شيرين ماهر تكتب: فاصل رومانتيكى.. ونعود!

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014 12:12 ص
شيرين ماهر تكتب: فاصل رومانتيكى.. ونعود! ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع خضم أحداثنا اليومية وما يعج بها من تفاصيل مزدحمة بما هو سياسى وأمنى وروتينى وخلافه، فوجئت منذ بضعة أيام وأنا أطالع صفحتى على فيس بوك ببعض بوستات الأصدقاء بمناسبة "عيد الحب" واستشعرتها مناسبة اغتربت كثيرا، وصارت تتنكر لواقعنا الحالى وتأبى هذا الهجر القسرى، فكان لهذا اليوم وقعاً مختلفاً فى الميادين المصرية قبل ثلاث سنوات من اليوم، حيث كانت تمتلئ بالورود الحمراء والقلوب والدباديب التى يتداولها الشباب المصرى من الجنسين.

اليوم لم يعد يكترث الكثير من أصحاب هذه الفئة العمرية المتوهجة بتلك التفاصيل التى تبدو سطحية ولكنها كانت تضفى قدراً من التعبير الرومانسى على ممارسات الحياة اليومية، فقد جثت السياسة بتفاصيلها على مساحات حسية وانفعالية واسعة لدى المصريين بمختلف أعمارهم منذ اندلاع ثورتى يناير ويونيو ليتغير المركب النفسى لديهم ويصبحون مصابين بتصلب شرايين انفعالى وإدراك حسى متيبس.
فقد امتلأ الوعاء حتى التشبع، وجال بخاطرى البحث عن "فاصل لحظى" من عصف السياسة.. فاصل "رومانتيكى" حالم يجعلنا نلتقط الأنفاس ونجدد "مِزاجنا العام" حتى نتمكن من الإقدام على وجبات التحليل السياسى الدسمة بشهية مقبولة بعد أن اصبحت هى "الطبق الرئيسى" على مائدة الإعلام المصرى سواء المقروء أو المسموع أو المرئى.
فما عسانا أن نتلقى هذا "الفاصل" المؤقت برفقة قدحاً من القهوة المنكهة أو العصير المفضل لنسترخى قليلاً فى ضيافة الزمن الجميل....!
لابد وأن نحتفى بإحساسنا حتى لا يغادرنا فى عصيان منذر برحيل أبدى، قد يسخر كثيرون من مثل هذه الدعوة مرددين: "أحنا فى إيه وإلا فى إيه"، "هو ده وقته"، "الناس بتموت والبلد بتولع وتقولنا عيد حب وكلام فارغ من ده"، وقد يتطور الأمر لسباب واتهامات بالتفاهة والسطحية واللامبالاة.
ولكن يظل يقينى يصحح لى أن الحياة لا يمكن أن تنتظم دون مساحة شعورية تضبط موازين الحركة وينتظم معها إيقاعنا الرتيب.. تلك القدرة على تبجيل الأحساس تلف جميع الأشياء برؤية نقية ونافذة وترد كل الأشياء إلى أصلها الصحيح.
لا تكن بخيلاً وتضن على نفسك بذلك الهامش، ولتبحث عنه كيفما يترأى لك وكيفما يحلو لك استشعاره.. قد تُخِرج من دفاترك القديمة صورك المفضلة ووريقاتك العتيقة وما يرقد بداخلها من ذكريات تعيدك لنفسك فى لحظة وتزيل كل أتربة الواقع فى استرجاع صادق فحسب.. قد تسترخى على كرسيك الهزاز برفقة أسطوانة وقورة بصوت السيدة "أم كلثوم" أو "العندليب الأسمر" منتشياً معها بحالة من التذوق البكر لكل ما هو أصيل، ولنتذكر شدو الرائعة "ليلى مراد" عندما تغنت: "الحب جميل للى عايش فيه.. له ألف دليل أسألونى عليه.. يفوت على العين ويصحيها.. من عز النوم يفوت على الروح ويطير بيها.." رائعة حقاً تلك الحقبة وصانعيها!

لابد أن نسحق واقعاً يابساً ثقيلاً يسحق تحت أقدامه كل مكتسباتنا الروحية وأشياءنا الجميلة.. علينا استغلال كل اللحظات المواتية لاستنشاق عبق شعورى فواح.. لابد أن نُعلِم أبناءنا أنه لا تناقض أو تنافر بين العقل والقلب، المنطق والعاطفة، الوعى والشعور، الإدراك والحٌلم، الواقع والخيال.. نحن بشر نحتاح لذاك وتلك ولا نتوازن إلا بكفتى ميزان ينضبط معهما إيقاعنا الداخلى أو يختل.

دعونا نقتنص من الزمان كل الفرص واللحظات لنتنفس ما نتمناه وليس ما هو متوفر من عادم خانق ملوث، فما بالكم بعطر الياسمين اليانع ورائحة أوراق الليمون الفواحة وزهرة المشمش الشهية، دعونا نعتقهم جميعاً فى قنينة نواريها بين هموم الأيام وعندما يشتد العصف والإيلام، نستنشقها لنُسكِن جروح الواقع السافك وطعنات الحقائق المُغرقة فى فظاظة اليقين، ونتنسَم رومانسيتنا السجينة فى قبو التفاصيل المزدحمة لنتداوى بسحر الماضى وشجن الحاضر وأحلام المستقبل متلمسين حسن الظن فيما هو آت.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة