إذا كان حب الوطن يراه البعض وكأنه جريمة، ولو أن الغيرة على المصلحة العليا للبلاد هى فى نظرهم بمثابة عيب خطير، فأنا أعترف بأننى أرتكب كل يوم تلك «الجريمة» بل إننى فى هذه الحالة مصاب بالفعل بهذا «العيب» لأننى لا أكتب شيئاً إلا من منطلق حبى لهذا الوطن ولا أتناول موضوعاً بالنقد إلا حينما أشعر بأن هناك خطرا يهدد أمن مصر ويؤثر على سلامة هذا الوطن المحفور فى الوجدان.
فتلك القناعة هى التى دفعتنى من قبل إلى أن أكتب منتقداً مشروع المركز اللوجيستى العالمى الذى يضعه الدكتور خالد حنفى، وزير التموين والتجارة الداخلية، فى صدارة أولوياته، فقد كتبت متخوفاً من تلك الأخطار التى قيل إنها قد تترتب على هذا المشروع فى حالة عدم دراسته بشكل دقيق، ولكن ما إن التقيت الدكتور خالد حنفى وتحدثت معه حول هذا المشروع وعن الآثار الجانبية المتوقعة حتى فوجئت بأننى أمام حالة خاصة جداً من العمل الوطنى الجاد والمحترم.. فقد لمست فى كلامه حماساً شديداً وشعرت بمدى حبه وغيرته على هذا المشروع العملاق الذى يضعه على عاتقه ويتعامل معه باعتباره تحدياً شخصياً لا يمتلك فيه رفاهية سماع كلمة «الفشل» على الإطلاق، فقد كانت كلماته تفوح منها رائحة الإصرار الممزوجة بروح التحدى، فهو يضع نصب عينيه هدفاً محدداً وهو نجاح المشروع بأى شكل من الأشكال، وإحقاقاً للحق فقد جاء حديثه مفعماً بالوطنية وبحماس ومصداقية بددت مخاوفى وجعلتنى أتحمس للمشروع، بل وأقرر أيضاً أن أكون مسانداً له ما دام سيعود بالنفع على مصر، وعلى الاقتصاد القومى على المديين القريب والبعيد، فلو أن الدكتور خالد حنفى تمكن بالفعل من تنفيذ هذا المشروع، وسار على هذا النهج فى بقية مشروعاته الأخرى التى تستهدف فى المقام الأول تطوير منظومة التموين، لكان جديراً بكل احترام ولكان ذلك دافعاً قوياً لمساندته فى تلك الخطوات التى بكل تأكيد سوف تصب فى النهاية فى مصلحة الوطن والمواطن، وكأن الدكتور خالد حنفى قد أصابنى بعدوى هذا الحماس للمشروع، فما إن انتهى من شرحه الوافى للمشروع من كل جوانبه حتى تملكنى شعور بالفخر بأن لدينا مشروعاً كبيراً مثل هذا العمل، ولن أكون مبالغاً إن قلت، إن هذا الشعور وصل إلى درجة الإيمان المطلق بأهمية أن تكون لدينا مشروعات عملاقة أخرى على هذا النحو من الرقى.. وإن لم يكن الأمر على هذا القدر من الأهمية فبماذا يمكن تفسير هذا الاهتمام الكبير من جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى بالمشروع وهو شخص معروف عنه الدقة المتناهية فى كل خطوة يخطوها؟ فليس من المعقول أن يتحمس الرئيس هكذا للمشروع اللوجيستى دون أن يكون على يقين تام بأنه سيعود بالنفع على الاقتصاد القومى، وهو ما يفسر تأكيد الرئيس أكثر من مرة على أهمية هذا المشروع اللوجيستى باعتباره نموذجاً للمشروعات القومية التى تستهدف الدولة تنفيذها فى المرحلة المقبلة لتمثل نقلة نوعية كبيرة تنقل مصر إلى مستقبل واعد وتوفر ظروفاً أفضل للأجيال القادمة، فضلاً على إنشاء مجتمعات متكاملة فى إطار تحقيق التنمية الشاملة للدولة المصرية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهو ما أراه تفسيرا منطقياً لحرص الرئيس السيسى الدائم على متابعة هذا الأمر لحظة بلحظة ولقائه بأعضاء اللجنة الفنية المختصة بالمشروع لمناقشة الدراسات الفنية التفصيلية المتعلقة بالمشروع، والتى خلصت إلى أنه يتمتع بفرص كبيرة للنجاح فى ضوء الموقع الجغرافى المتميز لميناء دمياط، فضلاً على إمكانيات ربط المشروع ببقية محافظات الجمهورية، ولاسيما من خلال النقل النهرى، وتحويل ميناء دمياط إلى مركز عالمى لتخزين وتداول السلع والحبوب والغلال، وممارسة الأنشطة اللوجيستية والفنية المضافة من خلال التصنيع والتعبئة للحبوب والمواد الغذائية، بما يساهم فى تحقيق الأمن الغذائى للدولة وبقية الدول العربية فى المنطقة، وهو ما يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن المشروع تمت دراسته بالفعل بشكل متكامل إلى جانب بحث ودراسة الآثار الجانبية التى قد تترتب عليه على المنطقة المحيطة به بالكامل، وهو ما جعلنى أشعر بالاطمئنان لأن تلك الدراسات لم تأت من فراغ، وإنما جاءت من خلال نخبة من الخبراء والمتخصصين المصريين وأساتذة الهندسة الأكفاء بالجامعات المصرية العريقة والمشهود لهم بالقدرة على القيام بالفحص الدقيق لمثل تلك المشروعات العملاقة، وهو ما بدا واضحاً أيضاً فى اهتمام المهندس إبراهيم محلب بالمشروع، وأعتقد أن هذا الأمر على قدر كبير من الأهمية، فرئيس الوزراء هو فى الأساس «مهندس» مشهود له بالكفاءة والحرص الدائم على دراسة مشروعاته بدقة قبل أن يتحمس لها.
فما دام رئيس الدولة على هذا النحو من الحماس الشديد للمشروع، وفى الوقت نفسه نجد رئيس الحكومة يضع كل تلك الآمال الكبيرة على العائد من ورائه، فالأمر هنا لا يحتمل أى تخوف بل يدعو إلى أن نتكاتف جميعاً ونقف خلفه ونسانده، فالمشروع سيقام على مساحة تبلغ حوالى 3 ملايين و350 ألف متر مربع منها حوالى نصف مليون متر داخل حدود ميناء دمياط والباقى فى منطقة صناعية غير مستغلة تقع شمال شرق الميناء وتبلغ تكلفته الاستثمارية الإجمالية حوالى 13.1 مليار جنيه شاملة كل عناصر المشروع الذى تتمثل أهميته الفعلية فى تلك الطفرة التى ستشهدها المنطقة المحيطة به، فقد تم مؤخراً الاتفاق مع شركة «بلومبرج» العالمية على تطوير 105 شون ترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة لحفظ وتخزين وتصنيف الأقماح، إضافة إلى الخضر والفاكهة وكل الحبوب.. ونظراً لأهمية عامل الوقت فى مثل هذه المشروعات الكبرى فقد تم بالفعل البدء فى تطوير هذه الشون وسوف يتم الانتهاء منها فى شهر مارس أو أبريل المقبل على أقصى تقدير لاستقبال محصول القمح الجديد، وإنشاء مصنع لإنتاج الشون الحديثة لخدمة السوق المصرية والتصدير للخارج.. وهذه الشون سوف تعمل على تنقية وتطهير وتخزين الأقماح وتوفير الآلاف من فرص العمل فى قطاعى الزراعة والخدمات اللوجيستية وتخلق سعات تخزينية جديدة.
وأعتقد أن مشروعا يتمتع بهذا القدر من المكانة الدولية سوف يكون له عظيم الأثر فى إعادة ترتيب أوراق مصر على المستوى الدولى، ومن شأنه إعادة الاعتبار لمكانة مصر كمنطقة ارتكاز محورية فى التجارة العالمية، وهذا ما يمكن أن نلمسه بوضوح فى تلك الطلبات التى تتلقاها مصر بشكل شبه يومى من دول لها مكانتها وثقلها العالمى فى التجارة العالمية للمساهمة فى تمويل الاستثمارات المصاحبة للمشروع والتى بلغت أكثر من 30 عرضاً من مستثمرين وشركات عالمية من معظم الدول العربية والأجنبية.. وعلى الجانب العربى لم يمر المشروع أمام دول المنطقة مرور الكرام فقد شهدت الأيام القليلة الماضية طلبات عربية للمشاركة باستثمارات فى المشروع من الإمارات والسعودية والكويت والسودان، إلى جانب بحث إقامة خط سكة حديد بطول 600 كيلو يبدأ من ميناء دمياط مروراً ببورسعيد والإسماعيلية والسويس وسفاجا لنقل السلع الغذائية والحبوب عبر القطار ثم سفن رورو «سفن حاملة للقطارات» إلى الرياض ومنها إلى الخليج وأفريقيا حتى يقلل من تكاليف النقل والحفاظ على السلع من الهدر، وهو ما يمثل نقلة نوعية فى التجارة البينية بين مصر ودول المنطقة.
وهنا أتوقف بعض الشىء أمام مسألة فى غاية الأهمية تتعلق بما سيحققه المشروع من إيجابيات على المستوى الداخلى، فهناك خطة لتنشيط النقل النهرى ليصبح الوسيلة الأكثر استخداماً فى نقل السلع نظراً لقلة تكلفته وما يمثله من أمان فى عملية النقل، حيث سيتم ربط المشروع بالسوق الداخلى عبر تطوير منظومة النقل النهرى، خاصة مع إمكانياتها المتمثلة فى زيادة قدرات الشحن، حيث تستطيع سفن النقل النهرى تحميل 300 طن فى المرة الواحدة، مقابل 30 طن فقط حجم حمولة سيارة النقل التى تستخدم الطريق البرى.
لذا فإننى لن أكون مبالغاً إن قلت، إننا أمام مشروع عملاق بكل ما تحمله الكلمة من معنى ما دام تم اتخاذ كل الضمانات الكفيلة بتنفيذه على الوجه الأمثل، وعملاً بالقول المأثور: «تفاءلوا بالخير تجدوه» فإننى الآن وبمحض إرادتى وبعد هذا اللقاء المثمر الذى جمعنى والدكتور خالد حنفى، وزير التموين، فقد أصبحت أكثر تفاؤلاً من ذى قبل، بل وأصبحت أكثر حماساً للمشروع راجياً من الله عز وجل أن يحقق من خلاله كل الخير لمصر وللأجيال القادمة، متنمياً أن يكون النجاح حليفاً لتلك المشروعات المستقبلية والجهود المضنية التى يبذلها وزير التموين من أجل تحقيق طفرة فى مجال الخدمات التموينية تزامناً مع تحقيق «الحلم اللوجيستى» الذى سيتم إطلاق شارة البدء فى تنفيذه خلال أيام قليلة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى
وزير المهام الصعبة
عدد الردود 0
بواسطة:
مراد حنفى
منظومة التموين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود عمران
مشروع القرن
عدد الردود 0
بواسطة:
رأفت محمود
التحية للكاتب المحترم وللوزير المحترم
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال عبد الرحمن
منظمة الصحة العالمية والمشروع اللوجيستى
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال عبد الرحمن
منظمة الصحة العالمية والمشروع اللوجيستى
عدد الردود 0
بواسطة:
ريتاج عز العرب
شعور بالفخر
عدد الردود 0
بواسطة:
كارم مصطفى
علامة استفهام
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى رشوان
محاربة الفساد فى التموين
عدد الردود 0
بواسطة:
امل محمد رمزى
لم الشمل العربى