حينما تضيق الحياة وتصبح صغيرة بحجم زنزانة داخل سجن، وحينما يتوقف الزمن كالمياه الراكدة بحكم الظروف، يكون الكتاب نافذة على العالم وسجادة سحرية تسافر بين حلقات التاريخ دون آلة زمنية، وصبح طريقا للتغلب على تلك الظروف، وبما أن الأسوار الحديدية لا تفرق بين حاكم ومحكوم فقبع خلفها رؤساء حكموا مصر.
الرئيس الأسبق محمد مرسى، يتذيل قائمة الرؤساء الذين كان السجن طريقهم، واختار مرسى قائمة طويلة من الكتب طلبها من دفاعه ليقرأها فى محبسه معظمها تتناول الإجراءات القانوينة والعقوبات وأخرى عن تطور الدستور المصرى، وهو ما يوضح أن "مرسى" يهتم بدراسة موقفه القانونى من كل القضايا التى يحاكم فيها، وجاءت كتب قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات والدستور المصرى لسنة 2012 والدستور المصرى لسنة 71، وكتاب يشمل جميع الدساتير المصرية منذ سنة 1882 وحتى سنة 1971، فى قائمة اختيارات مرسى.
فيما لم يهتم الرئيس الأسبق حسنى مبارك بقراءة الكتب وعكف على قراءة القرآن الكريم من حينٍ إلى آخر، ومشاهدة التلفاز لمتابعة آخر الأخبار والتطورات، ومن الأمور التى تم الكشف عنها من رجال قصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك أنه لم يكن يقرأ الصحف، كما كان يذاع بين الناس خلال فترة حكمه، ولم يكن ينظر فى أية شكاوى خاصة بالمواطنين أو تقارير تتحدث عن الأحوال المعيشية، حيث أنه لم يمسك أبدا بجريدة بين يديه لقراءتها.
بينما الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، فهو واحد من هؤلاء الذين كان السجن أحد المحطات المهمة التى مروا عليها فى حياتهم، بعد اتهامه باغتيال أمين عثمان وزير المالية عام 1946، ليقضى فى سجن القلعة سنتين ونصف السنة منها عام ونصف العام وحيدا فى الزنزانة 54 قبل أن تظهر براءته، وأثناء فترة حبسه، بدأ يمارس كتابة الأدب الساخر، حتى انه أصدر مع رفاقه فى السجن صحيفة ساخرة بعنوان"الهنكرة والمنكرة"، فضلاً عن إذاعة خاصة داخل السجن، ومسرحية بعنوان "سهرة فى قصر هارون الرشيد" جسد فيها السادت ذاته شخصية هارون الرشيدى، وكان يقرأ جرائد المقطم والمصور والأهرام.
يتبقى الرئيس الأسبق محمد نجيب أول رئيس للجمهورية، والذى وضع تحت الإقامة الجبرية بفيلا زينب الوكيل بالمرج، وكان محبا للقراءة والإطلاع وألف كتابه "كنت رئيسا لمصر" الذى تحدث فيه عن حياته.
وكان الرئيس الأسبق محمد نجيب يقضى معظم وقته فى غرفته، والتى كانت مهملة و بها سرير متواضع يكاد يختفى من كثرة الكتب الموضوعة عليه، وكان فى هذه الحجرة الفقيرة يداوم على قراءة الكتب المختلفة فى شتى أنواع العلوم، خاصة الطب والفلك والتاريخ، ويقول محمد نجيب: "هذا ما تبقى لى، فخلال الثلاثين سنة الماضية لم يكن أمامى إلا أن أصلى أو أقرأ القرآن أو أتصفح الكتب المختلفة".
ماذا يقرأ الرؤساء فى محبسهم؟.."مرسى" يطلب كتب القانون والدساتير لدراسة موقفه.. "مبارك" يكتفى بالقرآن ومشاهدة التلفاز.. و"السادات" اطّلع على الصحف وأصدر "الهنكرة والمنكرة".. ومحمد نجيب يؤلف "كنت رئيسا"
الأربعاء، 10 ديسمبر 2014 05:13 ص