العالم يحتفل باليوم العالمى للقضاء على الفقر.. مصر ترفع شعار "الفقر مش عيب".. المركزى للتعبئة والإحصاء يرصد ارتفاع نسبته.. محلل اقتصادى يرجعه لأزمة السياحة.. والأمثال الشعبية تهنئ الفقير على راحة باله

بعيدًا عن الأرقام والإحصائيات والحسابات المعقدة، والاتفاقيات الدولية التى يقرها العالم للقضاء على الفقر، يتعامل الشعب المصرى وفقًا لفلسفة أخرى، فعلى الرغم من إقرار الأمم المتحدة الفقر كانتهاك لحقوق الإنسان، يحاول المصريون التعايش معه، وامتداحه والنظر إلى "نصف الكوباية المليان" وهو "راحة البال" التى تلازم الفقير ويحرم منها الغنى، لتفاجأ حين تبحث فى المأثورات والأقوال الشعبية المصرية بعدد كبير من الأمثال التى تمتدح الفقر، بل وتراه أفضل من الغنى، فى محاولة لتسكين أوجاع قطاع عريض من الشعب يلازمه الفقر لعقود طويلة، فنجد أمثالا شعبية من قبيل "خدوهم فقراء يغنيكم ربنا"، فى إشارة إلى الأزواج، والحث على عدم النظر للماديات عند اختيارهم، وهو ما يتناقض بشكل واضح مع مثل آخر يقول "الراجل ما يعيبوش إلا جيبه"، ومقولة "فقر بلا دين هو الغنى الكامل"، والذى يشير إلى أن الفقير لا يعتبر كذلك طالما لم يستدن من الآخرين.

ومثل يقول "مخدة العز شوك ريحان ومخدة الفقر ريش نعام"، وآخر يقول إن "الفقر مش قلة فلوس الفقر قلة عقل"، وصولا إلى القول الأشهر "الفقر مش عيب"، والذى يستخدم كرد حاسم على من يحاول التكبر بماله، أو معايرة آخر بفقره، ولكن فى كل الأحوال تظل النصيحة الأبدية بين المصريين وبعضهم البعض "على قد لحافك مد رجليك" والتى تنصح بضرورة التكيف مع الأوضاع المادية والتأقلم معها.

وفى الأعمال الفنية، كثير ما تم تناول قضية الفقر، خاصة فى الستينيات، مرة من جانب مأساوى، وأخرى من ناحية إيجابية توضح الهدوء وراحة البال التى يتمتع بها الفقير، ومرات من جانب فكاهى وساخر، ويعد من أبرز وأجمل الأعمال الفنية التى تناولته مونولوج "الفقر جميل" للفنان "إسماعيل ياسين"، من فيلم "صاحبة العصمة".



* الفقر فى اللغة العربية "حمادة".. وعند المصريين "حمادة تانى خالص"

تفرد المصريون فى النظر إلى الفقر لم يقتصر على الأمثال الشعبية والشعور بالاعتزاز رغم الفقر، بل امتد إلى اللغة، ففى حين تعرف قواميس اللغة العربية الفقر على أنه "العوّز والحاجة"، يستخدم المصريون الكلمة بمعانٍ مختلفة تمامًا، وتأخذ كل مرة معنى جديد حسب السياق الذى تستخدم فيه، فمرة "فقر" تعنى خفيف الظل وشخص مرح و"ابن نكتة"، ومرة يقصدون بـ"الفقر" النحس، فيقولون "فلان فقر" و"قدم فلان فقر" أو "فلان وشه فقر"، وفى أحيان أخرى تستخدم الكلمة فى وصف الشخص الذى يرفض "النعمة" كما يقولون، مرة لأنه ليس انتهازيًا وأخرى لأنه يرفض الرشوة فيقولون عنه "فلان فقري".

• مصر تغيب عن المشهد فى يوم القضاء على الفقر

بينما يحتفل العالم بهذا اليوم بالعديد من الفعاليات والأنشطة، غابت مصر عن المشاركة، إلا أن تقريرا صادرا عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يفيد بأن نسبة الفقر فى مصر خلال العام 2012 - 2013 زادت بنسبة تقترب من 5%، حيث ارتفعت نسبة الفقراء من إجمالى السكان فى مصر إلى 26.3% من 21.6% فى الفترة من 2008 - 2009.

وأوضح التقرير أن نسبة الفقر ارتفعت فى ريف الوجه القبلى من 43.7% إلى 49.4 % وفى الحضر من 21.3% إلى 26.7%، أما فى الوجه البحرى فارتفعت من 16.7% إلى 17.4% فى الريف، وفى الحضر من 7.3% إلى 11.7%.

ويرجع المستشار هيثم غنيم، عضو مجلس الوحدة الاقتصادية، سبب ارتفاع نسبة الفقر فى مصر إلى تدهور أوضاع السياحة، ويقول لـ"اليوم السابع": "القطاع السياحى كان يمثل قرابة 25% من دخول مصر، ولأن هذا القطاع تضرر بشدة فى الفترة الأخيرة من الأوضاع السياسية، والهجمات الإرهابية التى دفعت العديد من الدول إلى تحذير مواطنيها من زيارة مصر، فأثرت سلبًا على الاقتصاد المصرى والعاملين فى هذا القطاع، وفى الوقت نفسه، أثرت بالسلب على ضخ الدولار للاقتصاد المصرى، مما تسبب فى زيادة الأسعار ونقل متوسطى الدخل إلى شريحة الفقراء، أو محدودى الدخل".

ويضيف المستشار الاقتصادى "تسببت الأوضاع الأمنية المتدهورة أيضًا وأحداث الشغب فى استنزاف الكثير من موارد الدولة على الجانب الأمنى، وفى الوقت نفسه تثقل البيروقراطية والروتين كاهل متوسطى الدخل وتستقطع جزءًا كبيرًا من دخولهم".

ويشير "غنيم" كذلك إلى أن ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة عن الأسواق له دور كبير فى زيادة عدد الفقراء فى مصر، وهو ما يجعل الدولة فى حاجة ماسة إلى جهاز إدارى يراقب الأسواق، ويراقب كذلك الموظفين الذين يزيدون العبء على المواطنين.


رسم توضيحى يوضح نسبة الفقر