فى السبعين من العمر يصبح التأمل مرتبطا برائحة الرحيل لذا تسكن الحكمة فى زواياه وتظهر الأشياء فى حجمها الطبيعى، ويبدو أن القصور والحدائق والموسيقى أحيانا وهم، حينها تكتمل أغنية الفيلسوف فيأخذ نفسا عميقا ويكتب ضد سلطة الفرد والحكم المطلق.. وبعد أن ينتهى ينتظر المشاكل الناجمة عن هذه الكتابة بصدر رحب.. هكذا كان الفيلسوف ابن رشد.. وأوعز المنصور المصدوم من جرأة ابن رشد لشيوخ السلطان ومدعى الفلسفة أن ينتقموا من عبقرية ابن رشد.
أكبر عدو للإسلام جاهل يكفّر الناس
وقف ابن رشد متكئا على يد أحد تلاميذه بينما كانت النار تشتعل فى كتبه التى أفنى حياته فى كتابتها والأفكار التى أجهدت عقله واستحوزت على رؤيته للعالم، مع صوت النار المستعرة تأكل الورق الممتلئ بالأفكار والحبر تداعت على ذهنه فى هذه اللحظة، مواقيت الكتابة، ورائحة الورق، والجهد المبزول، وربما تراءى له مستقبل الفكر الذى تحاصره السياسات والظنون.
اللحية لا تصنع الفيلسوف
من الذين سعوا لدى المنصور كى ينقلب على ابن رشد الفيلسوف الطبيب ويبعده ويحرق كتبه ويسيء إليه، إنهم المدَّعون الذين تؤرقهم الحقيقة والذين يعيشون مثل العناكب على دم الآخرين وكوارثهم. أرقهم ابن رشد بمؤلفاته العديدة التى تختص بالفلسفة والعقيدة الإسلامية، والتى ملخصها أهمية العقل والفكر ودورهما الإلزامى فى فهم الدين والطبيعة، نذكر منها هنا كتابى "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال" وكتاب "البحث عن مناهج الأدلة فى عقائد الملة" يؤسس فيهما لدور العقل والبحث الفكرى وضرورته فى العقيدة الإسلامية.. هؤلاء الشكلانيون أرقتهم الأفكار التى تكشف عوراتهم التى يغطونها
ورث ابن رشد العلم أبا عن جد كما ورث عنهم تقلبهم فى بيوت الحكام، لكنه تفرد عنهم فى المعاناة التى أصابته وفى اتهامه بالإلحاد واتفاق رجال الدين المسلمين والمسيحيين على مهاجمته وحرق كتبه.
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين
ايضا المفكرين العظماء فى زماننا اهملناهم ولم نأخذ بفكرهم مثل محمد عبده وطه حسين والعقاد وانيس منصور