المعارك مستمرة، لكن ما يحزن فى الأمر أن جماهيرنا لم تعد «حرة» كما كانت من قبل، فقد دخل الشعب العربى فى حالة يرثى لها منذ انتشار فيروس الطائفية فى جسدنا العربى.
بعد أن اعتمدت سلطاتنا الحاكمة على سياسة الحجب والمنع والمصادرة، فصرنا «كنتونات» لا نرى بعضا، ولا نتعرف على أفكار بعض إلا فى التفجيرات، لكن شيئا فشيئا تتكشف خيوط المشهد، ولا يمكن أن ننظر إلى البيان الذى أصدرته المتحدثة باسم الخارجية
الإيرانية «مرضية أفخم» والتى أبدت فيه «قلقها» على الأوضاع فى مصر، دون أن ننظر إلى التهديدات العديدة أصدرتها وكالة أنباء فارس للمملكة العربية السعودية بالتزامن مع تصريحات الخارجية الإيرانية، وهو الأمر الذى يؤكد أن خيوط «اللعبة» التى كانت تدار فى الخفاء بدأت فى الظهور، كما يؤكد أن الأزمة المصرية لا تعد أزمة محلية بين فصائل سياسية، ولكنها أزمة عالمية يترتب عليها أمور عديدة أقلها خلخلة النظم الحاكمة الحالية لرسم مشهد عالمى جديد تكون فيه الحكومات الوطنية فى الذيل.
هنا يبدو أن الخارجية الإيرانية قد حسمت أمرها، وحددت اختياراتها، وقررت أن تدخل فى الحرب على مصر، لأن الإدارة الحالية فى مصر لا تنحاز إلى مخططات تقسيم المنطقة العربية، ولا تسمح بأن تكون جواز مرور للمشروع العثمانى مرة، والمشروع الفارسى مرة أخرى، وهو الدور الذى كانت تمارسه حكومة الإخوان ببراعة منقطة النظير، إذ يفشل الإخوان فى كل شىء ولا ينجحون إلا فى التخريب والتقسيم والتفتيت، فقد شهدت العلاقات المصرية الإيرانية تطورا كبيرا فى عهد مرسى، حتى أن الرئيس الإيرانى السابق «أحمدى نجاد» زار مصر وقت حكم المرسى، كما كان هناك اتجاه قوى لتطبيع العلاقات مع إيران بشكل أزعج «السلفيين» بشكل كبير، لكن مرسى مضى فى علاقته بإيران، مؤكدا أن هناك تلاحما واضحا بين الأجندة الإيرانية فى العالم العربى والأجندة الإخوانية، وذلك لأن دولة الإخوان كانت تعادى أعداء إيران، وتنتصر لأصدقائها، فقد اجتمع الهوى الإخوانى مع الهوى الإيرانى فى العديد من المواقف، أهمها موقف «حكم مرشد» مصر المتماثل مع حكم «مرشد إيران» من دولة الإمارات العربية الشقيقة، وكذلك من موقفهما تجاه السعودية التى تعانى من اضطرابات طائفية فى منطقتها الشرقية بدعم إيرانى غير مسبوق، وكذلك الموقف بشأن ثورة البحرين التى دعمتها إيران، ووقفت أمامها السعودية.
نظرة واحدة على الخريطة العربية تخبرنا بأصول الصراع جيدا، فقد سعت إيران منذ عقود إلى بسط يدها على العالم العربى حتى توغلت فى صميمه، فعن طريق حزب الله توغلت إيران فى لبنان، وعن طريق نظام الأسد توغلت فى سوريا، وعن طريق شيعة البحرين توغلت فى الخليج، وعن طريق المنطقة الشرقية تحاول أن تتوغل فى السعودية، كما أنها تبسط يدها على العراق، فلا يكاد ينازعها أحد، غير أن القوى العالمية الكبرى لم تكن لتسمح بأن تتوغل إيران أكثر فى هذه المنطقة الحساسة فى العالم العربى، ولهذا تم اختراع «أردوغان» الذى يتبنى نفس مضامين الفكرة الإيرانية لكن بصورة أقل حدة وأكثر نعومة، فقد حاول أردوغان أن يبسط يده على ما استعصى على إيران، وبرز دوره فى مصر وتونس والسودان لكن المواجهة بين المشروع الإيرانى والتركى كانت فى «سوريا» التى يدفع شعبها الأبى ثمن صراعات العالم كله بصمود وصبر نادرين.
هنا يبرز الدور المصرى فى القضية، كما تبرز أهمية التغير التاريخى الذى حدث فى 30 يونيو وعظمته، فقد انتفضت مصر من أجل حريتها، لكنها فى واقع الأمر كانت انتفاضة مصرية على المخططات العالمية، ولهذا كان طبيعيا أن تعادى مصر كلا من إيران وتركيا وأمريكا وإسرائيل على حد سواء، فلا يمكن لمصر الحقيقة أن تسمح بأن تتعرض الإمارات العربية الشقيقة لمخططات إيران، ولا يمكن أن تشمت فيها مثلما شمت عصام العريان من قبل، كما لا يمكن أن تترك السعودية وحدها فى مواجهة الغول الإيرانى، ولا يمكن أيضا أن تسمح بأن يتعرض الشعب السورى لكل هذه المجازر المتبادلة بين أبناء إيران أو تابعى تركيا، ولهذا جاء تصريح الخارجية الإيرانية ليكشف ورقة التوت الأخيرة عن الدور المرسوم لإيران فى المشهد العربى، وليس هذا التصريح بأكثر من لافتة موضوعة على «مقلب قمامة» لتقول «هنا مقلب قمامة»، ليتأكد الجميع من أن الطائفية هى عدونا الأول وأن اللافتة السنية أو اللافتة الشيعية أو اللافتة الإخوانية، ليست إلا أدوات تحركها المصالح الإقليمية لتصديع المجتمعات العربية من الداخل ليسهل الانقضاض عليها.
لمزيد من أخبار التحقيقات ..
"أنصار بيت المقدس" تعلن عن اختطاف وكيل وزارة القوى العاملة و3 قيادات نقابية بسيناء..وأبو عيطة: الإرهاب الأسود لن يثنينا عن استكمال خارطة الطريق.. ومؤتمر طارئ لاتحاد العمال غدا لبحث الأزمة
سياسيون يصفون توصية "المفوضين" بإلغاء عفو المجلس العسكرى عن الجهاديين بـ"الإيجابية".. ويؤكدون: تصحيح لجريمة ارتكبت فى حق الشعب.. ونبيل زكى: العفو فتح باب الإرهاب على مصراعية.. ودراج: جاء بضغط الإخوان
تفاصيل حادث مكتب مرور 26 يوليو.. مجهولون يلقون "قنبلة صوت" يدوية الصنع ويطلقون أعيرة نارية تجاه القوات دون إصابات.. وقيادات أمن الجيزة وخبراء مفرقعات ينتقلون لمعاينة مكان الواقعة.. ويؤكدون: لا تلفيات
وائل السمرى يكتب :لماذا دخلت إيران فى معركة الحرب على مصر؟
الأربعاء، 08 يناير 2014 05:29 ص
وائل السمرى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
العمل وليس الكلام