على هامش الخلافات وفوضى مصر، التى يخلقها الزحام، رسم المصريون حياة جديدة واخترعوا للزحام فوائد، وحولوا دقائقه وساعاته المملة إلى ابتكارات وفوائد تساعدهم على استكمال الحياة بشكل صحيح.

1- القراءة.. نص الشعب اتثقف فى الزحمة
إذا كانت سوزان مبارك هى الراعى الأول لمشروع القراءة للجميع، فالزحام هو الراعى الثانى لهذا المشروع، فعلى الأقل نصف المصريين المهتمين بالقراءة بدأوا الاهتمام بها للهروب من ساعات الزحام الطويلة، على اعتبارها وسيلة ممتعة وسهلة ومفيدة يمكن أن تضيع فيها ساعات الزحام الطويلة، وخصوصًا لمستخدمى المواصلات العامة، واللافت للنظر أن بعض سائقى التاكسى انتبهوا لهذه الظاهرة فبدأوا يضيفون الكتب لسياراتهم كنوع من جذب الراكبين فى جانب، ولتشجيع القراءة والثقافة فى الجانب الآخر، وأيضًا فطن لها مصنعو تطبيقات الهواتف، وقاموا بإصدار تطبيق "اقرأ لى"، الذى يقوم بتحويل الكتب إلى صوت، حتى يستمتع سائقو السيارات بالكتب مثلما يستمتع بها ركاب المواصلات.

2- حجة فى التأخير
الحجة الأولى التى يلقيها أى مصرى لتبرير تأخيره هى الزحام، فلولا الزحام لخسر الكثير من الأشخاص بعضهم، وخسر آلاف الموظفين وظائفهم، فزحام المحروسة هو الباب الأول لتبرير مواعيد المصريين "المضروبة" دائما.

3- لقمة عيش
على امتداد طوابير السيارات فى شوارع القاهرة ظهرا، ستجد بائعين الزحام ينتشرون بأصواتهم المبحوحة وأجسادهم النحيفة، وبضائعهم الرخيصة، ليلتقطوا لأنفسهم لقمة عيش من فم الزحام.
فى سوق الزحام ستجد كل شىء، بداية من أقراص البقسماط والجبن، إلى لعب الأطفال، وورود الحبيبة، وحتى أدوات المنزل، وكشاكيل المدارس، وبالطبع كتب المثقفين، ومجلات الأطفال.

4- عدالة اجتماعية وتبادل ثقافات
إن كانت الثورة لم تنجح حتى الآن فى تحقيق العدالة الاجتماعية، وإن كانت فروق الطبقات تتسع فى مصر كل عام وفى كل مكان، يرسم الزحام حالة خاصة من العدالة الاجتماعية، فهو الشىء الوحيد الذى يطبق على السفير مثل الخفير– باستثناء المواكب الحكومية- فتجد السيارات الفاخرة تتراص إلى جوار الميكروباصات وحتى التكاتك فى مشهد لا يمكن أن يرسمه سوى الزحام، ولا يمكن أن يضرب ثقافتهم فى موقع واحد سوى خلاط الزحام، الذى يصل بأغانى المهرجانات فى التكاتك إلى السيارات الفاخرة بكل بساطة.

5- إعادة الحسابات
كم عدد الأشخاص الذين تذكرتهم وأعدت حساباتك معهم.. وربما قمت بالاتصال بهم والتصالح معهم خلال ساعات الزحام، فإن كانت اليابان والصين هى أهم الدول، التى تهتم بفنون التأمل، فالمصريون ابتكروا أنواعًا أخرى من التأمل خلال ساعات الزحام، تساعدهم رغم كل المتاعب على إعادة ضبط حياتهم والتفكير فى كل المواقف التى تضيع بسبب سرعة الحياة.

6- كوافير بناتى
فى سيارات البنات، إلى جوار الدباديب وسلة القمامة الأنيقة، ستجد مجموعة كاملة من أدوات التجميل لاستغلال ساعات الزحام فى استكمال ما لم يستكملوه فى المنزل من ضبط "للوك"، الذى سيظهرون به خلال اليوم، ويدعم هذه الفكرة لدى عالم النساء هو الفوائد التى يقدمها نور الصباح من إبراز لتفاصيل الوجه أكثر من الإضاءة المنزلية الضعيفة.

7- تقليل حوادث
رغم كل شىء ورغم كل ما يمثله الزحام من ضيق للبعض، تظل فائدته واضحة فى منع الحوادث، فوجود حادثة فى ظل زحام القاهرة يظل ضرب من ضروب المستحيل باستثناء خبطات بسيطة لا تسبب أى أضرار سوى بعض الصراخ بين السائقين، الذى يكون سببه الأساسى التنفيس عن الغضب ليس إلا.

8- مكتب
إنهاء تليفونات العمل، وترتيب جداول المواعيد هى عادة رئيسية طوال ساعات الزحام، فلا يوجد لكل من يضعون العمل فى المرتبة الأولى أفضل من ساعات الزحام لضبط مواعيدهم القادمة وإنهاء كل اتصالاتهم الهاتفية، التى ستنتظرهم فى العمل، وحديثا أضيفت إرسال البريد الإلكترونى إلى الهواتف وترتيب المواعيد.
9- موسيقى
فى كل بلاد العالم يعتبر الاستماع إلى الموسيقى طقسا دائما فى السيارات، ولكن فى زحام المحروسة للموسيقى أشكال أخرى، فالساعات الطويلة، التى نقضيها فى الزحام أدت إلى خروج ألبومات خاصة تواكب زوق سائقين الميكروباص، وتناسب ساعات الزحام الطويلة والمناخ العام، الذى يخلقه البقاء للشارع كل هذا الوقت، فظهرت الأغانى السريعة البسيطة، التى تشبه وجبات التيك أواى فتقدم لك الكثير من الدوشة، التى تجذبك دون أى قيمة فنية تذكر.
10- الألعاب
ظهور الهواتف الذكية وألعاب الفيديو المحمولة جعل الزحام فرصة كبيرة لكل هواة هذه الألعاب ليقطعوا لهوايتهم ساعات كانت فى الأصل ضائعة فيقضونها دون تأنيب ضمير ودون مواجهة التعطيل الذى يواجهونه فى الغالب داخل المنزل من الأهل وباقى أفراد العائلة.