فى الفيلم البديع «خليك فاكر» للمخرجة المبدعة ساندرا نشأت، نحن أمام مصر الحقيقية، ليست مصر التانية كما يقول عنها البعض، وإنما الأولى والتانية والتالتة والرابعة و..و.
لكن أحاديث الإعجاب بالفيلم، تحمل مفارقات عدة، فإذا كان من الطبيعى أن العامة يعجبون به لأنهم يرون أنفسهم فى مشاهد تنقل ما ذكروه بصدق ودون تحريف، فإن إشادات النخبة السياسية والثقافية يبدو منها وكأنها تكتشف شعبا لم تكن تعرفه من قبل.
فى الفيلم تجد الجانب الأكبر من شعب مصر الحقيقى، الذى يخرج أبناؤه كل صباح إلى حقولهم ووظائفهم، ويتحدثون بتلقائية عما فى قلوبهم وعقولهم، حياتهم منضبطة، على إيقاع واحد فى اليوم، ينظرون إلى السلطة بوصفها الحامية لهم، ولهذا تتعلق قلوبهم بها كلما اقتربت من قيم العدل والصدق، ويعطون ظهرهم لها كلما تبتعد عنهم، وتنسحب عن دورها الحقيقى فى مسؤوليتها عن توفير الاحتياجات لهم، ويؤدى ذلك إلى خلق الأرض الخصبة لمن يقوم بهذا الدور بدلا من الدولة.
من تلك الزاوية يمكن فهم السبب الحقيقى فى اعتماد جماعة الإخوان طوال السنوات الماضية على هؤلاء، فبينما كانت الدولة طوال عهد مبارك منصرفة إلى سياسات لصالح فئة قليلة، كانت الجماعة تتواجد بمشروعاتها بينهم، وبينما كانت «النخبة» والأحزاب تنشغل فقط بتواجدها فى غرفها المغلقة، كانت «الجماعة» تتواجد بتقديم الخدمة والتسابق فى التواجد بين هؤلاء، وبينما كانت الأحزاب تقدم خطابا سياسيا «خشبيا»، كانت الجماعة تقدم لهؤلاء خطابا دينيا خادعا، لكنه بمثابة شبكة الاصطياد لها.
فى يقينى أن جماعة الإخوان كانت تفعل ذلك وهى لا تريد حلا جذريا لقضية الفقر وملاحقاته، لأن التحرر الطبيعى من الفقر سيعنى إطلاق حرية التفكير، وسيعنى التحرر من هؤلاء الذين يمنحون ويمنعون لقمة العيش.
الذين جاء بهم فيلم «خليك فاكر» وذهبت إليهم «ساندرا نشأت» فى أماكنهم، كانوا يحتاجون درسا عمليا على الأرض للتأكيد على أن ما تفعله جماعة الإخوان لهم ليس خالصا لوجه الله، وإنما من أجل الحصول على السلطة بأى ثمن، وحين اقتنصوها فشلوا فى تقديم ما ينفع الناس ويصون كرامتهم وحقوقهم، وتعاملوا بنفس المنطق الذى كانوا يتعاملون به وقت أن كانوا خارجها، وكان هذا قمة الخطأ الذى صنع الزحف الهائل ضدهم يوم 30 يونيو لإسقاطهم والبحث عن بديل.
سيكون من الظلم الاعتقاد بأن هؤلاء قرأوا الدستور حتى يقولوا له نعم، لكنهم يقولون «نعم» بتلقائيتهم لأنه أحد منتجات ثورة 30 يونيو التى كشفت الإخوان على حقيقتهم، والفضل فى ذلك يعود إلى الإخوان أنفسهم الذين لم يفهموا طبيعة المصريين.
غير أن التحدى الذى يجب أن ننتبه إليه ويقودنا له ما وراء الكلام الذى احتواه الفيلم، سيبقى فيما إذا كانت المرحلة المقبلة ستحمل نفس السياسات التى أدت إلى الإبقاء على أحوال هؤلاء، وأقصد فى ذلك سياسة نظام مبارك، فلو بقى الأمر كما كان ستكون الفرصة مواتية لعودة الجماعة بأشكال مختلفة إليهم، وسيعزز ذلك بقاء الأحزاب على ضعفها واستعلاء النخب السياسية والثقافية.
«خليك فاكر» فيلم لا ينقل نبض الناس الإيجابى نحو الدستور فقط، وإنما يكشف الطبيعة الحقيقية للمصريين ومن يفهمها سيجلس على عروش قلوبهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
☜ ما لم يفعله الإخــوان لن يفعـله السيسـى ☞
عدد الردود 0
بواسطة:
مشاكس
مسرحية " الشبورة و الضباب " 1972 - 2014
بدون تعلق حتى نستفيق
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
لجان عزة
عدد الردود 0
بواسطة:
باطل
6- كيد العوالم لأ علاقة له بالديمقراطية ..
بدون لأنك لأ تستحق
عدد الردود 0
بواسطة:
حكم سنه مع الخرفان ضييع مصر أكثر من 30 سنه مع مبارك
اللى مستنى أوباما و أشتون ترجعه .. زى .. اللى مستنى مرات أبوه تدلعه
عدد الردود 0
بواسطة:
A
كفايه ........"توريث"
عدد الردود 0
بواسطة:
أم فوزى
أدعو جميع المصريين الى الدعاء على الأخوان غدا بعد صلاه الجمعه و الله المستجاب
عدد الردود 0
بواسطة:
رضا السيد
يا سلام عليك يا صاحب تعليق رقم 17 و كأنك تعلم ما سيحدث للقرداتى قبل الثورة .
عدد الردود 0
بواسطة:
السيسى رئيسى
البسطاء هيقولوا نعم للدستور لأنهم يعلمون أن نعم للدستور = نعم للسيسى
عدد الردود 0
بواسطة:
السيسى رئيسى
لايجوز التعميم ... من الخطأ الأعتقاد بأن كل الأخوان خونه