دعا علماء الأزهر الشريف والأوقاف المشاركون فى القافلة الدعوية بمدينة العاشر من رمضان برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الحكومة إلى دعم وتطوير المناطق العشوائية والاهتمام بالخدمات التعليمية والرعاية الصحية للفقراء والمقيمين بهذ المناطق.
وطالب العلماء، رجال الأعمال إلى المساهمة والمشاركة مع الدولة فى توفير تلك الخدمات لتلك المناطق والعمل معها يدا بيد من أجل توفير المتطلبات اللازمة من خدمات صحية وتعليمية وفرص عمل لأبنائها.
كما طالب العلماء بضرروة تضافر الجهود بين جميع الجهات المعنية لتحقيق التطوير الكامل لهذه المناطق، ليس فقط عمرانيًا ولكن أيضًا اجتماعيًا وإنسانيًا، مؤكدين أن هذا يعتبر بمثابة إنقاذ جيل جديد يقطن تلك العشوائيات من مختلف الأمراض الاجتماعية لأن هذا يصب فى مصلحة الجميع على السواء، فيجنى الغنى ثمرة صدقته على الفقير حبًا وكرامة وتقديرًا منه، ومرضاة لله – عزل وجل – وتحقيقًا للأمن الاجتماعى للجميع،
ومن جانبه أكد الشيخ محمد عز الدين، وكيل وزارة الأوقاف فى خطبة الجمعة من مسجد عثمان بن عفان أن لكل إنسان ضروراته واحتياجاته التى لا يمكن أن يحيا أو يعيش بدونها، وهى المطعم والمشرب والمسكن والملبس، وأنه لا يوجد بشر يستغنى عن واحدة من تلك الضرورات، وهذا ما وفَّره الله لآدم فى الجنة التى أسكنه إياها، فقال – تعالى -: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى, وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}.
وشدد وكيل الأوقاف على أن الإسلام جاء ليضمن للناس السعادة فى الدنيا والفوز فى الآخرة، ويحقق لهم بمنهجه الواضح الشامل ما يوفر لهم ضروراتهم واحتياجاتهم، وأن هذا لن يتأتى إلا إذا تعامل الناس بالتكافل والتراحم فى أسمى معانيه، وحققوا ذلك تطبيقًا عمليًا واقعيًا، وإلا اتسعت الفجوة بين الناس، وأصبح المجتمع طبقيًا تسوده الأحقاد لا المودة ولا التراحم.
وأشار الدكتور عبد المنعم صبحى أبو شعيشع، وكيل كلية أصول الدين بطنطا فى خطبة الجمعة من مسجد نور الإيمان إلى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم –نفى الإيمان عمن يرى المحتاج ولا يسد حاجته، أو يرى الجائع ولا يردّ جوعته، بقوله «مَا يُؤْمِنُ مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ طَاوٍ إلى جَنْبِهِ».
وأوضح صبحى أنه كى تقوى المجتمعات وتتآلف وتنصهر فى بوتقة واحدة كالجسد الواحد كانت تعليمات الإسلام وتوجيهاته برعاية الفقير صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا بما يتلاءم وآدميته، فاعتبر الإسلام رعاية الفقير فريضة على كل مسلم فى حدود طاقاته، يلتزم بأدائها من باب فروض الكفايات.
ولفت إلى أن من هذه التوجيهات الرشيدة، ما رواه أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ -رضى الله عنه- حينما قَالَ " بَيْنَمَا نَحْنُ فِى سَفَرٍ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ ».
وشدد الدكتور محمد عبد العاطى، رئيس قسم الدارسات الإسلامية بجامعة الأزهر فى خطبة الجمعة من مسجد المبارك على أن النبى – صلى الله عليه وسلم – كان لا يطيق أن يرى عريانًا ولا جائعًا، ولا صاحب حاجة لا يجد ما يسد حاجته، إلا سارع إلى سد حاجته ودعوة أصحابه بالوقوف إلى جواره ورفع معاناته.
ونوه الشيخ محمد زكى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية فى خطبة الجمعة من مسجد الصيفى من مسجد بأن الإسلام رغب فى الإنفاق فى سبيل الله، وضاعف ثوابه عند الله- عز وجل بقوله تعالى "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
وأكد أن الله تعالى جعل ما ينفقه المؤمن من ماله فى سبيل الله تطهيرًا وتزكية للنفس والمال معًا، فقال " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ".
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إلى أن النبى- صلى الله عليه وسلم- حذر من خطر انتشار رد على الآخر الفقر وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع، وكان كثيرًا ما يستعيذ- صلى الله عليه وسلم- من الفقر ويقول "اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر"، ويقول أيضًا: "اللهم إنى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أُظلم"(أخرجه أبو داود)، وأنه لذلك وجب علينا العمل على القضاء على الفقر حتى لا يكون عبئًا ثقيلًا على الفقير من جهة، وعلى المجتمع من جهة أخرى.
ومن جهته شدد الدكتور سعيد عامر، الأمين العام للجنة العليا للدعوة الإسلامية فى خطبة الجمعة من مسجد الهدى والنور على أن الإسلام وضع منهجا متكاملا لحياة البشر يضمن لمن التزم به سعادة الدنيا الآخرة، وهذا المنهج لا يقتصر على مجرد العقيدة والهداية الروحية، موضحاً أنه ينظم للناس أمور دينهم ودنياهم ويبين حقوق كل فرد وواجبه نحو المجتمع.
وأكد أن المال أداة إيجابية فى خدمة البشرية ليقدم الحل الأمثل لعلاج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتوفير ضروريات الحياة بأنواعها المختلفة، وأن هذا لن يكون إلا بتعامل الناس مع بعضهم البعض بالتكافل والتراحم فيما بينهم ومن ثم رغب المولى عز وجل فى الإنفاق فى سبيل الله ومنها الإنفاق على المستضعفين والمحتاجين، داعياً لتضافر الجهود للقضاء على مشكلة العشوائيات والفقر.
وقال الدكتور حسن خليل، الباحث الشرعى بمشيخة الأزهر فى خطبة الجمعة من مسجد السلام إن مشكلة العشوائيات التى يعانى منها المجتمع تتطلب تضافر الجهود بين جميع الجهات المعنية لتحقيق التطوير الكامل لهذه المناطق، وأن الإسلام بتشريعاته العظيمة فى المجال الاجتماعى ينزع الغل من الصدور، ويُشعر الجميع أنهم متساوين فى الحقوق والواجبات، فيحترم الفقيرُ الغنى، ويعطف الغنى على الفقير.
وتابع أن هذا يصب فى مصلحة الاثنين على السواء، فيجنى الغنى ثمرة صدقته على الفقير حبًا وكرامة وتقديرًا منه، ومرضاة لله – عزل وجل – وتحقيقًا للأمن الاجتماعى للجميع، كما يشعر الفقير بآدميته وإنسانيته ورعاية المجتمع له، فيزداد ولاءً لوطنه وحبًا له، وعملًا على رقيه، وحرصًا على أمنه واستقراره وهذا ما كان يحرص عليه سلفنا الصالح – رضى الله عنهم – يؤثرون لا يستأثرون، يعملون لآخرتهم قبل دنياهم.
ودعا الشيخ إبراهيم عبد الجواد فى خطبته بمسجد عمر بن الخطاب بضرورة تضافر الجهود للقضاء على تلك المشكلة وتطوير العشوائيات رحمة بسكانها، مشددا على أن
من لا يرحم لا يُرحم، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
علماء الأزهر والأوقاف يطالبون الحكومة بدعم وتطوير العشوائيات.. أئمة: تطبيق مبادئ التكافل والتراحم يضمن انهيار الطبقيًة والأحقاد بالمجتمع.. والأمن الاجتماعى لن يتحقق إلا إذا شعر الفقير بآدميته
الجمعة، 31 يناير 2014 03:03 م