إذا سنحت لنا الفرصة لوصف العصر الذى نعيش فيه الآن، فهو باتفاق الآراء أننا نعيش عصر الصورة، ومن ثمّ، فإن الشكل الثقافى السائد لعصرنا هو ثقافة الصورة! وتجاهلنا مبادئ الإنسانية.
فنحن نعيش الآن فى عصر تتخلله الصور بشكل خاطف، فنجد الصور فى كل مكان: فى الصحف والمجلات والكتب والملابس ولوحات الإعلانات والتليفزيون والجدران والسيارات وفى كل مكان، بشكل لم يحدث من قبل فى تاريخ البشرية عامّة! ولم نجد المبادئ هو عنوان لالتقاط الصورة.
فلقد حذّر بعض المفكرين من هذا الطغيان الذى تعرفه الصورة فى عصرنا على ثقافة الإنسان، حيث إنهم قالوا بأن التلفاز سيحلّ مكان الكلمات! وربما حلت الهواتف الذكية منطقة لتجاهل الوعى الإنسانى والتسرع فى عمل استوديو شعبى أطاح بروح المشاركة والإنسانية.
لم يعد الأمر هاما بالنسبة إلى أننا تحولنا إلى عصر الصورة، ولكن الشاكلة التى جئت أبحث عنها فى رواياتى والتى اسحتقت أن تحصل على، نظرية التأمل والتحقيق والدراسة ولو لدقائق معنية جاءت تحت شعار "أرجوك لا تقتلنى، ساعدنى وبعدين صورنى".
يعيش الشارع المصرى حالة من اللامبالاة ظنا منه أن التقاط كم كبير من الصور سيخرجه من الأحداث المؤسفة وحالة الاحتقان التى تشهدها البلاد ويحلق به فى سماء الخيال بعيدا عن الآلام المرة، افعل ما شئت ولكن حينما يكون دورك أن تساهم فى قتل إنسانا فى حاجة إلى مساعدتك حينما يصاب بطلق نارى، أو حجارة سقطت على رأسه أو زجاج توغل إلى جسده، وسيادتكم تقف بعيدا فى انتظار تكوين ألبوم من الصور ليذهب إلى شاشات الفيس بوك وتويتر ويحكى قصة مؤسفة أتى بطلها، لكن أين البطولة وربما ساهمت فى قتل أحدهما لأنك تركت أخاك فى الله يعانى الجراح وكل تفكيرك هو التقاط الصور ربما ذهبنا إلى عصر الصور ولا عزاء لعصر الإنسانية.
نحن محاطون اليوم كما قلنا، بالصور! ففى كل زاوية نلتفت إليها تواجهنا الصور، الصور موجودة فى كل مكان! علينا أن نترك ذلك ونقاوم شهوة الصور وننتقل إلى روح المشاركة ومساندة الآخرين فى وقت الشدة إن تتضايقت عليهم الأرض بما رحبت.
لقد تطور المشهد من تصوير المصابين إلى عمل ألبوم للطلاب العائدين إلى منازلهم من جامعة المنصورة أثناء الغرق فى النوم، لربما رأيت فتاة انتظرت صديقتها تخلد إلى نومها وبعد أن فاقت وجدت نفسها "فى استوديو مصر"! ما أريد أن أصل به إليك أن الفراغ يقتلنا! كان علينا أن نستثمر هذا الوقت فى تعلم القيم الأخلاقية التى تركز على قيمة وكفاءة الإنسان بعيدا عن هذا الهراء.
مصر فى حاجة إلى أن يعيد شعبها ترتيب أولوياته ومحاولة الوقوف على طاولة بناء النفس، حقا لقد جاء اليوم لينظر فيه الإنسان إلى كاميرا هاتفه الذكى ليرى نفسه، هل عصر الإنسانية أم عصر التقاط الصورة؟
الشربينى العطار يكتب: أرجوك لا تقتلنى.. ساعدنى وبعدين صورنى
الخميس، 09 يناير 2014 10:13 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة