محمد صلاح البدرى يكتب: كل سنة وأنت طيب ياحاج جرجس

الثلاثاء، 07 يناير 2014 02:04 م
محمد صلاح البدرى يكتب: كل سنة وأنت طيب ياحاج جرجس صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
-اسمك إيه يا عم الحاج؟
-جرجس ميلاد يا بيه
-ألف سلامة يا "حاج"جرجس.. خير بتشتكى من إيه؟
لم يجد كلانا - أنا وهذا المريض العجوز- أى غرابة فى الحوار.. الذى يدور بشكل شبه يومى.. سواء معى أو معه.

هو... تعود أن يلقبه الناس الذين لا يعرفونه بـ"الحاج".. ذلك اللقب الذى تبرع المصريون، ومنحوه لكل من تجاوز الستين من عمره.. حتى لو لم يشاهد الكعبة إلا على شاشات تلفازه، وقت الآذان فقط.

وأنا، تعودت أن ألقب كل مرضاى كبار السن بالحاج!، لم أشعر يومًا أن الأمر يحتاج لأن أعرف ديانة هذا العجوز.

لماذا لا تلعبون الكرة السهلة؟!
ابتسمت من داخلى بعد أن أدركت أن حوارنا به شئ ما غير منطقى.. وتذكرت لوهلة كم كانت طفولتى هى أسعد أيام مرت على، حتى لحظة كتابة هذه السطور، مازلت أذكر فيها صديقى الأقرب بحكم كوننا جيرانًا وفى نفس السن، وأن أهلنا أصدقاء.
كان أشرف، وعادل، أصدقائى لفترة طويلة، كنا نلعب، ونأكل بل وننام معا، سواء فى منزلى أو منزلهما، حتى بدأت أدرك أن هناك شيئًا ما مختلف بيننا، لماذا لا يذهب هذان الصبيان مع والدهما لصلاة الجمعة مثلى؟!

وفى مرحلة الدراسة الجامعية، وكان "مارك" قد انضم إلى شلتنا المشاغبة، مازلت أذكر نظرته البائسة، وهو يلهث عطشًا قبيل أذان المغرب فى رمضان، حيث كان يصوم معنا "بالأمر"، حتى أنه صرح لنا برغبته فى اعتناق الإسلام فقط حتى يكسب ثوابًا من هذا الصيام، بدلا من الجوع، والعطش الذى بلا طائل.

كم كنا أوغاد!!
حتى الشعور الذى تشعر به فى أول أيام دراستك الجامعية، تجاه أول فتاة تقع عليها عيناك بعد سنين من الحرمان فى فترة الإعدادى والثانوى، تحطم بعد أيام قليلة فى حالتى، بعد أن شاهدت هذا الصليب الذى طلَّ من يدها اليمنى.

" لماذا لا ترتدى صليبًا على رقبتها؟ إحنا هنهرج؟!"
وبرغم اكتشاف هذه الحقيقة، ومع كل سخرية أصدقائى وقتها، لم نكن نشعر أن هناك فروقًا جوهرية بيننا.

حتى بعد ما رأيت من تطرف مجتمعى، الذى بدأ يزداد تدريجيًا حتى وصل أقصاه فى الأعوام الأخيرة، مع تزايد الأحداث فى مجتمعنا الهادئ، لم أشعر أيضاً أننا لا ننتمى إليهم، ولا ينتمون إلينا.

"تهنئة الأقباط بعيدهم حرام شرعًا" !!
كانت صدمتى كبيرة وأنا استمع إلى هذا الشيخ، الذى لا يحمل من مؤهلات الإمامة إلا لحيته، من قال هذا؟!

فى أى دين هذا الذى تقول؟
ما الذى سيخسره الدين، إن أدخل السعادة على قلب جار، أو صديق، بتحية وتهنئة فى عيده!!

إن المجتمع المصرى له نسيج خاص، لن يفهمه هؤلاء الشيوخ الذين يطلون علينا من عالم أخر، ولا هؤلاء المتطرفين الذين يلقون علينا أيضاً بالقاذورات من العالم الغربى بحجة حماية الأقلية المسيحية.

نسيج تشعر به.. ولا يمكن شرحه.
"طالما فشلنا فى الإرهاب، تعالوا نلعب فتنة طائفية شوية"
حاولوا كثيرا أن يلعبوا هذه اللعبة معنا، ولكننا والحمد لله شعب لا يجيدها، حتى الآن.

تذكرت فجأة عم "وليم" البقال الذى يقع محله بجوار منزلنا، والدكتور "صمويل" الذى أجرى لى عملية استئصال اللوزتين، وأنا فى الرابعة من عمرى، تذكرت هتاف الأفراح الشعبية الشهير "موسى نبى.. عيسى نبى.. محمد نبى.. وكل من له نبى يصلى عليه"، تذكرت كل هذا وأنا أتأمل وجه هذا العجوز الطيب، ثم فقت من كل هذه الذكريات على صوته مستنكرا:
-مش هتقيسلى الضغط يا دكتور؟!

- ارحمونى !!... أنا دكتور مسالك بولية يا حاج، أه وبالمناسبة.. كل سنة وانت طيب.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة