هانى عياد يكتب : فى مواجهة الإرهاب.. الديمقراطية هى الطريق والتنمية هى الحل

الإثنين، 06 يناير 2014 07:15 ص
هانى عياد يكتب : فى مواجهة الإرهاب.. الديمقراطية هى الطريق والتنمية هى الحل صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية قرارا ضروريا، فرضته تداعيات أحداث كشفت عن الجوهر الحقيقى لجماعة كان الإرهاب سببا رئيسيا لتكوينها، وجزءا أصيلا فى مكوناتها، وملمحا لم يغب عن مسيرتها، حتى وإن توارى أحيانا، أو خفت فى أحيان أخرى.

قرار الحكومة الذى يرى البعض أنه تأخر أكثر مما يجب، يستدعى بالضرورة إجراءات قانونية حاسمة، فى مواجهة الجماعة، تنظيما وأفرادا وتوابع وذيولا، مثلما يستدعى أيضا مواجهة أمنية حاسمة لا تعرف المهادنة أو التردد، حيث الوظيفة الأولى والأهم للسلطة (أى سلطة فى أية دولة) هى حماية أرواح الناس وممتلكاتهم، وهى وظيفة تبدو أكثر أهمية وأشد إلحاحا عندما يتعلق الأمر بمواجهة جماعة إرهابية، تسعى لفرض نفسها على المجتمع والدولة بقوة القتل وسطوة الدماء.

بيد أن القرار ذاته يفرض على السلطة اتخاذ خطوات أخرى أكثر اتساعا وشمولا من الإجراءات القانونية والمواجهات الأمنية، حيث الناس الذين يتعين على السلطة حماية أرواحهم وممتلكاتهم لديهم متطلبات أخرى ضرورية لإبقائهم على قيد الحياة، حيث يبدو من العبث أن تحمى السلطة الناس من إرهاب الجماعة الإرهابية، ثم تتركهم يموتون جوعا وعوزا وبردا، وحتى لا نجد أنفسنا أمام تطبيق عملى – بتصرف - لبيت الشعر الشهير «من لم يمت بعنف الإخوان مات بعجز الحكومة».

بكلمات أخرى يمكن القول إن مواجهة إرهاب الجماعة ليس إجراء مسطحا وحيد الجانب، لكنه عملية معقدة البناء متشابكة الخيوط، خصوصا ونحن لم نزل نعيش أجواء ثورة شعبية ممتدة على مدى ثلاثين شهرا، رفع فيها ملايين المصريين مطالبهم فى الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش والكرامة الإنسانية، وقد كانت 25 يناير 2011 هى البديل الثورى والعادل فى مواجهة فساد واستبداد نظام مبارك وبلطجة وهمجية وزارة داخليته، ثم أصبحت بعد 30 يونيو 2013 صرخة شعبية فى وجه جماعة إرهابية استولت على السلطة فى ملابسات مازال معظمها غامضا، ودخلت منذ اللحظة الأولى فى مواجهة دموية مع المجتمع ساعية إلى تفتيت الدولة وشرذمة مؤسساتها الحيوية. وكذلك تصبح مطالب الثورة المتواصلة منذ بدايات العقد الثانى فى الألفية الثالثة حتى الآن، هى الوجه الثانى المكمل والضرورى لمواجهة إرهاب الجماعة، أمنيا وقانونيا، ومواجهة محاولات بقايا نظام مبارك والعودة إلى صدارة المشهد مجددا، حيث إن إرهاب الإخوان ليس هو العدو الوحيد الذى يتربص بالشعب وثورته، فهناك أيضا نظام مبارك، الذى وإن لم يكن عدوا دمويا مثلما هو حال الإخوان، إلا أنه لا يقل خطورة عنهم.

واستطرادا، فقد كانت ثورة 25 يناير 2011 واحدة من أنبل الظواهر الثورية التى عرفتها مصر فى تاريخها المعاصر والحديث، دون أن يقلل من قيمتها وأهميتها أن جماعة الإخوان كانوا جزءا منها، حتى وإن كانوا آخر من التحق بها وأول من تخلى عنها وأشهر من خانها وسطا عليها، ثم عادت الظاهرة الثورية بنبلها وعظمتها لتتكرر مرة أخرى فى 30 يونيو 2013، دون أن يُسىء إليها أو ينتقص منها أن فلول نظام مبارك كانوا بعض مكوناتها، ويحاولون الآن، مثلما حاول الإخوان من قبل، السطو عليها وحصد ثمارها.

وفى مواجهة إرهاب الجماعة الإرهابية وسعى بقايا ورموز نظام مبارك على المشهد السياسى، تصبح مطالب الثورة «حرية، عدالة اجتماعية، عيش، كرامة إنسانية» جزءا جوهريا لا غنى عنه، فى برنامج المواجهة الشاملة لكل من يحاول السطو على ثورة شعب لم تزل مستعرة، بل لعله البرنامج الأجدى والأصلح لمواجهة الطرفين معا، الفلول والإخوان.
وقائع الأحداث اليومية تؤكد أن الشعب الذى أسقط مبارك ثم مرسى، هو الظهير الحقيقى الداعم للسلطة، فى تعاملها مع التحديات الجسام التى تواجهها، لكن ذات الوقائع لا تفصح – بالقدر الكافى - عن جدية السلطة ولا عن حسمها فى مواجهة تلك التحديات، فضلا عن توفير عوامل ومقومات الانتصار عليها، والخروج من النفق المظلم إلى شمس الحرية ورحابة المستقبل، حيث لم يلمس الناس – حتى الآن - أى إجراءات جدية وحاسمة تنعكس على مستوى معيشتهم وتلبى مطالبهم واحتياجاتهم اليومية، وتضمن لهم مزيدا من الحرية للمشاركة بفاعلية فى صنع الحاضر ورسم المستقبل، بما فى ذلك قرار الحدين الأقصى والأدنى للأجور الذى وُلد مصحوبا باستثناءات شوهته وأفرغته من مضمونه، فضلا عن تعثر تطبيقه، أضف إلى ذلك التردد الملحوظ فى مواجهة الفساد الذى لم يزل منتشرا فى مفاصل الدولة، والعجز حتى عن فرض سلطة وسطوة الدولة على ظاهرة الغلاء المستشرى، وبما يجعل الحديث عن إجراءات أصعب وأكثر تعقيدا ضربا من العبث، بينما ذات السلطة المترددة فى تلبية مطالب الناس تبدو حاسمة فيما يتعلق بتقييد الحريات، ومبادرة فى استغلال حوادث الإرهاب اليومية لتكميم الأفواه (قانون التظاهر نموذجا).

وفى استدعاء دروس التاريخ، ربما نجد فى ثورة يوليو 1952، نموذجا فى التعامل مع إرهاب الجماعة وفلول النظام الملكى فى آن معا، حيث بدأت الثورة مسيرتها بقرار تحديد الملكية الزراعية بعد أقل من شهرين على قيامها (9 سبتمبر) وقبل أن تتحول من «حركة مباركة» إلى «ثورة مجيدة» وتُحكم سيطرتها على مفاصل السلطة، وقبل أن تدخل فى أية معارك مع النظام الملكى، أو تخوض أية مواجهات مع جماعة إرهابية كانت تسعى بدأب للقفز على «الحركة» وتأميمها لصالحها، ثم حدث أنه عندما فتحت الجماعة معركتها السافرة مع نظام يوليو، فى عام 1965، كانت المواجهات الأمنية والقانونية جزءا من برنامج شامل للتنمية الاجتماعية الاقتصادية، استهدفت فقراء البلد وطبقتها الوسطى، وبما جعل الجانب الأمنى القانونى فى المواجهة أيسر وأسهل وأنجع، وكذلك كانت الجماهير العريضة المستفيدة من إجراءات ثورة يوليو الاقتصادية ــ الاجتماعية هى الظهير الشعبى الداعم والمساند للسلطة فى مواجهاتها الأمنية والقانونية لإرهاب الجماعة وتطلعات بقايا النظام الملكى.
والحاصل أن الديمقراطية والتنمية الاجتماعية الاقتصادية هما الجناحان الضروريان لتحليق الثورة فى آفاق رحبة، ودونهما تصبح الإجراءات القانونية والأمنية غير ذات جدوى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة