استضافت قاعة ضيف الشرف بالأمس ندوة عن الرواية الكويتية، تحدث فيها الكاتب والروائى الكبير إسماعيل فهد إسماعيل، والكاتب طالب الرفاعى، وهو أيضا أحد الكتاب المبدعين بالكويت، وأدار الحوار الكاتب الكبير سعيد الكفراوى.
بدأ "الكفراوى" بالتعريف بالكاتب قائلا: كتب إسماعيل فهد إسماعيل العديد من الروايات وكان أحد المبدعين صاحب الكم الكبير من الإنتاج المتميز ومنذ روايته الأولى "كانت السماء زرقاء" والتى فاجأت شاعرنا الراحل "صلاح عبدالصبور" بسبب بنائها الفنى المحكم والمعاصر واعتبر إسماعيل بمثابة العمود الأهم للفن الروائى والقصصى فى الكويت خصوصا لرعايته لعدد كبير من الكتاب واحتضانه أدبيا وإبداعيا لجماعة تشبهه.
وأضاف أن من أعمال الكاتب "سباعية إحداثية العزلة" وهى من رواياته التى تتبع متغيرات ما يجرى فى عالمنا الراهن كما أصدر إسماعيل أكثر من 27 رواية منها "الضفة الأخرى"، "الشياح"، "النيل يجرى شمالا"، "النيل الطعم والرائحة"، "للحياة وجه آخر"، بالإضافة إلى إبداعه المسرحى والقصصى، كما أحب إسماعيل هذا الوطن مصر وكتب عنها بعشق ومحبة خالصة وظل طوال مشروعة الأدبى يحافظ أن يكون متميزا وأن ينحو نحو تجريبية تخصه فى تتبع أزمات شخوصه التى يكتب عنها، تجربة هذا الروائى الكبير بها ما يثرى وجدان المتلقى العربى فلقد تناول أعمال اسماعيل الكثير من النقاد العرب على رأسهم المرحوم "صلاح عبد الصبور" و"جابر عصفور" وغيرهم.
وعلى الجانب الآخر تحدث الكاتب طالب الرفاعى فقال أعبر عن سعادتى بوجودى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الخامسة والأربعين هذا المعرض الذى أسس عام 1969 م والذى يعد ثانى أكبر معرض كتاب فى العالم بعد فرانكفورت، وتشرفت الكويت أن تكون ضيف شرف على هذا المهرجان وتشرفنا نحن ككتاب وأدباء ومثقفين.
وأكد أن الشعب الكويتى على صلة وثيقة بالشعب المصرى خاصة والظرف السياسى التى تعبر فيه مصر، وعن الروائى الكبير إسماعيل فهد إسماعيل قال "الرفاعى: إن إسماعيل فهد أستاذى ومعلمى من الدرجة الأولى وهو الشخص الذى كنت ولا زلت على اتصال شبه يومى معه فإسماعيل يشكل الشجرة وارفة الظلال وهو يشكل علاقة فارقة ومميزة فى المشهد الثقافى كونه كتب الرواية بدئا بالعراق مرورا بلبنان واستقر فى الكويت وظل سنوات محبوسا بعيدا عن الكتاب حتى لحظة منعطف عندما حصل الغزو الصدامى على الكويت، وعاش إسماعيل فترة فى الفلبين ووقتها رأى الكويت بمنظور آخر وازداد عشقه لهذا الوطن.
هنا بدأ إسماعيل فهد إسماعيل حديثه فقال: كنت أعشق السينما وكان حلم الطفولة أن أكون مخرجا سينمائيا وكنت أشكل ثقافتى على هذا الأساس فكانت الكتابة هى السينما بالنسبة لى فقد كانت تعويض لحلمى أن أكون مخرجًا.
وأضاف هنا سأتكلم عن روايتى (كانت السماء زرقاء) كانت مرتبطة بـ3 أسماء مصرية، كتبتها فى العراق انتهيت منها عام 1960 بعد ذلك أرسلتها للطباعة فى بغداد وصادرتها الرقابة ولم يكن فى ذلك الوقت وسائل للاتصال، فيئست حينذاك، فعدت وأرسلتها إلى دمشق وصودرت.
وتابع: أرسلتها للقاهرة عام 1966 وأيضا صودرت من قبل الرقابة، فصرفت النظر عنها، كانت تصادر الرواية بسبب أنها كانت تتحدث عن انقلاب عسكرى وهرب أحد الانقلابيين، وفى عام 1969 التقيت الشاعر الكبير "صلاح عبدالصبور" وعرف بالرواية وطلب منى الاطلاع عليها وكانت الرواية بخط اليد، فأخذ عبدالصبور الرواية وقرأها وقال «كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لى، فهذه الرواية جديدة كما أتصور، رواية القرن العشرين، قادمة من أقصى المشرق العربى».
وأضاف إسماعيل فى عام 1970 سافرت إلى مصر والتقيت الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى وكانت تربطنا صداقة.. لم يكن يعرف أننى كاتب بل كانت العلاقة على أساس أننى خليجى أحب الشعر، وعندما ذهبت بصحبته إلى عبد الصبور قرأ الرواية وأعجب بها وكتب على الغلاف كلمة تحية للرواية لتصبح من بعدها سر شهرتها، وأوضح إسماعيل أن المصرية عزة فهمى هى من حولت المخطوطة إلى رواية وصممت الغلاف لها، ومن هنا كانت هذه الرواية مرتبطة بأسماء 3 شخصيات مصرية.
هنا استوقفه الروائى "طالب الرفاعي" وسأله عن سر بناء صداقات مع الكتاب الشباب على وجه الخصوص؟ وماذا يريد منهم؟ وكيف ينظر إسماعيل إلى المشهد الروائى فى الخليج؟
فأجاب إسماعيل قائلا أنا لى الشرف أن أقيم جسور مع الأجيال سواء التى فى سنى أو الأصغر، فعندما وصلت إلى الكويت عملت ملتقى وضم كتاب كبار مثل "مريد البرغوثي" والرسام "ناجى العلي" وتستمر الملتقيات حتى اليوم ولى الشرف أن أكون على رأس ملتقى "الضفاف"..
وأضاف: الكويت كانت عندها تجربة كان لى الشرف الأكبر بالانضمام لها حتى يكون صوت المثقف عالى، النهضة التى بدأت بكتابها فى الستينيات بدأت تعطى أكلها، فالتواصل المباشر ليس احتواء للشباب فقط ولكنه تجديد دماء لكبار السن، فالحركة الشبابية لها القدرة على مواجهة الجديد ويتسم الشباب بوجود روح المغامرة بهم وهم لا يخشون الفشل، ودائما ما يكون فى تجاربهم إضافة وشيء جديد أستفيد منه ولا يمر يوم بدون أن يزورنى كتَاب شباب.
من جانبه وجه سعيد الكفرواى سؤالا لإسماعيل فقال أنا وأنت كتبنا فى عصر واحد فى الستينيات وهذا الجيل له آباء دفعونا للكتابة فحدثنا عن آباءك الذين لا نعرفهم؟
فأجاب إسماعيل طبعا هناك آباء ولكن هناك لقطاء وأنا واحد من هؤلاء اللقطاء، المناخات التى مررت بها من ضمن تجربتى الروائية لم تخلق لى آباء، فالوضع الذى كان سائدًا كان يمت إلى الحكى وألف ليلة وليلة، والكتاب إما أنهم منفيون أو راحوا تحت التراب بسبب القيادات السياسية، فالكتَاب الذين كانوا رياديين آنذاك مثل "سعد يوسف" كلهم ممنوعين من أن يعيشوا فى العراق وأعمالهم كانت ممنوعة، فكنا ننسخ يدويا أى ديوان نريده، فالآباء كانو مغيبين وعطاؤهم لمن يكن متاح، وفى الكويت بدأت الحركة الروائية فى الستينيات وكنت أحد روادهم، فلم يكن لدينا آباء بالمعنى ولكن هناك قراءات مثل إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس وطه حسين ونجيب محفوظ فقرأت كل أعمال محفوظ بالستينيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة