هناء عبد الفتاح

عن عقول الفهم فيها مُهجرٌ تهجيرًا قسريًا

الجمعة، 07 نوفمبر 2014 07:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرى المنطق الآن واقفا فى قمة غضبه، يرد بألفاظ نابية على كل صوت معترض على إخلاء الشريط الحدودى برفح من السكان حتى تتمكن القوات المسلحة من دحر جذور الإرهاب وعناصره بمواجهات أشمل تنسف وجودهم من أساسة، وتدك المخابئ فوق رؤوسهم، وجهات نظر ما أنزل الله بها من سلطان ترى فى ذلك تهجيرا قسريا للسكان وعبث بحقوقهم، تصفه بأنه قرار ضد الكرامة وضد حقوق الإنسان وضد الدستور أيضا!

لم يخرج المنطق عن أدبه فقط لأن هؤلاء لا يعوا حجم المسخرة الحدودية والخطر الذى يهدد البلاد بسبب حالة السداح مداح الفارضة نفسها على المشهد، وإنما خرج عن أدبه لأنهم لم يقرأوا الدستور أصلا أو قرأوه فلم يفهمو ولم يحاولوا الفهم، وبقى فى وجههم عيون لا ترى، وفى رأسهم آذان لا تسمع، وفى ضمائرهم واجبات لا تتكلم.

أنت يا من تقول الآن تهجيرا قسريا، لماذا لم نطرب بسماع صوتك عندما هجر الإرهاب الخسيس ضباط وجنود فى عمر الزهور من الدنيا كلها تهجيرا قسريا تاركين ورائهم الأم الثكلى والزوجة المترملة والابن اليتيم مكسور الظهر منزوع السند؟، والسؤال الأهم، كيف ترى الحل فى مواجهة إرهاب عابر للحدود تنقل أدواته بين الأنفاق المتوارية داخل منازل الكثير من هؤلاء السكان؟، كيف ترى الحل لرد فعل فيه القصاص لطوابير الشهداء ولذويهم وللشعب المصرى كله؟ كيف ترى طريقة فيها الحل الجامع المانع لتجفيف المنابع ووضع حد لكل هذا العبث؟.. أتحداك لو قولت طريقة تصلح فعلا، أو ذكرت حلا جذريا فعلا.

قبل أن تجيب بوصلة من الفذلكة الفارغة، تخلى عن كيبورد الفيس بوك وتويتر، وعن الإسفاف فى كتابة التنظيرات دون علم، واذهب إلى سيناء لترى بنفسك حجم جهلك وقصور نظرك فى تقييم الأمور، اعرف أولا حجم وعورة المكان وأوضاع الجبال هناك، اسأل عن جغرافية المكان وإحداثياته، وعن إمكانية مواجهة الإرهاب بالطرق العادية فى ظل كل هذا، أو لا تذهب، فالرجال فقط هم من يستطيعوا تحمل مشقة الوجود هناك ويقبلوا التعايش معها! اكتفى بمراجعة الخرائط واستعين بأى خبير أوحتى مدرس جغرافيا تحت التدريب ليشرح لك.. لتفهم.. لتعى.. لتدرك وأنت تكتب على الفيس بوك وتويتر أن آفة مجتمعنا هى التنظير والفذلكة.

لماذا تسميه تهجيرا قسريا ولا تسميه نزع ملكية من أجل الصالح العام؟ لو كنت لا ترى فى تطهير سينا صالح عام فالموضوع هنا خرج من مشكلة تعارضها إلى مشكلة فى قواك العقلية، هذا لو افترضنا حسن النية وسلامة غريزة إنتمائك وولائك للوطن، وإن كنت تتحدث من منطلق التعاطف مع السكان، فقد فاتك تأكيدات الحكومة إنهم سيحصلوا على التعويضات المناسبة، وإن كنت لا تثق فى كلام الحكومة فانتظر والإعلام سينقل لك أى تباطؤ فى الأداء مهما كان بسيطا ووقتها يحق لك أن تتفذلك كما تشاء، أما إن كنت تتحدث عن الممنوعين من التعويض فهم ممنوعون لأن القوات اكتشفت أنفاقا فى بيوتهم، والحقيقة أن عدم تعويض هؤلاء أمر غير كاف بالمرة، لابد من محاكمة عادلة ناجزة والضرب بيد من حديد على أيديهم.

لو دخل الجيش لدك هذه المنطقة على رؤوس الإرهاب بكل من فيها كنت ستندب وتولول على أرواح المدنيين الأبرياء، كنت ستضع أكبر علامة استفهام فى الدنيا فى ذيل سؤال عن عدم الإخلاء أولا.

لا سبب منطقى أبدا يجعلك تروج لكونه تهجيرا قسريا، غير أن عقلك هو القسرى، أو إنك لا تهتز لأوجاع الوطن وجراحه التى لا تندمل أبدا، أنا لا أميل للتخوين والتشكيك فى الوطنية، وأقول فى نفسى إن هذه تصرفات تخرج من موتورين لديهم من الرعونة والهوجاء ما يغشيهم عن رؤية المشهد الحقيقى، لكن الأمر فعلا لا يحتمل هؤلاء أبدا ، الحرب الأن هى حرب على البقاء ولا مجال لوجود أى أحمق فى المشهد.

قرار الإخلاء قرار سليم مليون فى المية وآراه جريئا وقويا وجاء بعد سلسلة محاولات غير مجدية لاستخدام بدائله، وعلينا أن نبتهل إلى الله أن يوفق قواتنا فى مهامها ويسدد خطاهم ويرعاهم بحفظه، ويحفظ الوطن من عقول بعض أبنائه قبل أن يحفظه من نوايا الغرباء.. لنقرأ الفاتحة على الأرواح الطاهرة التى سالت دماؤها لتدفعنا إلى الحل الأوحد والأكمل.. وليسمح لى السجين محمد البلتاجى أن أستعير منه جملته بتصرف "إن هذا الذى يحدث من تنظير سيتوقف فى الثانية التى يعود عزيز لك فيها ملفوفا فى الكفن".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

من هناك .. حيث الكاتبة لا تنتمي

انتي يا من قرأتي عن الحدود وطبيعة سيناء .,؟؟ الكاتبة اقصد

عدد الردود 0

بواسطة:

ممدوح الغاني

اضرب بيد من حديد

مقال اكثر من رائع ..

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة