شريف سعيد

ممارسة الثقافة السرية

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014 07:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مدرسة السلام الإعدادية للبنين بالقاهرة عام 92، كان زميلى "فارس" الجالس فى آخر الفصل، قد انتهى على سبيل التسلى من رسم صليب مزخرف بالطباشير الأبيض على دكته الخشبية، وبغض النظر عما دفع فارس لرسم صليب على دكته، فإن رد الفعل كان عنيفا، عدنا من الفسحة لنجد الصليب المرسوم على الدكة، وقد غُطى تماما ببصق الطلاب!! لن أنسى ملامح فارس حين فوجئ بهذا المشهد، تلك القصة وأمثالها قد تكون طبيعية جدا وغير صادمة، إن قمنا بمحاولة لتتبع الجذور.

الرياح الوهابية.. التى هبت على مصر مع بدء سفر أولاد البلد عقب حرب 73 إلى الخليج، ليعودوا على هيئة غير الهيئة، جاءوا من هناك بالفيديو والكاسيت والمروحة وبين جنبات شنطهم ما يُطلق عليه (الشريط الإسلامى)!! هذا الشريط الذى حمل أساطير صوتية لمشايخ الوهابية عن مخازن السلاح أسفل الكنائس تحسبا ليوم موعود تتحرر فيه مصر من المسلمين!! فضلا عن (أسود مفترسة) بأقفاص سرية، يُلقى إليها الرهبان بأجساد النصارى الذين يشهرون إسلامهم!!

السموم الأسرية.. بعضهم داخل البيوت حين يتحدثون عن المسيحيين أمام صغارهم يقولون (كفرة أو كفاتسة أو أربعة ريشة) إلى آخر تلك المرادفات العنصرية لكلمة مسيحى! ويُحفظون هؤلاء الصغار أن القساوسة يرتدون اللون الأسود حزنا على دخول الإسلام مصر! ليس هذا فحسب، بل ويحذرون أطفالهم من الأكل المشترك مع زملائهم المسيحيين بحجة أنهم يخلطون طعامهم بفضلات القساوسة طلبا للبركة!!

التعليم الطائفى.. هذا الذى تفاجأ فى كتب تاريخه بأن عمرو بن العاص - رضى الله عنه - قد فتح مصر عقب انتحار كليوباترا! لا أدرى أى آلة للزمن تلك التى قفزت فوق مئات السنوات المصرية المسيحية وتجاهلتها! لو درس الطلاب التاريخ القديم لأجدادهم، لو لم تكن مادة التربية الوطنية لمجرد الديكور التعليمى، لو عرف هؤلاء دور القمص سرجيوس، الذى اعتلى منبر الأزهر فى ثورة 19، لربما كانوا قد مسحوا الصليب المرسوم على دكة فارس دون البصق عليه!

كل ما سبق وغيره - مثل الإعلام الأمنى.. الذى لعب بنار الطائفية فى إطار معادلات الشد والجذب بين النظام والكنيسة فى سنوات عصر مبارك - راكم (ثقافة سرية) مغايرة لطبيعة المصريين، ثقافة أخرى يمارسها (المسلمون والمسيحيون) خلف جدران بيوتهم، صورة مختلفة عن صور إفطار الوحدة الوطنية، مبالغة الإعلام فى الحديث عن تسامح المصريين أقرب إلى من يوارى التراب أسفل السجادة لإثبات أن الأرض نظيفة!! ولعلاج ما طرأ علينا بالعقود الأخيرة نحتاج إلى صراحة قاسية من أجل التغيير، ذلك عبر الأسرة والتعليم والإعلام، لن أفقد الأمل بالتغيير، بدليل أن مجموعة أخرى من الزملاء فاجأت فارس فى صباح اليوم التالى برسم صليب بديل له، وبالطباشير الملون.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

هذا نذير الجهل وتزوير التاريخ وترويج مزاعم الشيطان

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مطلوب الوعى - ثقافة فرق تسد هى ثقافة الطغاه والفاسدين

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

علي سليمان

اتساع الأفق دليل نور النفس

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد عبيد

lمقال جميل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة