومدى الوعى القانونى والدينى لدى عينة الدراسة من طلبة الجامعات، وذلك فى محاولة للوقوف على العوامل المؤدية لحدوث تلك المشكلة والآثار الناتجة عنها.
وتم اختيار عينة الدراسة بطريقة عشوائية منتظمة فى بعض الجامعات المصرية الحكومية والخاصة والمعاهد العليا، منها "جامعات القاهرة وعين شمس وحلوان والإسكندرية بنها والمنوفية والمنيا والفيوم وأكاديمية الإعلام والأكاديمية البحرية والأكاديمية الحديثة".
وأسفرت النتائج التى أجريت على 2616 طالبًا وطالبة عن تخبط الرؤية لدى معظم الطلبة والطالبات بين مفهوم الزواج العرفى الصحيح والزواج العرفى سريًا، وتبين لمعدى الدراسة أن من عوامل "الزواج العرفى" بين طلبة الجامعات سببه الأول "البطالة" وافتقاد الأسر لمتابعة أبنائهم، وانخفاض التفاعلات الاجتماعية، وارتفاع تكاليف الزواج، والمشاهدة المستمرة لوسائل الإعلام الحديثة وما تبثه من مواد إعلامية حول هذا الموضوع، وكشفت الدراسة عن أن نسبة الشباب، الذين تزوجوا عرفيًا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و23 سنة، وتصل نسبة الرجال منهم لـ37% والفتيات لـ42% تقريبًا.
إحصائية أخرى صدرت عن وزارة التضامن الاجتماعى، أكدت أن حالات الزواج العرفى، التى تم حصرها بين الطلاب والطالبات فى مختلف الجامعات المصرية بلغت نحو 130 ألف حالة، وأوضحت أن هناك 14 ألف طفل مجهول النسب نتيجة تلك الكارثة الأخلاقية.
كما كشفت دراسة أعدها "المجلس القومى للسكان" بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بمصر عام 2005 عن أن عدد حالات الزواج العرفى فى مصر تزيد على 400 ألف حالة سنويًا بدون إعلان وإشهار، بل ويكتب عقد الزواج على ورق المحاضرات والدروس الخصوصية، وحملت الدراسة فى طياتها عددًا من وسائل الإعلام المرئى مسئولية الارتفاع الملحوظ فى تلك الظاهرة، وذلك لإقبال الشباب على الزواج العرفى عقب ما يشاهدونه فى الأفلام والمسلسلات والكليبات وما تحتويه من مشاهد مثيرة محركة للغرائز، حيث إن الشباب لا يجد طريقا للتنفيس عن غريزتهم المكبوتة سوى بتلك الظاهرة "الزواج العرفى" خوفا من الحرام – حسبما يعتقدون.
ومازالت الكارثة تدق أبواب المجتمع المصرى، حيث عثر أحد أصحاب محلات الصاغة، صباح اليوم الخميس، على طفل رضيع ملفوف داخل بطانية أمام المحل الخاص به فى منطقة الجمالية، فالتقطه وتوجه به إلى ديوان القسم، وقام رجال المباحث بمجهودهم للوصول إلى هويته وسبب إلقائه فى الشارع، فتبين أن والدته تزوجت عرفيًا من أحد جيرانها وعندما حملت منه سفاحًا، قررت التخلص من طفلها وألقته أمام محل الصائغ، حتى تتخلص من الفضيحة، ولا ينكشف أمرها أمام أسرتها وجيرانها، وتلك الكارثة تتكرر بصورة يومية.
أطفال رضع عثر عليهم الأهالى فى الشارع، سواء كانوا على قيد الحياة أو متوفين.
أما الحكومة المصرية ووزارة التضامن الاجتماعى فلم تتحرك خطوة واحدة للأمام، للحد من الظاهرة، أو اتخاذ طريق وخطط ممنهجة لردعها، إما بحملات توعية دينية فى وسائل الإعلام توضخ خطورة وحكم ذلك النوع الكارثى، الذى يسمى "زواج عرفي"، ويبقى السؤال الأصعب يواجه الجميع يوميًا، متى ستنتهى تلك الكارثة وتتحسن الأحوال وتصبح تسهيلات الزواج أبسط من التى نواجهها فى حياتنا، حتى لا يقع شاب أو فتاة فى تلك الكارثة وتواجه خطر الفضيحة أو المعصية أو قتل طفلها، الذى لا حول له ولا قوة، وكل ذنبه أنه جاء نتيجة زواج سرى محرم فى الكتب والأديان السماوية.
رضيع عثر عليه متوفى داخل القمامة بالمعادى
طفل رضيع عثر عليه الأهالى داخل حديقة بالقاهرة
طفل رضيع عثر عليه داخل كرتونة فى الغردقة
طفل رضيع عثر عليه متوفى
