يارا شامل تكتب: هــل تستـطيع التحكم بشراع السفينة؟!

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014 02:11 ص
يارا شامل تكتب: هــل تستـطيع التحكم بشراع السفينة؟! شخص ناجح - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن".. عندما يقع على مسامعنا هذا البيت، نشعر وكأن شيئا ما ينبهنا إلى أن الأمانى التى نتمناها يمكن أن نخسر بعضها ويضيع دون تحقق، مما يبعث فى النفس الخوف والقلق من المستقبل والآتى.

ولكن إذا نظرنا للأمر من خلال بعد آخر سنجد أن المقصود ليس بعث الخوف والتشاؤم فى النفس وإحباط الأمانى، وإنما يقصد تقوية العزيمة والإرادة وإيقاظ روح الصبر والمثابرة على العمل أو الأمنيـة التى نتمنى تحقيقها، فعندما يتعذر الوصول إلى هدف ما، فإن ذلك لا يعنى تغيير الهدف وإنما يعنى تغيير الوسيلة المستخدمة لبلوغ الهدف، فعلى سبيل المثال عندما يحاول أحد منا فتح باب ما مستخدما مفتاحاً عادياً لفتحه، ولكن يأبى الباب أن يفتح بهذا المفتاح، فهل يعنى ذلك أن أغير الباب بأكمله؟!، أم أقوم بتغيير المفتاح وتجربة آخر؟، كذلك هو الحال عندما يتعذر وصولى إلى هدف ما أتمنى بلوغه، فإن على تغيير الوسيلة أو الطريق للوصول للهدف وليس تغيير الهدف كاملاً.

وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن أن ننكر أن هناك بعض الأهداف صعبة المنال والتى لا يمكن إدراكها بسهولة، لكن لا يمكن أيضاً إنكار أن الإرادة والعزيمة تقهر المستحيل، وبالطبع أقصد الإرادة المقترنة بالفعل والعمل وليس الإرادة المجردة، "فما نيل المطالب بالتمنى * ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً" فإذا أراد إنسان بلوغ هدفه فعليه أن يبذل قصارى جهده ويفعل ما بوسعه لتحقيق الهدف الذى ينشده وإلا لا يبكى عليه إن ضاع منه.

فقد قال السلف قديماً "من جد وجد" و"من زرع حصد" وأيضا "إنك لا تجنى من الشوك العنب"، فكلها حكم وأقوال قديمة ومأثورة لكن يتضح منها أن ليس هناك جهد لا يتبعه نتيجة طيبة، فالشخص الجاد الذى يقوم بعمله بجدية ودون تهاون سيجد النجاح والتوفيق حليفه، فالزارع حين يزرع أرضه كما ينبغى يحصد نتيجة تعبه وعرقه محصولاً جيداً، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!.

فيقول تعالى: "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً"، لذلك لا ينبغى النظر إلى البيت السالف ذكرة بنظرة تشاؤمية.
وإن حدث ذات يوم ولم يتحقق حلم لنا أو أمنية كنا نتمنى تحقيقها، فلماذا حينئذ ننظر للأمر وكأنه النهاية وكأن لا يوجد أى طريق آخر أو بديل يمكن من خلاله بلوغ هذا الهدف أو هذا الحلم؟.

فعلى سبيل المثال، إذا كان الهدف لأحد الأشخاص هو بلوغ درجة علمية معينة ولم يوفق بها، لما اليأس حينها وعدم تكرار المحاولة مرة أخرى؟.

وإذا كان الهدف الالتحاق بكلية معينة ولم يتم التوفيق لذلك وتم الالتحاق بغيرها لما لا نحاول القيام بدراسة مجال الكلية التى كنت أفضلها وأرغب فى الدراسة بها بطريقة أو بأخرى، كذلك حلم شغل وظيفة معينة أو العمل فى جهة معينة ولم يتم بلوغ الغاية المطلوبة، فلما لا نقوم بتكرار المحاولة حتى ولو لعدة مرات ولكن مع مراعاة الأخطاء المرتكبة فى كل مرة سابقة قد تكون سببا فى عدم بلوغى لغايتى المنشودة.

وحتى إن كان الإخفاق أو عدم التوفيق بمعنى آخر، فى أمر شخصى أو حتى على الصعيد العاطفى، فإن ذلك لا يعنى أبدا أنه خط النهاية الذى لا طريق بعده.

فكل ما سبق أمثلة من واقعنا الحقيقى وحياتنا اليومية، ولكن للأسف الكثير من الناس يقف عند مرحلة معينة، ولا يفكر أو يلاحظ أن هناك إمكانية للاستمرار، معتبراً أن إخفاقه أو عدم توفيقه فيما كان يتمنى هو كلمة النهاية للحلم الذى تمناه، بل موعد إسدال الستار على حياته بأكملها فى بعض الأحيان، بالرغم من أنها قد تكون البداية لقادم أجمل، وإعادة استكشاف الذات، فالفشل ليس نهاية الكون و إنما هو عملية تعرف على طريقة خطأ لا تؤدى إلى بلوغ الهدف المنشود مما يجعل عملية الاقتراب إلى الطريق الصحيح أكثر قرباً و نجاحاً.

وهنا يتولد سؤال طارحٌ لنفسه، ينبغى أن يسأله كل شخص منا لنفسه، خاصة إذا تعرض لمحاولات فاشلة أو تعذر عليه الوصول لهدفه أو حلمه ألا و هو "هل أنا على استعداد حقيقى أن أصل لهدفى؟؟ وإذا كنت كذلك هل لدى القدرة على تحمل متاعب عملية البحث عن الطريق الصحيح المؤدى للهدف، وعدم الإكتراث بالفشل إلا فى الاستفادة منه؟".

فإذا كانت الإجابة بـ"نعم" فهذا يعد مؤشراً جيداً على إمكانية النجاح فى الوصول للحلم المنشود وبعد وقت قصير، أما إذا كانت الإجابة بـ"لا"، فعلى الشخص صاحب هذه الإجابة أن يعيد ترتيب أوراقه وأن يعلم جيداً أن ليس دائما الفشل هو آخر المطاف، فأحياناً كثيرة يكون هو خط البداية لانطلاقة كبيرة، فالسهم حتى يصيب الهدف و يسدد رمية قوية لابد أن يعود للوراء حتى يمكن إطلاقه.

لذا إذا كانت الرياح قد جاءت بما لا تهوى السفينة، فمما لا شك به أن السفن لم ولن تستطيع التحكم بالرياح، ولكن الأكيد أنها تستطيع التحكم بشراعها و توجهه حيث ترغب.

فهل تستطيع التحكم بشراع السفينة؟؟.. أنت سيد القرار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة