"بكائيةُ الطين" قصيدة للشاعر أحمد جمال مدنى

الجمعة، 31 يناير 2014 02:00 م
"بكائيةُ الطين" قصيدة للشاعر أحمد جمال مدنى صورة– أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتاكمْ وقد ضاقتْ على حُلْمِهِ الأَرْضُ
ولم يَبْـقَ مـنه الآنَ كلٌّ ولا بعْضُ
وحـيداً يزورُ الحُـزْنُ دوماً فراشَهُ
وخاصَمَهُ فى جِسْمِـهِ ذلـكَ النبْضُ
نوافلُهُ فى خطوةٍ نحوَ مُعْتِمٍ
وأحزانُهُ العشرونَ فى سيرِهِ الفرْضُ
يطاولُ نجـمَ الأفْـقِ ما ملَّ سَعْيَهُ
ويعلو إلى أن يلتقى خطْـوَهُ الخفْضُ
أتاكمْ كأنَّ القُـرْبَ مشهـدُ عُمْـرِه
وكمْ جاءَ فى شوقٍ وكم فاتَهُ العرْضُ
هنا عند مطلعِ فجرٍ جديدٍ
وصمتِ النخيلِ ودفءِ البيوتْ
هنا عندما يطرحُ القمحُ فجراً
ونغرسُ شعراً فنحصدُ شمساً ونملأُ بالأغنياتِ السكوتْ هنا قد وُلدتُ
/ هنا قد أموتْ. .
هنا والسماءُ كما اعتدتُ
تُمطرُ حزناً علينا لنبكى
تُمطرُ أوجاعَها فوق برجِ الحمام هنا
والسواقى تُدارُ بآهاتنا
كى نلقِّنَ للماءِ ترنيمةَ الطينِ
للنخلِ سرّ السلام هنا والمسافاتُ
والشمسُ وقت الحصاد البيوتُ القديمةُ
والفأٍسُ أفصحُ من كل ما قيلَ من أول البوح حتى انتهاء الكلام
هنا عند آخرِ ما يَتَدَلَّى من النورِ
/ وجهِ الصباحِ الأصيلِ /
الحكايا /
بساطةِ قومٍ تلخَّصَ تاريخُ آلامِهِم فوق وجهِ المدينة. . هنا قد عرفتُ السكينة. .
فرشتُ السماءَ بدعْوَاتِ أمى الحزينة. .
حَمَلْتُ / حُمِلْتُ / تَحَمَّلْتُ / قلتُ / سكتُّ ضحكتُ / ونحتُ / ارتجفتُ
عرفتُ الطمأنينةَ /
الآن أمضى
وأتركُ خلفى مواجعَ لن تستطيعَ البلادُ تَحَمُّلها فاتركونى وحيداً
كما قد تعودتُ أجمعُ أقدامَ روحي
/ ألملمُ أزهارَ قريتنا الحانية. .
وأُلْقِى قميصاً تَخَضَّبَ بالطينِ والنيلِ للمرةِ الثانية. . على بُعدِ نصف حياةٍ أَمُرُّ عليكم /
وحيداً كما أتعودُ/
أجمعُ من عزلتى أصدقاءً لطولِ المسيرةِ
أو أكتفى بانكسارى وأمضى إليكم.
خذوا العمرَ منِّى. .
خذوا العمرَ منِّى تعبتُ من الحزنِ لكنْ يُعَزِّى مسيرى بريقَ التَمَنِّى. .
منعتُ عن القلبِ هذا الغناءَ
وروحى على سدرةِ الصمتِ ظَلَّتْ تُغَنِّى.
خذوا العمرَ منِّى. ..
خذوا القولَ عنِّى لا تأخذوا عن عذابي
يدى قد تَخَلَّلَها عجزُكمْ
جئتُ أحملُ فوق خطايا انسحابى. .
على نصفِ عمرٍ أتيتُ و
بُعْدِى يُصَلِّبُ فوق الطريقِ اقترابى
.. مدينتُكم خاوية. .
عروشُ الملوكِ الطغاةِ إذا سقطتْ
تصنعون لأنفسِكمْ طاغية. .
وكلُّ المعالى إذا ارتفعتْ فى سماءِ البلادِ
تصرون أن ترسلوها إلى الهاوية. .
وللمرةِ الثانية. . وللمرةِ اللانهائيةِ
الآن أعرفُ طعمَ الهزيمة. .
وأعرفُ كيف يصيرُ انتمائى إليكم جريمة. .
ألملمُ تاريخَ أرضى وأمضى بلا وجهةٍ كى أُوَزِّعَ للفقراءِ النجومَ
أُفَرِّقَ أجزاءَ جسمي
فأتركُ ساقاً هناكَ وقلباً هنا. .
أُرَتِّبَ بيتاً فسيحاً يَضُمُّ الأحبَّةَ والأصدقاءَ / المساكينَ / والشعراءَ...
يضيقُ عن الزَيْفِ...
يؤمنُ بالحبِّ. ..
يكفرُ بالمستحيلِ. ..
يرَبِّتُ فوقَ كواهلِنا فى المحنْ.
ويضمنُ للعاشقينَ النهايةَ قبلَ البدايةِ
يَكْفلُ حُلْمَ الرغيفِ
يُغَطِّى الرصيفَ بأغنيةٍ كى ينامَ المساكينُ
/ يضمنُ للأغنياءِ السعادةَ
/ يَرْفَعُ ما يَتَسَلَّلُ للفقراءِ
من الخوفِ والضعفِ والانحناء
هناكَ سنصنعُ أرضاً بطَعْمِ السماءْ
هناكَ سنكتبُ شعراً وفياً صديقاً لنا
لا يهادنُ عرشَ الملوكِ
ولا ينحنى فى الشوارعِ. .
نرسمُ أفْقَاً لأغنيةٍ تحتوينا نُغَنِّى سوياً. ..





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة