فى الفترة ما قبل ثورة يناير، كانت القنوات الحكومية موالية للنظام وتابعة له، كما هو معروف فى معظم الدول العربية، ثم جاءت ثورة يناير، وكان الإعلام الحكومى حائرا بين التأييد والمعارضة، وكان هناك ارتباك، فى الموقف وتخبط فى عرض المعلومات.
فمعظم القنوات الحكومية كانت أثناء الثورة تعرض وجهة نظر واحدة وهى جهة نظر السلطة والنظام، فكانوا يقولون عن ثوار يناير الأكاذيب ويدعون عليهم مواقف وقصص وهمية، حتى تنحى مبارك فى الحادى عشر من فبراير 2011م.
ثم جاءت فترة ما بعد مبارك، فهلل فيها الإعلام للثورة والثوار وأتاح لهم مساحات واسعة لعرض وجهة نظرهم فى ثورة والتهليل لهم، وظهر الإعلام الحكومى بصورة متغايرة متناقضة مع موقفه من مبارك وثورة يناير.
حتى أثناء فترة حكم المجلس العسكرى، وكانت هذه الفترة تتسم بالمرونة إلى حد ما، وجاءت بعد ذلك فترة ما بعد المجلس العسكرى وهى فترة حكم الإخوان، كانت فترة أكثر جرأة عن ذى قبل، فقد تخلى الإعلام الحكومى عن موضوعيته وحياده وخرج عن سياق الحرفية والمهنية، فقد عاد ليهلل للنظام من جديد ويبرر لهم بعض المواقف ويتيح لهم مساحات واسعة لعرض أفكارهم والترويج لها.
ثم جاءت فترة ما بعد حكم الإخوان، وعزل الدكتور مرسى هذه الفترة ظهر فيها الإعلام الحكومى، بوجهة نظر أخرى، غير التى كان عليها من قبل، فرغم أنه أثناء فترة حكم الإخوان كان مواليا لهم، إلا أنه بعد عزلهم صار ينتقد ويعارض بل وصل لأكثر من هذا فأصبح يصف الإخوان المسلمين بأنهم جماعة إرهابية تدعو إلى العنف والإرهاب.
وبعد هذه الفترة ظهر الإعلام الحكومى فاقدا للمهنية والحرفية والحياد، وأصبح يعرض وجهة نظر واحدة، كما هو معروف وأفرد لمعارضى الإخوان مساحات واسعة لعرض انتقادهم وسبهم.
أما لو تحدثنا عن الإعلام الخاص، فحدث ولا حرج، من المعروف أن الإعلام الخاص فى أى دولة يتسم بالمرونة والموضوعية والحياد، ولديه مساحات تحرك أكبر وأوسع وأعمق من القنوات الحكومية، هذا هو المعروف والمتعارف عليه بين الأوساط الإعلامية والصحفية.
الإعلام الخاص المصرى ما قبل تنحى مبارك كانت لديه مساحة واسعة من الحرية فكان يعرض بعض المشكلات بجدية تامة وحيادية فى بعض الأحيان، رغم قوة النظام الموجود الذى كان يسيطر عليه ويتحكم فيه، إلا أنه كان يتيح بعض الأحيان للإعلام الخاص أن يعرض بعض المشكلات.
كانت هناك برامج جريئة، ومعظم برامج التوك شو، كانت تفرد مساحة واسعة للمعارضة لانتقاد نظام مبارك.
ثم جاءت ثورة يناير وكان اختبارا حقيقياً للإعلام الخاص فمنهم من كان يعرض مظاهرات يناير عن اقتناع بأن من خرجوا هم ثوار يريدون تغيير النظام، ولهم مطالب مشروعة وحقيقية فى التغيير من عيش وحرية وكرامة إنسانية.
ثم جاءت فترة ما بعد تنحى مبارك كان الإعلام الخاص فى هذه الفترة أكثر حرية فى تاريخ الإعلام، فعرض الإعلام الخاص وجهات نظر مختلفة وظهر على الساحة وجوه جديدة بأفكار مختلفة لم تكن من الممكن لها الظهور من قبل .
ثم جاءت فترة حكم الإخوان وكانت أكثر من جرأة وتخبطا وعدم الحياد والموضوعية، وذهب الإعلام والإعلاميون ليعرضوا آراءهم وأفكارهم الخاصة، وفقد الكثير منهم بذلك المصداقية والمهنية والحرفية، فقد أخذ الإعلاميون فى هذا الوقت موقف الناشط السياسى الذى يعارض النظام بشدة .
فالإعلام الخاص ساهم فى إسقاط الدكتور مرسى فقد كان يصنع من الصغيرة كبيرة والكبيرة صغيرة، وصار يطرح ويروج لبعض الأكاذيب ويصنع منها أخبارا صحفية.
وعلى النقيض فالإعلام السياسى الدينى كان موالياً للنظام مؤكدا عليه مدافعا عنه، فمعظم القنوات الدينية الخاصة كانت تفرد مساحات واسعة لتبرير بعض المواقف للإخوان المسلمين بل وأكثر من ذلك الدعوة لتكفير بعض الشخصيات السياسية والإعلامية المعارضة لنظام الحكم الإسلامى، فكانت هذه هى الأزمة الحقيقية حين صار الإعلام الخاص والإعلام الخاص الدينى فى مواجهة بعضهم البعض وانتقاد بعضهم البعض.
ثم جاءت فترة ما بعد عزل الإخوان وأغلقت القنوات الدينية الإسلامية، وأصبح الإعلام الحكومى والخاص هم فى المواجهة بمفردهم مستغلين حالة الفوضى وغلق تلك القنوات.
بين تلك المواقف والأحداث نجد أن غالبية وسائل الإعلام لم يكن فى فترة من هذه الفترات ينقل لنا.. بصدق - وبالحقيقة – وبحيادية – وبموضوعية – وبمهنية – وكأنه مكتوب علينا ألا نرى إعلاما حقيقيا مثل باقى الدول الأوروبية.
متى سنجد إعلاماً حقيقياً فى الدول العربية؟ متى سيقف الإعلام على مسافة واحدة، مع جميع الأطراف، متى سيترك الإعلامى موقف الناشط السياسى ويعود ليكون نقل للخبر، وليس محللا له؟ أسئلة شرعية فى وقت غير شرعية، لكِ الله يا مصر.
سعيد هلال يكتب: متى سنجد إعلاماً حقيقياً فى الدول العربية؟
الأربعاء، 29 يناير 2014 06:15 ص
وزارة الإعلام أو مبنى الإذاعة والتليفزيون <br>
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة