الفكاهة ممتدة فى جذورنا.. الفراعنة أول من عرفوا السخرية.. واعتقدوا أن العالم خُلق من الضحك.. واتخذوا الإله "بس" رمزًا للفكاهة.. وكتبوا النكات على جدران مقابرهم.. و"توم وجيرى" أصلها مصرى

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014 10:08 م
الفكاهة ممتدة فى جذورنا.. الفراعنة أول من عرفوا السخرية.. واعتقدوا أن العالم خُلق من الضحك.. واتخذوا الإله "بس" رمزًا للفكاهة.. وكتبوا النكات على جدران مقابرهم.. و"توم وجيرى" أصلها مصرى آثار المصرية – أرشيفية
كتبت آلاء عثمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشعب المصرى معروف عنه أنه شعب خفيف الظل، يحب الهزل والفكاهة والسخرية، حتى فى أشد لحظات حياته السيئة، وهذه السمة متأصلة فينا منذ قديم الأزل، ورثناها عن أجدادنا قدماء المصريين، إذ كان معروفًا عن الحضارة المصرية أنها واحدة من أغنى الحضارات وأكثرها تطورًا فى مجال الفكاهة والسخرية، حيث يظهر فيها الهزل فى كثير من الموضوعات سواء من الحياة اليومية، أو الأساطير، وقد جمعت الباحثة عزة عزت، بعضًا من المواقف الفكاهية والساخرة فى مقال منشور بمجلة ذاكرة مصر التى تصدر عن مكتبة الإسكندرية، تؤكد فيه أن قدماء المصريين كانوا شعبًا خفيف الظل، ومسليًا لأقصى درجة، وأنهم أول من استخدموا روح الدعابة والسخرية للتعبير عن حياتهم.

ونظرًا لعشق المصريين القدماء للفكاهة والضحك، فيقال إنهم اعتقدوا أن العالم خلق من الضحك، فحين أراد الإله الأكبر أن يخلق الدنيا أطلق ضحكة قوية فظهرت السماوات السبع، وضحكة أخرى فكان النور، والثالثة أوجدت الماء إلى أن وصلنا إلى الأخيرة خلق الروح.

وبينما كانت النكتة المكتوبة قليلة أو حتى نادرة، كانت النكتة المصورة على العكس من ذلك شائعة، وأكثر وأقوى تعبيرا فى مجتمع معظمه لم يكن يكتب أو يقرأ.

السخرية والفكاهة فى مقابر مصر القديمة

ومن أبرز الشواهد التى تدل على الحس الفكاهى لدى المصريين، وجود مناظر على جدران المعابد المقابر تحتوى فى مضمونها على مواقف مليئة بالدعابة والسخرية، حيث امتلأت المقابر بالصور التى تعبر عن روح الدعابة، والفكاهة، فكانوا يكتبون عليها النكات، ويرسمون صورًا مبهجة ومرحة، وهو ما يظهر أنهم سمحوا بوجود الإبتسامة حتى فى أماكن دفنهم.

"بس" إله الضحك والمرح عند المصريين القدماء

ونظرًا لاهتمام المصرى البالغ بالفكاهة والهزل، فقد خصصوا إلهًا للضحك والمرح وهو الإله "بس"، والذى كان يصور على هيئة قزم منتفخ الوجنتين، وله ذقن تشبه المروحة، وترتسم على وجهه علامات الوجوم لتثير الرعب فى نفوس الأشرار، وكان يحظى بشعبية كبيرة من خلال الدولة الحديثة.

أشهر المواقف الفكاهية من الحياة الاجتماعية المصرية

كما ظهرت الرسوم الكاركاتورية التى تسخر من الحياة الاجتماعية آنذاك سواء المناظر الخاصة بالزراعة، أو عند الإفراط فى الشراب، أو بسبب كسل الحراس، أو أثناء العمل بين عمال البناء، وكذلك فى المشاهد الخاصة بالحلاقة، وقد وصلت الفكاهة إلى قمتها فى عصر الملك إخناتون، نظرًا للحرية الشديدة فى التصوير.

ومن ضمن هذه التصويرات الساخرة من الحياة الاجتماعية آنذاك، ذكرها الدكتور زاهى حواس فى مقالة له سابقًا، متحدثًا عن رسمةٍ على الجدران يصور راعيًا شديد النحافة بصورة مبالغ فيها، حتى ليكاد يقترب شكله إلى الهيكل العظمى، وقد صور هذا الراعى المسكين وهو يجر بقرة ثمينة بصورة مبالغ فيها؛ وقد امتلأ ضرعها باللبن حتى ليكاد يلامس الأرض، وبالطبع، المعنى واضح، فهذا الراعى البائس رغم كونه يرعى مثل هذه البقرة الثمينة التى لا يملكها، فإنه يكاد لا يجد قوت يومه.

مشهد آخر يعبر عن الحس الفكاهى لدى المصرى القديم، نستدل عليه من الحوار المتبادل بين اثنين من النحاتين وقد صوِّرا وهما يقومان بنحت تمثالين، أحدهما من الخشب، والآخر من الحجر، وذلك على جدران إحدى مقابر النبلاء بالجيزة التى تعود إلى عصر الأسرة الخامسة، أما النحات الذى ينحت الحجر فيقول: "كلت يدى ومضت أيام طويلة، وأنا أعمل فى هذا التمثال، ويبدو أننى لن أنتهى منه أبدا"، فيجيبه زميله ساخرًا - بينما يضع اللمسات النهائية على تمثال من الخشب: "اشتغل اشتغل، ولا تكن غبيًا فليس الحجر كالخشب".

ومن المناظر المثيرة للضحك، تلك التى صورت الحراس، وهم فى قمة الكسل وفى حالة نوم، ومن أشهر المناظر التى تتعلق بالحراس الكسالى، وجدت فى مقبرة "إنتف" فى منطقة دراع أبى النجا فى طيبة، وفيها نجد حارس الباب فى سُبات عميق، بينما يطرق زملاؤه عليه الباب حتى يفتح لهم، وكان رده باردًا، إذ قال لهم أنه متعب ويريد أن ينام.

الصراع بين القط والفأر أصله فرعونى

يعتبر قدماء المصريين أول من عرفوا قصة الصراع بين القط والفأر، وذلك قبل أكثر من 3300 سنة، حيث احتوت القصص الشعبية للمصريين القدماء، على العديد من الحكايات التى تصور صراع دائم بين القط والفأر.

وقد ذكر الدكتور زاهى حواس أيضًا، أنه من أطرف أعمال الكاريكاتير المصورة، منظر يعود إلى عصر الاضمحلال الثالث، ويصور مجموعة من الفئران القوية الفتية وقد كونت جيشا يهاجم حصنا منيعا للقطط؛ يرميها بالسهام ويحطم الحصن بالدروع والبلط، بل إنهم أحضروا سلما للصعود عليه ودخول الحصن وذلك تحت قيادة زعيمهم المغوار، وهو فأر كبير يركب عربة حربية يجرها كلبان! بينما القطط داخل الحصن مذعورة لا تعرف كيف تصد هجوم هذا الجيش.

ومشهد آخر لفأر سمين يرتدى ثيابًا غالية، ويجلس على كرسى متين، بينما يقوم على خدمته قط هزيل ويقدم له شرابًا، يتناوله الفأر عن طريق مصاصة لكى لا يرهق نفسه بحمل الكأس بيديه.

كذلك من أشهر هذه القصص، هو منظر رُسم على شقافة عُثر عليها فى منطقة دير المدينة، وتصور سيدة أنيقة على أنها الفأر، تجلس على الكرسى، ويحيط بها مجموعة من القطط تقوم على خدمتها، وهنا نجد أن الفنان أراد السخرية من الأوضاع الاجتماعية، التى جعلت الفأر ملكًا برغم أنه كان معروفا عنه الضعف والجبن، والقطة على أنها ضعيفة برغم أنها أقوى من الفأر.
ولم يستطع من احتل مصر على مر العصور مقاومة النكتة المصرية، فالرومان عندما احتلوا مصر حرموا على المحامين المصريين دخول محاكم الإسكندرية لأنهم كانوا يسخرون من القضاة الرومان، ويهزأون من ضعفهم فى تحقيق العدالة، فاستخدموا النكتة والقافية للدفاع عن السجناء السياسيين.

السخرية فى الأدب

ولم يغفل الكاتب المصرى إظهار حسه الفكاهى والسخرية فى الأدب، إذ تحتوى السخرية فى الأدب المصرى القديم على عبارات من النقد، والتهكم والدعابة، وذلك بهدف التعريض بشخص ما، أو بفكرة ما، ومحاولة نقد سلبياته عن طريق الكلمة، إذ تضمنت كثيرا من النصوص الأدبية المدونة على البرديات كثيرًا من العبارات المضحكة والساخرة، وبالتالى نجد أن الأدب الساخر له أصول ممتدة عند المصرى القديم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة