غالباً ما تكون أعياد الميلاد، 25 ديسمبر عند الغربيين و7 يناير عند الشرقيين، صاخبة بالأحتفالات والأنهماك فى الأعداد ليوم العيد، ففى غمرة الأعداد للعيد يضيع المعنى من مجىء المسيح، يضيع المعنى لميلاد ملك السلام، الميلاد الذى هتفت له الملائكة مع الرعاة الفقراء «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسر ة». يضيع المعنى والدلالة منه، ويضيع الهدف منه ولا يبقى سوى الذكرى التى نحتفل بها كل عام.
كلنا يعرف قصة الميلاد، فالمسيح لم يولد فى قصر ولكنه ولد فى مزود بقر، وقليلون يعيشون أحداثها، قليلون من يذهبون ليروا السيد المسيح الفقير المولود فى مزود بقر فيقدمون له قلوبهم، ويقدمون من احتياجاتهم، ومن أعوازهم القليلة، من القليل جداً الذى يمتلكونه والبعض منا من يعطونه من فضلاتهم، والكثيرون من لا يعطونه أى شىء.
هؤلاء الذين يعيشون أحداث قصة الميلاد، يعيشونها من خلال خدمة الفقراء، فإن أردنا أن نرى المسيح ونعيش قصة الميلاد، فيمكن أن نرى المسيح فى كل فقير ومريض ومسجون، وكل إنسان ليس له من يسأل عنه أو يذكره، فى أطفال الشوارع، فى الأرامل والأيتام.
فالمسيح لا يريدنا أن نحتفل بميلاده بقدر ما يريدنا أن نتذكر إخواته الفقراء، فالمسيح كان يدعو الفقراء إخوانه، فهل نتذكر المسيح وإخواته الفقراء؟ فما أكثرهم فى بلادنا!، كم من الفقراء الذين ماتوا فى الصقيع الذى اجتاح بلادنا الأيام الماضية ولم نعرف بهم؟ وكم من فقراء قد يكونوا قد عضهم أو ماتوا من الجوع ولم نسمع بهم لأنهم استحوا من أن يطلبوا ما يسد رمقهم أو أننا نسينا هؤلاء أو تناسيناهم أو لا نريد أن يفسدوا احتفالاً بالعيد.
علينا أن نتذكر أن المسيح دعا إلى الحب، الحب الذى يبذل نفسه، المحبة العملية التى نراها فى العطاء بسخاء، فلا تقتصر عطايانا على العشور كمسيحيين أو الزكاة كمسلمين بل تتعدى ذلك للعطاء من احتياجاتنا علينا أن نمد يد المساعدة للجميع، فالمحبة الحقيقية تظهر فى العطاء، فلا يقتصر العطاء على أقاربنا أو الذين يشاركوننا الاعتقاد، بل يمتد لجميع البشر بغض النظر عن الدين والعرق والجنس.
علينا أن نعترف أن تزايد أعداد الفقراء والأطفال فى الشوارع يفضح تديننا الظاهر الذى ليس له أساس حقيقى، فلو كان لنا إيمان حقيقى بالله، مسلمين كنا أو مسيحيين، لما كان بيننا فقراء، علينا أن لا نكتفى بأن نقدم العشور أو الزكاة، نحن فى حاجة أن نعطى من احتياجاتنا ومن أعوزنا حتى نعرف الله بالفعل وليس بالكلام، مساعدة الآخرين تغلق أبواب كثيرة للشر، وتحافظ على السلم الاجتماعى للمجتمع المصرى، وتعيد التوازن المفقود فى المجتمع بين من يملكون وبين ما لا يملكون، هذا على المستوى العام، على المستوى الخاص فالعطاء يجلب السرور إلى نفس الإنسان ويجعله أكثر اتزاناً وصحة نفسية وجسدية، فالكتاب المقدس يقول «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ».
أعزائى القراء.. لا يمكن الحديث عن قصة الميلاد، ولا يأتى ذكر مصر التى هرب المسيح إليها هرباً من الشر الذى كان يريده به الملك هيروديس الذى كان يطلب نفس الطفل يسوع، فلنصلى جميعآً من أجل أن ينصر الله مصر على الإرهاب الذى يستهدفها ويستهدف أبناءها، ومن أجل أن تعود مصر بلدا للأمن والأمان والسلام، بلدا يستقبل الطفل يسوع هذا العام كما استقبله منذ أكثر من ألفى عام.. كل عام ومصرنا الحبيبة بخير فى حب وسلام وأمان على الدوام، وليحفظها الله من كل سوء.
* أمين عام جمعية محبى مصر السلام