حازم صلاح الدين يكتب: «السيسى» و«عروسة النيل».. جواز بقرار شعبى

الأربعاء، 29 يناير 2014 05:25 ص
حازم صلاح الدين يكتب: «السيسى» و«عروسة النيل».. جواز بقرار شعبى حازم صلاح الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل الانتخابات الرئاسية الماضية كتبت مقالا بعنوان: «عروسة النيل.. والفرسان الـ13»، ورصدت فيه حال مصر آنذاك والصراع على الكرسى الرئاسى بين المرشحين وقتها، والذين وصل عددهم إلى 13 مرشحا، كان أبرزهم حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى وأحمد شفيق، ومحمد مرسى الذى فاز بالانتخابات فيما بعد، وسردت فى المقال الواقع الذى نعيشه على أرض الوطن، على طريقة البرنامج الإذاعى القديم «غنوة وحدوتة» للإعلامية القديرة «أبلة فضيلة»، لأنه من البرامج الراسخة فى أذهاننا منذ الصغر وتعلمنا منه الكثير.

لم أذكر فى المقال أسماء المرشحين للرئاسة وقتها، وإنما تعرضت لهم بصفات كل شخص، وكان نص المقال على النحو التالى: «يا ولاد يا ولاد.. توت توت.. تعالوا تعالوا.. علشان نسمع أبلة فضيلة.. راح تحكيلنا حكاية جميلة وتسلينا وتهنينا وتذيع لينا كمان أسامينا.. أبلة أبلة فضيلة».

«حبايبى الحلوين، كان يا مكان كان فيه مدينة كبيرة فيها عروسة حلوة اسمها مصر، وكانوا دايما بيقولوا عليها عروسة النيل، كانت حبيسة لطاغية سرق خيراتها وعازلها عن الناس، وفى يوم من الأيام عرف أهل المدينة بحكايتها، وقرروا إنهم ينقذوها ويخلصوها من الرجل الطاغية، وفعلا نفذوا اللى اتفقوا عليه وحرروا العروسة الجميلة، وسلموها لكبير المدينة ليكون هو الوصى عليها».

«ومع مرور الأيام اكتشف أهل المدينة أن الوصى عليها اللى وثقوا فيه عايز العروسة ليه لوحده بدون شريك أو يفضل وصى عليها، وبدأوا فى الضغط عليه علشان يسلمها للعريس اللى يستحقها ويكون قادر على حمايتها، ومع استمرار الضغوط اضطر لتحديد ميعاد لاستقبال كل الراغبين فى الزواج منها، لتختار مين اللى يناسبها، واشترط الوصى إن العريس لازم يكون فيه عدة شروط أهمها أنه يكون من أهل المدينة، وياخد الإذن من شيوخ القبائل فى المدينة، وفى العشق معندهوش سوابق».

«وفعلا بدأ العرسان يقفوا طوابير على بابها، ووقفت العروسة الجميلة وقالت: «أنا مقدرش أختار لوحدى، وأهل المدينة زى ما ساعدونى وحررونى يساعدونى ويختاروا معايا العريس المناسب».
«وبسبب شروط الوصى عليها حصلت مشاكل كتير، ومفضلش من كل العرسان اللى اتقدمولها غير 13 فارس، يتنافسوا علشان يفوزوا بعرش قلبها، ومن ضمن الفرسان اثنين عواجيز من أصدقاء الرجل الطاغية، بيحاولوا الزواج منها بأى طريقة، وبيغروها بالمال والجاه، وكمان بيحاولوا يضحكوا عليها بقناع الحب المزيف».

«وكمان كان فيه 3 إخوات من عائلة واحدة، عايزين يفوزوا بحب العروسة، وكانت العائلة مش عايزة الأول فقرر إنه يبعد عنها ويتقدم للعروسة لوحده، خصوصا إنه شخص طيب وناس كتير بتحبه، أما الأخ الثانى فرفضه بعض أهالى المدينة علشان وقت تحرير العروسة من الرجل الطاغية قبضوا الثمن، وقالوا إحنا مش طمعانين فى أى حاجة تانى ورجعوا فى كلامهم، وعايزين ياخدوا كل حاجة ليهم لوحدهم، وحسم الأمر الوصى لما رفضه، وساعتها قررت العائلة إنها تختار الأخ التالت ليقف فى طابور العرسان، وبرضه بعض أهالى المدينة رافضينه، لكن أسرته بتحاول تضحك على أهل المدينة بأنه الأجدر وبيحمل الخير للجميع».

«وكمان كان فيه فارس نبيل بيحب عروسة النيل من أيام الرجل الطاغية، وياما اتعذب بسبب حبه لها، ودايما بيحلم أنه ياخدها على حصانه الأبيض ويعيشوا فى حب وسعادة.. وفى النهاية يا شطار يا حلوين انتوا شايفين مين اللى هتختاره عروسة النيل.. واحد من الاتنين العواجيز، ولا واحد من التلاتة الإخوات، ولا الفارس النبيل، ولا واحد من باقى الفرسان الـ13».

وإلى هنا انتهى المقال وقتها، والمعروف أن واحدا من الإخوات الثلاثة هو الذى فاز بالانتخابات، وتربع على عرش مصر، والمقصود هنا بالإخوات الثلاثة عبدالمنعم أبوالفتوح وخيرت الشاطر ومحمد مرسى، فالأول ترشح منفرداً بعيداً عن جماعة الإخوان التى ينتمى إليها وتأكيده حينها أنه خرج من الجماعة إلا أن أفعاله أثبتت يوما بعد يوم غير ذلك، والثانى خرج من سباق الرئاسة الماضى قبل دخول مرحلة الجد بسبب صحيفته الجنائية، أما الثالث فكان الاختيار البديل «الإستبن» للثانى ونجح ليس بشعبيته الجارفة ولا قدرته الإقناعية، وإنما بفضل قدرة أهله وعشيرته على الحشد فى الانتخابات واستغلال حاجة الغلابة للظفر بأصواتهم، فضلا عن الفوز بأصوات العديد من أهالى مصر المحروسة لكرههم الفريق أحمد شفيق منافسه فى جولة الإعادة، وهم من أطلقوا على أنفسهم «عاصرى الليمون».

المشهد الحالى، أصبح مختلفاً عن ذى قبل بعد عزل محمد مرسى من منصبه بعد خروج مظاهرات حاشدة فى 30 يونيو 2013، للمطالبة برحيله عن أخطائه الجسيمة ومعه أهل وعشيرته فى حق البلد، خاصة أن المزاج الشعبى تغير تماماً فلم تعد الغلبة العظمى فى الشارع تريد مشاهدة الوجوه القديمة التى ظهرت مع ثورة 25 يناير فى صدارة المشهد مرة أخرى بعدما ضاعت 3 أعوام منذ الثورة فى صراعات على المناصب والمكتسبات وكأنها «مغانم غزوة»، بكل صراحة هذا ما ألمسه فى معظم الحوارات مع البسطاء بالشارع والمنتمين لحزب «الكنبة» كما يقولون، فالكل أخطأ فى حق البلد بعد أن ابتعدنا عن شعارات «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية.. عدالة اجتماعية»، التى جمعتنا لمدة 18 يوما فى ميادين الحرية بجميع محافظات المحروسة، وراح على أثرها أناس يعزون علينا جميعا وهم شهداء ثورة يناير، فيجب ألا نستثنى أحدا من الجموع، حيث إن حق الشهداء لم يأت حتى الآن.

المشهد العبثى الذى نعيشه منذ الإعلان عن خارطة الطريق التى خرجت من رحم ثورة 30 يونيو بسبب استمرار مسلسل الدم فى الشوارع بسبب إصرار جماعة الإخوان على التظاهر رغم الغضب الشعبى ضدهم وتوغل الإرهاب فى كل المناطق بتفجيرات تغتال البسطاء من جنود الأمن المركزى والقوات المسلحة والغلابة، وعودة وجوه الحزب الوطنى «المخلوع» إلى المشهد من جديد وكان آخرها تواجد العديد منهم فى ميدان التحرير للاحتفال بذكرى الثورة، بالإضافة إلى إصرار قطاع كبير من النخبة بالاعتماد على رغبة الناس فى الاستقرار والبحث عن الأمان إلى صناعة «فرعون جديد» لا يرى غير صوته فقط فى اتخاذ القرارات المصيرية بالبلاد.

ومع بداية العد التنازلى للانتهاء من خارطة الطريق، وحصول «المشير» عبدالفتاح السيسى - بعد ترقيته من رتبة الفريق أول - على الضوء الأخضر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للترشح للرئاسة، ووقوفه حاليا على باب «عروسة النيل» لطلب الزواج منها، قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة التى ستقام فى غضون أقل من 90 يوماً، أصبحت مصر على منعطف جديد فى عودة قائد عسكرى للرئاسة، فالأهم هنا ألا يكون خلافنا حول قيادة البلاد شخصا ذا خلفية عسكرية أو شخصا مدنيا، بل يجب أن نتكاتف جميعا للبحث عن تحقيق أمانى شهدائنا فى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الخبز والمحافظة على كرامة الإنسان والتعبير عن الآراء بحرية وتوفير الأمن والأمان للناس والقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع وأزمة البطالة وغيرها من الأزمات التى تهدد حياتنا، وليعلم الجميع أن عودة حقوق الشهداء ليست بالقصاص فحسب، فإذا لم نستطع القصاص فى الدنيا، فيوجد الله عز وجل.

نهاية الكلام.. سواء اتفقت أو اختلفت مع ترشح السيسى أو أى شخص آخر للرئاسة، فيجب منحهم الفرصة، وإذا نجح المشير - بطبيعة الحال على أرض الواقع هو الأقرب - فى انتخابات الرئاسة بقرار جمهورى من الشعب، ولم ينجح فى تحقيق المطالب المشروعة لشعبه والتعبير عن مطالب الثورة، فمن حق الجميع أن يخرج ويقول «لا»، فالعودة إلى «نعم» العمياء أمر مرفوض، فمصر لا تستحق منا ذلك فهى تحتاج فارس يعشق ترابها ويرعى أبناءها.. ويجيد لغة مخاطبة الغرب والتعامل مع الصعوبات والأزمات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة