احذروا عصابات خطف الأطفال.. 163 بلاغاً منذ الثورة واستغلال المخطوفين فى الدعارة والتسول وتجارة الأعضاء..«سلمى» اختفت منذ عام ونصف.. وإصابة «سارة» بالسرطان دفع سائق «التوك توك» إلى إطلاق سراحها

الجمعة، 24 أكتوبر 2014 09:35 م
احذروا عصابات خطف الأطفال..  163 بلاغاً منذ الثورة واستغلال المخطوفين فى الدعارة والتسول وتجارة الأعضاء..«سلمى» اختفت منذ عام ونصف.. وإصابة «سارة» بالسرطان دفع سائق «التوك توك» إلى إطلاق سراحها صورة أرشيفية
كتب صفاء عاشور - سماح عبدالحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طفل يختطف من يد والدته فى الزحام، وتكشف كاميرات محل عن رجلين يتربصان بالسيدة وطفلها، وينتظران اللحظة المناسبة لخطفه ويستقلان سيارة، سائقها فى وضع الاستعداد للانطلاق، وينطلق الجناة الثلاثة بالطفل.

حادثة شهيرة حدثت فى الإسكندرية تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعى، لتوعية الأسر من الطرق الحديثة لعصابات خطف الأطفال بعد عشرات من محاضر الخطف التى تُحرر بشكل يومى فى جميع أنحاء الجمهورية، ويحفظ أغلبها بسبب نقص الأدلة، وبراعة الخاطفين، وسرعتهم فى نقل المخطوف من محافظة إلى أخرى بغرض استغلاله فى التسول أو الدعارة أو الاتجار بأعضائه.

وكشفت دراسة صادرة عن المجلس القومى للأمومة والطفولة أن الفترة ما بين عامى 2008 و2010 شهدت 106 بلاغات، قدمها أولياء أمور بخطف أطفالهم، فى حين زادت البلاغات فى الفترة من 2011 إلى 2013 إلى 163 بلاغًا، ومنذ بداية العام الحالى حتى منتصف شهر سبتمبر الماضى بلغ عدد بلاغات خطف الأطفال 92 بلاغًا.

وأشارت الدراسة إلى أن الفئة العمرية المستهدفة للخطف تراوحت بين سنة و17 سنة، وبلغ عدد المخطوفين تحت سن 6 سنوات 174 طفلًا، فى حين قل عدد المخطوفين فى الفئة العمرية من 7 إلى 12 عامًا، وبلغ عدد المخطوفين بين 13 و17 عامًا 49 حالة، واحتلت محافظة القاهرة المركز الأول فى بلاغات الخطف، تلتها الجيزة فالقليوبية، واحتلت سوهاج المركز الأول ضمن محافظات الوجه القبلى فى عدد حالات الخطف.

«اليوم السابع» اقتربت من الظاهرة بعرض واقعتين لطفلتين مخطوفتين، إحداهما عثر عليها بالصدفة، والأخرى لم يتم العثور عليها، رغم مرور عام ونصف العام على خطفها، وتواصلت الصحيفة مع عدد من الجمعيات والمؤسسات المعنية بحماية الأطفال، على رأسها المجلس القومى للأمومة والطفولة الذى أكد أن مواجهة الظاهرة يحتاج مزيدًا من المجهودات الأمنية والاجتماعية والتشريعية.

احذر الغرباء

لم تكن «سلمى» ابنة السنوات الخمس تستجيب للحديث مع الغرباء، فقد علمتها أمها ضرورة تجنبهم، واللجوء إليها أو الصراخ فى حالة محاولة أحدهم اصطحابها.

تسكن عائلة «سلمى» فى منطقة 15 مايو، وتحديدًا بالمجاورة 32 التى يغلب عليها الهدوء والكثافة المحدودة للسكان، حتى إن شوارعها تتحول إلى مخيفة بمجرد حلول الظلام.

قالت «شيماء» إنها كانت حريصة على أن تعلم ابنها «إسلام» وابنتها «سلمى» التحفظ مع الغرباء، حتى إن بيتهم لم يكن يرتاده سوى أفراد العائلة والأصدقاء، وكانت «شيماء» تتواجد برفقة طفليها مع عمال النقاشة والسباكة فى ظل انشغال زوجها أغلب اليوم لتوفير النفقات، وكانت فترة تشطيب الشقة هى التى تعرفت فيها «سلمى» على عدد من الغرباء.

قبل الانتهاء من تسلّم الشقة ظهرت شخصية جديدة تتهمها الأسرة بشكل مباشر بخطف «سلمى»، وهو طالب فى معهد فنى من أقارب جيرانها، لم يتجاوز عمره 18 سنة، يعانى من ضيق ذات اليد بعد وفاة والدته، وزواج أبيه من امرأة أخرى، روى لعائلة «سلمى» أنها كانت لا تختلف كثيرًا عن النموذج التقليدى لزوجات الأب غير الرحيمات.

«شيماء» تأثرت بحالة الشاب، وقررت هى وزوجها مساعدته، بإسناد بعض الأعمال المنزلية له مقابل 50 جنيهًا يوميًا، فضلا على إشراكه فى الجو العائلى لتخفيف حزن اليُتم الذى يبدو على ملامحه.
تقول «شيماء» إنه كان مهذبًا جدًا، حتى اكتسب احترام أفراد العائلة وحبهم، وكثيرًا ما كان يشارك الأسرة وجباتها، ويجلس مع أفرادها على السفرة، وتوطدت علاقته بالطفلة سلمى التى كانت تحب اللعب معه دون تحفظ، فقد تعلمت الفتاة أن من يثق فيه والدها ووالدتها يصبح جديرًا بثقتها.

بعد أيام من انتقال العائلة للمنزل الجديد كانت «سلمى» تلعب أمام المنزل فى ساحة أحاطها أبوها بسور فيه باب حديدى، لحماية أولاده من الغرباء.. والدة «سلمى» أكدت أنها طلبت منها إحضار «سندوتش وكباية حاجة ساقعة»، وعند عودتها بالمطلوب كانت «سلمى» قد اختفت.

قالت والدة «سلمى» وقد غلبت الدموع كلامها إنها وجدت باب ساحة اللعب مفتوحًا، بحيث يتسع لمرور جسد «سلمى» النحيف فقط، ما أثار شكوك العائلة بأن الخاطف لا بد أنه يعرف الفتاة، ودبر للحادث لطلب فدية، أو لسرقة الحلى الذى تتحلى به «سلمى»، حيث كانت ترتدى أسورتين وسلسلة من الذهب.
العائلة بعد التأكد من اختفاء «سلمى» أبلغت السلطات، وبحثت فى المناطق المجاورة، أملًا فى العثور عليها، وفى منطقة قريبة من منزلهم جاءهم الخبر الصادم، حيث شاهدها أحد المعارف تبكى بحرقة وهى تسير بصحبة امرأة أربعينية ادعت أنها تحاول البحث عن والدى الطفلة، وأنها ستتركها عند إحدى الصيدليات بالمنطقة، لكن ذلك لم يحدث. لكن العائلة أخيرًا استقرت على اتهام الشاب المراهق، خاصة بعد تأكيد جارتهم الصماء أنها رأت «سلمى» بصحبته يوم اختفاء الفتاة، لكن البلاغ تم حفظه مرة أخرى لعدم كفاية الأدلة، فى النهاية اضطرت الأسرة لطبع صورة «سلمى» وتوزيعها، والإعلان عن مكافأة 100 ألف جنيه لمن يرشد عنها، وهنا ازدادت معاناة الأسرة، حيث تعرضت لابتزاز من أناس يدعون معرفة مكانها، ويتبين كذبهم، ورغم مرور عام ونصف العام ما زال الأمل فى عودتها يداعب أفراد الأسرة.

ابتزاز

فى الخامسة فجرًا تلقى «عبدالمقصود» مكالمة هاتفية تخبره بأن مواصفات فتاة تشبه ابنته وجدت ملقاة على الطريق الدولى السريع، يذهب مسرعًا للتأكد ويجدها بالفعل ابنته «سارة» بعد إصابتها بنوبة مرضية غيبتها عن الوعى، فـ«سارة» مصابة بمرض السرطان، وكانت إصابتها بهذا المرض اللعين سببًا فى إنقاذها فى الوقت نفسه من يد خاطفيها.

هذا ما حدث مع الطفلة «سارة» ذات السبعة عشر عامًا، والتى تم اختطافها لمدة أسبوع، وكانت إصابتها بنوبة مرض سرطان المخ السبب الوحيد فى إنقاذها، بعد أن ظن خاطفوها أنها ميتة، فحاولوا التخلص منها بإلقائها على الطريق السريع.

يروى «عبدالمقصود» ما تعرضت له ابنته قائلاً: «كنا بنقضى أجازة المصيف فى جمصة والبنت خدت المصروف من والدتها وخرجت يوم الأحد الموافق 14 سبتمبر مع أخواتها وبنت خالتها عشان يشتروا حاجات من السوق، أخواتها ركبوا توك توك وهى خدت توك توك تانى». يكمل والد «سارة» أن الأخبار انقطعت بعد ذلك عن ابنته تمامًا، لينقلب مرح العائلة، وتنتهى أجازة المصيف بكارثة، ويبدأ «عبدالمقصود» فى رحلة البحث عن ابنته الضائعة.

يقول «عبدالمقصود» إنه قام بتقديم بلاغات فى أقسام الشرطة، ومتابعتها ليلًا ونهارًا، لكن دون جدوى، فالتفاصيل التى ذكرها أشقاء «سارة» لم تكن كافية للاستدلال على خاطفيها. يقول «عبدالمقصود»: «بنتى اللى أنقذها عناية ربنا ومرضها، لكن غير كده كان عمرها ما هترجعلنا لأن الشرطة لم يكن لها دور نهائى».

«عبدالمقصود» وصف دور الشرطة بالبطىء، رغم تكرار حوادث الاختطاف فى هذه المنطقة، على حد قوله، حتى إنه قام بتوجيه اتهام مباشر إلى سائق «توك توك» بعينه، بعد أن تعرف عليه أحد أشقاء «سارة» بعد أيام معدودة من تقديم البلاغ الأول، لكن النيابة أخلت سبيله لعدم ثبوت أدلة ضده.

وأوضح «عبدالمقصود» أنه تعرض للابتزاز من أحد الأشخاص، والذى وعده باسترجاع ابنته مقابل حصوله على عشرة آلاف جنيه، لافتًا إلى أن هذا الشخص أخذه إلى منزل به أربع فتيات مختطفات، لكن لم تكن بينهم ابنته، فى دليل واضح على حجم عمليات الاختطاف التى تتم داخل المحافظة.
وتساءل والد «سارة»: كيف يمكن للشرطة أن تقوم بدور فى الحد من عمليات الاختطاف، خاصة فى مدينة صغيرة مثل جمصة؟.

واختتم والد «سارة» حديثه قائلًا: «البنت فاقت فى حالة هيستيرية وقالت لى يا بابا كانوا حابسنى فى عشة تراب».

تعديلات تشريعية

أكدت عزة العشماوى، الأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة، أن مواجهة ظاهرة اختطاف الأطفال تحتاج إلى العمل على أكثر من مسار، منه الأمن، والجانب التشريعى، إضافة إلى التوعية الأسرية والإعلام.

وطالبت «العشماوى» بأن يكون للإعلام دور رئيسى فى نشر صور المفقودين، وذكر أخبارهم فى مختلف وسائله المرئية والمسموعة، الرسمية وغير الرسمية، وكان الإعلام الرسمى يلعب هذا الدور فيما مضى، ويحدث نتيجة إيجابية تساعد فى إيجاد الأطفال المخطوفين، وعودتهم إلى عائلاتهم. كما يجب أن تتم توعية الأهل من ناحية الحفاظ على أبنائهم، خاصة فى الأماكن المزدحمة، بدءًا من الأسواق الشعبية إلى المولات الكبرى، إضافة إلى الإبلاغ الفورى لخط نجدة الطفل فى حالة تعرض أى من أبنائهم للاختطاف، وألا يتأخروا فى ذلك.

وأوضحت «العشماوى» أن الأطفال يتم خطفهم لاستخدامهم فى أكثر من غرض، منها التسول، والاتجار بالبشر، وسرقة أعضائهم، أو استغلالهم فى الأعمال الإرهابية، وغيرها من المشكلات التى طفت على السطح، وجعلت هناك تزايدًا أكبر فى حالات اختطاف الأطفال تحديدًا.

وقالت «العشماوى» إن تنشيط دور الأمن فى البحث عن الأطفال المخطوفين أمر أساسى فى مكافحة الظاهرة، بداية من الاهتمام بعمل دوريات تفتيش أمنية على الطرق السريعة الواصلة بين المحافظات، لمنع انتقال المخطوف من محافظة لأخرى، وتفعيل الوحدات الملحقة بأقسام الشرطة، لمتابعة العنف المجتمعى الذى يتعرض له الأطفال.

خط نجدة الطفل

يتبع المجلس القومى للأمومة والطفولة، وتأسس عام 2005، ويهدف إلى تلقى الشكاوى الخاصة بالأطفال من سن يوم حتى 18 سنة، والعمل على حلها، ومنها مشكلات العنف المدرسى والأسرى، والخطف، وأطفال الشوارع، ويقدم الخط خدماته على مدار 24 ساعة. وتعرف المواقع الحكومية خط نجدة الطفل بأنه يحظى بشراكة العديد من الوزارات، كالصحة والعدل والداخلية، إضافة إلى ربطه بمكاتب المحافظات فى جميع أنحاء الجمهورية.

أحمد حنفى، منسق الخط، أوضح أن هناك عددًا من الخطوات يتم اتخاذها فى حالة تلقيه بلاغًا باختفاء طفل، فبمجرد وصول البلاغ يتم توجيه إحدى الجمعيات التى تعمل مع خط النجدة للذهاب للأسرة التى أبلغت، بغرض الحصول على بيانات كاملة عن الطفل، وتحديد ملابسات الاختفاء، وتتمثل الخطوة التالية فى سرعة عمل محضر باختفاء الطفل، يشمل البيانات الخاصة بالواقعة، على أن يرسل مسؤولو الخط خطابًا يوضح ملابسات الواقعة بشكل دقيق، ويرفق مع المحضر الذى تم تحريره لإرساله إلى وزير الداخلية حتى يتخذ بدوره إجراءات لمتابعة البلاغ.

ويرى أحمد مصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر، أن عمليات خطف الأطفال تزايدت فى الآونة الأخيرة، خاصة فى المحافظات الساحلية، مثل مرسى مطروح، والإسكندرية، وبورسعيد. واعتبر «مصيلحى» أن تشديد العقوبة يعد أحد المحاور التى يمكن العمل عليها للحد من الظاهرة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة