أكد عدد من أساتذة علم الاجتماع، أهمية الهوية وتفردها، كما أشاروا إلى التهديد الذى يواجه الهوية رغم تأكيدهم على قدرة مصر على صهر الجميع فى بوتقة واحدة.
جاء ذلك خلال مناقشة كتاب عالم الأنثروبولوجيا أحمد أبو زيد، فى اللقاء الذى أداره الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب، حيث قال، إن كتاب أحمد أبو زيد "هوية الثقافة العربية"، يضم مجموعة من الدرسات المنفصلة خلال مقالات مختلفة، ولكنها جميعاً جاءت خلال عقد واحد، لعل أخطر القضايا التى ناقشها فى الكتب هى وسائل التخطيط للثقافة العربية.
وحدد خمسة عناصر منها: ضرورة اعتبار التخطيط عنصرا مهما. فالثقافة لا تُوجد من فراغ ولكن ترتبط بكل النظم. كما أن التخطيط الشامل بالثقافة العربية يجب أن يمتد للثقافات العربية. التخطيط الثقافى يجب أن يهدف إلى المخافظة على الهوية الذاتية، وأضاف "مجاهد" بصفتى من العاملين بالأدب أرى من خلال العنوان "هوية الثقافة العربية" أنها العربية نفسها. ولكن الكاتب يبحث عن العناصر الأولى فى ثقافتنا التى هى بالضرورة ثقافة عربية.
وقال الدكتور محمد حافظ دياب، أستاذ الأجتماع. والذى قدم قراءة نقدية للكتاب، إن هناك أمرين يتصلان بهذا الكتاب الأول: هذا الكتاب بالرغم من أنه يحتوى على 6 دراسات قدمها الكاتب فى دوريات وأوقات مختلفة، وأن المسألة هنا ربما تتصل بهم مشترك وهو هم الثقافة.
ثانيا، أن مفاتيح الأجوبة على هوية الثقافة العربية، كما وردت فى هذا الكتاب يمكن البحث عنها فى نصوص أبوزيد السابقة، لأنه قضى عمره منشغلاً بهذا الهم.
وتسأل "دياب" لماذا الثقافة بالتحدى؟ وأوضح بأن السسب يعود لأن الثقافة يزدحم بها المشهد، ومن ثم تأثيرها كبير. وأشار إلى أنه فى هذه الثورة سوف نجد أن الثقافة يتداخل فيها الأصيل والدخيل، الرسمى والشعبى. ومن جهة أخرى أن الثقافة العربية تعرضت عبر تاريخها الحديث لأنماط ثقافية مختلفة.
وأشار "دياب" إلى أنه من بين هذه الأنماط: نمط الثقافة الجماهيرية المتمثلة فى التليفزيون وهذه الثقافة بخلاف الثقافة الشعبية، وأوضح أن هناك سببا مهما لدراسة هوية الثقافة العربية، هى أن المشهد الثقافى يقع رهين رؤيتن واحدة دينية وأخرى ليبرالية.
وأشار إلى أنه ربما هذه الأسباب وبهذه الحيثيات يمكن أن نسأل أنفسنا ماذا نجد فى كتاب أحمد أبوزيد؟ أن الكاتب لا ينظر للهوية على اعتبار أنها صيغة ناجزة. وهنا سوف نجد أبوزيد فى موضوع الاتصال بالثقافة العربية والثقافات الأخرى يضعنا على محك الاتصال.
وأوضح "دياب" أن الكاتب فى حديثه عن مقومات الثقافة العربية ذكر ثلاثة مقومات هى اللغة والدين والتراث، ولكنه أغفل التاريخ والجغرافيا العربية.
وأزعم أنه ليس فى التاريخ كله من قوتين تنازعتا وتبادلتا الاتهمامات بمثل ما حدث بين الثقافة العربية والأوربية، وأشار "دياب" إلى أنه الجغرافيا بذلك تمثل مفهوما مهما فى موضوع الهوية.
كما أشار إلى مطالبة المؤلف بإعادة النظر فى هيكلة التعلم وكذلك الترجمة التى أولاها اهتماماً كبيراً، كما تحدث الكتاب عن قضية التنوير حيث رأى أن التنوير فى مصر بدأ مع شيخنا رفاعة الطهطاوى.
لكنى على الأقل أقول، إن ما نالنا من الطهطاوى ربما كان أكثر من التنوير.
وأضاف "دياب" بأن قضية التنوير فى مصر يمكن للمنهج الثقافى المجرد إذا كان صاحب الأمر بالنسبة لمشروع التنوير أن يجد الحل ولكنه فى المجمل لم يحاول أن يقارب القضايا الاجتماعية. وقال إن أبو زيد كان يخشى من أخطار داخلية فى اللهجة، لكنى لا أظن أن اللهجة يمكن أن تشكل خطراً عن اللغة العربية بل يمكن أن تشكل ثراء.
وفى السياق نفسه بدأ الدكتور"أحمد زايد" الحديث عن أبوزيد، حيث رأى أنه صنع تاريخا عظيما فى علم الإنثربولوجيا والاجتماع فى مصر والمشاركة فى الأفكار فى العالم.
وأضاف بأن أبو زيد كعادته مغرم بالحديث عن الثقافة الفرعية المختلفة، ولم يكن حديثه يتجاوز فكرة هذه الثقافات. وتسأل "أحمد زايد" لماذا الحديث عن الهوية؟ ورأى أن الهوية حدث بها تغير واختلاف مما أحدث نوعا من القلق على الثقافة والوجود الذى يتحقق من خلال الهواية، كما أوضح أحمد زايد أن الكتاب لم يجب عن الأسئلة إلا بشكل غير مباشر.
وأشار "أحمد زايد" إلى أن الكتاب يناقش قضيتين: تتعلق الأولى بالدور الذى لعبته الثقافة فى استنزاف العقول العربية، وقال قد نحتاج لمزيد من الحديث عما أصاب الهوية العربية، موضحاً بأن العولمة رغم ما بها من سلبيات، إلا أنها تعمل على توحيد العالم فى قوالب مادية.
وذكر "أحمد زايد" أن الناس فى هذه المجتمعات يتعاركون حول الثقافة والعولمة والطريقة التى نستقبل بها العولمة نفسها، ومن هنا نجد أن الهويات نفسها تتشظى. وأوضح بأنه يرى لأبوزيد تجليات أخرى أعمق من فكرة الثقافة.
وأضاف" أبوزيد" بأن هذا التشظى له أبعاد ثقافية، حيث إننا إذا دخلنا إلى الثقافة الحديثة سوف نجد الخلاف حولها وحول الثقافة التقليدية.
فالأفراد يذهبون للثقافة التقليدية بكل تفاصيلها، وآخرون يذهبون للحديثة، وما بين الفصلين تشظى، وحتى البحوث الحديثة أكدت أن الإنسان فى المجتمعات الحديثة يميل إلى الفردية أكثر من الجمعية.
وأكد "أحمد زايد" أن الطبقة الوسطى فى مصر لم تصبح طبقة متألفة بسبب السياسات التى اتخذتها الدولة. والتى حولت فئات من الطبقة إلى المغامرين القادرين على الاستثمار وضرب فئة أخرى وهذا يعكس تباينا فى الهوية.
وقال "أحمد زايد" إذا أخذنا أى قطاع من قطاعات هذه الطبقة سوف نجد أنه غير متجانس. لدينا شباب مقهور وآخر مرفه وشباب يسعى إلى تطوير نفسه مهنيا، كلما أدخلنا متغير نجد التشظى يزدان وليكن متغير الريف على سبيل المثال.
وقال الدكتور والناقد محمد بدوى، منذ أكثر من عامين استطاع الدكتور أحمد مجاهد، أن يعيد مرة أخرى صياغة مشروع مكتبة الأسرة. ذلك المشروع الذى بدأه الأديب الكبير توفيق الحكيم، وفى فترة أخرى سوزان مبارك.
موضحاً بأن هذا المشروع يعتمد على الأموال التى كانت تُضخ من الوزارت الأخرى مجاملة للسيدة سوزان. وأنه بعد رحيلها لم يعد هناك تمويل. ثم بحث مجاهد عن تمويل لهذه المكتبة.
وأضاف "بدوى" بأن موضوع أبوزيد عن الهوية هو جزء من الهموم الفكرية مع ثورة يناير، لأن الثورة لم تطرح فكرة الهوية، وكذلك رجال السلام السياسى.
وأضاف "بدوى" أنه مع صعود الإسلام السياسى حدث انحراف عن الهوية، وتعريف الهوية أنها شىء يوجد بين الواقع وبين ما نتخيله. موضحاً أنه لا يوجد أى تناقض، ولكننا دخلنا لما يسُمى "أرق الهوية" مع صعود الإسلام السياسى.
وأكد "بدوى" أن المجتمع المصرى على أسوء تقدير يعيش حالة من" تساكن الهوايات". وأوضح بأن مصر قادرة على صهر الجميع فى بوتقة لا ينافسها أحد. وأوضح بأننا أكثر قدرة على أن نصهر من يأت إلينا فيصبح أكثر هوية من المصريين، وأشار إلى فؤاد حداد ذى الأصل اللبنانى وبيرم التونسى صاحب الأصول التونسية.
وأوضح بأن لدينا أسبابا عدة جعلت المصريين يشعرون أن الهوية مهددة من الداخل، وأنه منذ زمن بعيد شعروا بالتهديد الخارجى للهوية من خلال إسرائيل. وأنه يتصور أن هناك ناسا عديدين لا يرون أن المصريين عندما خرجوا فى يونيه من أجل البنزين والخبز فقط، ولكنهم خرجوا دفاعاً على الهوية المصرية.
مؤكداً أن هذه الهوية كان يجب على المصريين أن يحمونها، فالشعور بتهديد الهوية جعل المصريين يصطفون ضد هذه الهجمة
فى سنة حكم الإخوان فيها مصر، لم يكن الانقسام سياسى ولكنه هوياتى، لأن جماعة الإخوان المسلمين سعت للتغيير واستخدام وصبغ هويتها على المجتمع المصرى.
وأشار إلى الهوية تمثلها الثقافة، والتى تتبدى فى الفترة الأخيرة بشكلها التقليدى، وأننا فى مصر برغم قوة الهوية إلا أننا نعانى بعض الإشكاليات التى يمكن تسميتها جراح الهوية. هذه الهوية التى يمكن تنشب تهديد لمصر.
بعض النقاد يتحدثون عن عن سردية الهوية حيث يرونها حكاية،
موضحاً نحن محاطون بعدة هويات الفارسية والتركية والعبرية وغيرها، وبرغم ما يقُال عنها إلا أنها فى حالة تناقض مع الهوية العربية، ليس فقط على المستوى السياسى ولكن على المستوى الثقافى والفنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة