أكد عدد كبير من المفكرين والكتاب خلال مناقشتهم "صورة مصر.. والجماعات المتشددة صورة جديدة لأسامة بن لادن" أن هذا الكتاب يكشف عن جوانب مهمة فى تاريخ مصر لم يكن لها أن تتاح للمصريين من خلال الصحافة المصرية، مؤكدين أنه كشف عن جوانب تنبؤية لوصول الإخوان لحكم مصر.
جاء ذلك خلال مناقشة كتاب "صورة مصر.. والجماعات الإسلامية المتشددة صورة جديدة لأسامة بن لادن" للصحفية الأمريكية مارى آن وبفر، وناقشه كل من حلمى النمنم، والمؤرخ الدكتور محمد عفيفى عبد الخالق الذى كتب مقدمة الكتاب، ومترجم الكتاب نشأت باخوم.
وقال الكاتب الصحفى الكبير حلمى النمنم، إنه أصيب بصدمة كبيرة بقراءة المعلومات الموجودة داخل الكتاب، والتى تكشف عن معلومات مهمة لم يكن لها أن تتاح لأى صحفى عربى أو مصرى، مشيرا إلى أن الصحفية الأمريكية صاحبة الكتاب كانت مبتدئة عندما جاءت مصر عام 77، ولكن أتيحت لها مصادر لا يستطيع أى صحفى مصرى أن يلتقيها، مؤكدا أنها كشفت عن حقب تاريخية مهمة منذ عام 77 حتى عام 2000.
وتعجب النمنم من أن المسئولين المصريين يجرون وراء الصحفيين الغربيين فيما يمنعون المعلومات عن الصحفيين المصريين، كاشفا عن بعض هوامش الكتاب من خلال قراءته له من خلال حوارها مع مبارك الذى أكد لها أنه يعرف أن الحكومة الأمريكية تقيم اتصالات سرية مع جماعة الإخوان، ومن الألغاز المهمة هى واقعة اغتيال السادات، وكيف كان يمثل خالد الإسلامبولى خلية سرية داخل الجيش، والأهم من ذلك أن مبارك عندما طلب للشهادة رفض الإدلاء بشهادته فى قضية اغتيال السادات، واكتفى بأنه قال لها: إنه كان يعلم بوقوع حادثة اغتيال للسادات وحذره منها، مشيرا إلى أنها لفتت بأنها التقت بمسئول مصرى كبير من خلال قراءة مواصفاته هو أسامة الباز، وقال لها إن الجماعات الإسلامية نشأت بفعل المخابرات لضرب الناصريين، والاشتراكيين، وأكد لها أنه وجد داخل الجيش بعض القيادات المتشددة، وتمت الإطاحة بها، كما أكد لها أن عملية الأقصر نفذتها الجماعات الإسلامية عن عمد، لكى تثبت للجيش المصرى، أن مبارك فاشل حتى ينقلب عليه، فضلا عن اعترافها داخل الكتاب من خلال لقائها ببعض من نفذوا العملية نفسها أنهم نفذوا عمليتهم لهذا السبب أيضا.
وأضاف، أن الكتاب مؤلم وموجع لنا كمصريين، فكيف يمكن لصحفية أمريكية مبتدئة أن تفتح لها كل الطرق، بينما لو حاول صحفى مصرى كان سيقابل بالرفض، وأكد أن ترجمة العمل جاءت متأخرة، فلو ترجم فى عام 2005 كان سيفرق كثيرا.
وأضاف النمنم، أن هناك الكثير والكثير الذى يكشف عنه الكتاب، قائلا: "يؤسفنى أن أقول أننا مازلنا ننتظر أن نعرف حقيقة ما يدور ببلدنا من الوثائق الأمريكية والألمانية والفرنسية وحتى الإسرائيلية.
وأوضح النمنم، أنه سبق للمركز القومى للترجمة أن ترجم كتاب "الاستشراق الأمريكى" عام 2009، وكان على وشك الصدور عن مكتبة الأسرة فى 2010 لولا اندلاع الثورة فى مطلع 2011، وكان يتضمن فصلا كاملا عن مبارك ودكتاتوريته، مشيرا إلى أن مبارك وصل فى المرحلة الأخيرة لدرجة كبيرة من عدم الوعى والثقة الكبيرة، وكان لا يبالى بما يكتب عنه، وكان الأهم عدم التعرض للقذافى بالنقد حتى لا يطرد العمالة المصرية لديه، لافتا إلى أن التباطؤ فى نشر هذا الكتاب هو تباطؤ المركز القومى للترجمة، قائلا: إن هناك ألغازا كثيرة لم تكن ستتاح للمصريين إلا من خلال هذه الترجمات، مطالبا بعمل طبعة ثانية للكتاب تتضمن بعض التنقيحات لبعض المغالطات التاريخية، مشيرا إلى أن الكتاب يتضمن مغالطة مهمة وهى تولى سيد قطب وزارة المعارف.
وقال الدكتور عمار على حسن، إن مصر محروسة بأولياء الله الصالحين، مشيرا إلى أنه تبادر له هذا الفكر بعدما سأل ذات مرة الدكتور أحمد كمال أبو المجد، عن مواصفات الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، وقال له بالنص إن هذا الرجل عنيد كأنه صنع من صخر، جاهل لدرجة أنك تتأكد أنه لم يقرأ كتابا، والذى خلقه لم يضع فى رأسه ذرة من الخيال.
وأكد حسن أن الكتاب كُتب بشكل صحفى قصصى بارع، فضلا عن أنه كان له طابع استشراقى إنشائى، منتقدا بشدة عنوان الكتاب لأنه لا يمكن اختزال صورة مصر فى الجماعات الإسلامية المتشددة، مشيرا إلى أن هذا ما أبرزه الدكتور محمد عفيفى، حتى يدخل له القارئ بعين ناقدة، نظرا لما يحمله من بعض المغالطات التاريخية.
وأشار حسن إلى أن المعلومات التى تتاح للباحثين الأجانب بالفعل أكثر من التى تتاح للمصريين، مشيرا إلى الباحث الفرنسى فرنسوا بورجان الذى كتب كتابا تنبأ فيه عن وصول الجماعات الإسلامية للحكم من خلال حياته فى مصر مدة طويلة، فضلا عن لقائه بأحد الباحثين وهو أمريكى ويهودى الديانة جاء لمصر فى التسعينيات وذهب له على وجه التحديد لمعرفة كيف يصل لإحصائيات عن العشوائيات السكنية فى مصر، لعمل دراسة الدكتوراه الخاصة به، وكانت رسالة الماجستير التى سبقت الدكتوراه حول الجماعات الإسلامية فى مصر، وعرف بعدها أنه ذهب لوزارة الإسكان وحصل منها على معلومات لم تكن تتاح لأى صحفى أو باحث مصرى.
وقال عمار على حسن، إن الكتاب من الناحية الشكلية كتبت بشكل صحفى مهنى، عنوان الكتاب "صورة لمصر" عند قراءة الجزء الأول من العنوان تسرح بخيالك إلى رؤيتها الريف والفلكلور الشعبى الفلاح فى حقله، والخليط العجيب وهذا الذى يصلح أن يكون صورة لمصر، منتقدا الجزء الثانى من العنوان "الجماعات الإسلامية المتشددة صورة أخرى لأسامة بن لادن"، قائلا إنه لا يصلح أن تكون مصر مختزلة فى هذه الصورة فقط، مشيرا إلى أن الكاتبة ربما أرادت تسويق الكتاب، باستعمال اسم مصر على كتبها نظرا لأهميتها فى الشرق الأوسط.
وأشار حسن إلى ما جاء فى الكتاب حول علاقة السلطة بالجماعات الإسلامية، وكيف أمدتها بالمال، وكيف استخدمهم الملك للقضاء على الأحزاب، ومعظم قيادات الإخوان كانوا وفديين، وبعد ذلك حصل الصدام واستخدمهم مبارك كفزاعة أبرم معهم الصفقات، مؤكدا أن لهم تاريخا من الاستعمال.
وأوضح حسن من خلال قراءته العميقة للكتاب أن الكاتبة التقت بالأديب العالمى نجيب محفوظ ووصفته بأنه كان مؤمنا صوفيا واشتراكيا، أحب فتاة لم يفصح لأحد عن اسمها إلا لمحمد سلماوى، وقال للبعض إن أول حرف من اسمها "ع" وكانت صفاء فى رواية المرايا، وكان اسمها الحقيقى "عايدة".
ويرى حسن أنه يوافق على وجود حزب سياسى للإخوان المسلمين، مشيرا إلى أنه لو كانت استمرت قيادة الجماعة فى قبضة التلمسانى ما كتب لها النهاية، لافتا إلى أنه أجرى حوارا مع قناة الحرة وسأله صحفى لماذا ترفضون التنظيم الدولى للإخوان فأجاب عليه قائلا هل توافقون أنتم كأمريكان على وجود تنظيم دولى لجماعة سياسية، قائلا "أوافق على حزب سياسى شرعى للإخوان ولكن لا يسمح لهم بتنظيم دولى".
فيما أكد الدكتور محمد عفيفى، أن الكتاب لم يكن له أن يظهر للنور وكان سيرفض نشره ولكنه حارب حتى يخرج هذا الكتاب، قائلا: إن الصحفية مارى آن وبرغم كل عيوبها إلا أنها من أهم صحفيات الإسلام السياسى فى أمريكا.
لمزيد من أخبار الثقافة..
"الإسكان" تبعث بلجنة هندسية لتقييم رؤيتها حول ترميم متحف الفن الإسلامى
مصادر لـ"اليوم السابع": خمسون قطعة بالفن الإسلامى تأثرت من التفجير
وزير الآثار: غلق المتاحف رسالة سلبية للعالم ولن نسمح بها
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة