فى صباح الجمعة.. عندما استيقظنا جميعا على كارثة محاولة تفجير مبنى مديرية الأمن.. ارتدت المذيعة جاكتها «اللّبنى» وابتسمت لضيفها وسألته عن رأيه فى حادثة تفجير «متحف الفن الإسلامى» المجاور لمبنى مديرية الأمن.. فاعتدل ضيفها وعدل بزّته «المخططة بالطول» وأخبرها عن نزاهة الاستفتاء الذى أجرته السفارة المصرية بالكويت. وعلى الجانب الآخر وفى نفس التوقيت كانت قناة الجزيرة تعرض طابورا مؤيدا للرئيس المخلوع «محمد مرسى» بإحدى القرى بالدقهلية يتكون من عشرين شخصا على الأكثر يقفون بمسافات متباعدة ليوحوا للمشاهد بطول الطابور ويرفعون لافتات صفراء تناهض ثورة 30 يونيو، هذا هو الإعلام العربى الذى نعيش فيه.. ولا ينفصل هذا الإعلام عن المواطن نفسه.. فنجد على مواقع التواصل الاجتماعى إبداعات سياسية وتحليلات استراتيجية «مذهلة» و«مدهشة» للحادثة لا يمكن أبدا أن تكون خرجتْ من شخوص ينتمون لهذا الكوكب. إذن ما زال الإعلام فى وادٍ والمواطن المصرى فى وادٍ آخر.. وما زال الجوع والفقر والبطالة والمرض تسيطر على المشهد المجتمعى المصرى بينما يهتم الإعلام بالنزاعات السياسية التى وجدتْ رواجا تجاريا وإعلاميا كبيرا بعد ثورة 25 يناير 2011.
أكتب مقالى هذا لأحذر من خطورة دور الإعلام فى تحريك الشارع.. وأن الإعلام لو ظل يتعامل مع الوضع بهذه «السذاجة» سواء المقصودة أو غير المقصودة فإن الشارع سيفرض إعلامَه الخاص وستعود الفجوة بين الشارع والإعلام مرة أخرى كما كانت فى عهد «مبارك»، لقد أفرط السادة الإعلاميون - مؤخرا - فى الدفع بقوة باتجاه واحد وأفرطوا فى إظهار وجهة نظرهم وإقرانها بالدلائل والحجج «الحقيقية وغير الحقيقية» وأهملوا فى غمار ذلك أسسَ وقواعد الإعلام المحايد النزيه.. وحتى لو لم يكن هناك إعلام محايد فى أى مكان على الأرض فدعونا - نحن المصريين - نكن أول من يبتدعه أو على الأقل نلتزم بقواعد الإعلام الصادق وليس المحايد، هناك كوميديا إعلامية سوداء تحدث الآن فى العالم العربى.. عندما يتم الهجوم على مبنى مديرية الأمن بالقاهرة وتتحدث المذيعة «ذات الجاكت اللبنى» عن هجوم يستهدف المتحف الإسلامى المجاور لمبنى مديرية الأمن.. إذن هناك خلل فى الجهاز الإعلامى بدءًا من متخذ القرار بالسماح لها بالظهور على التليفزيون ونهايةً بمتخذ القرار بالسماح لها بارتداء «جاكت لبنى».
وعندما يتحدث ضيف فى قناة الجزيرة ويدعى أن قيادات الجيش والشرطة هم من خططوا لهذه الحادثة ليشوهوا صورة جماعة «الإخوان» أمام العالم.. ويهمل هذا الضيف المحترم أن تشويه صورة الإخوان أمام العالم كما يدعى سيكلف الداخلية والجيش ثمنا باهظا وهو ظهورهم أمام العالم بمنظر الضعاف والعاجزين عن تأمين أهم مقر للداخلية فى الدولة.. إذا كان هذا الضيف يفكر بهذه الطريقة فنحن فى حاجة لمعرفة نوع المخدرات غير الموجود فى مصر والذى يتعاطاه هذا الضيف فى قطر.. مع كل احترامنا بالطبع للشعب القطرى المحترم، فى النهاية أؤكد لحضراتكم أن معظم المثقفين من شباب مصر قد نفروا - تماما - من الإعلام العربى وأصبحوا يعاملونه معاملة الأفلام الكوميدية القديمة المكتظة بالخداع البصرى البدائى والمؤثرات الصوتية الساذجة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مؤمن محمد حسن
المنيا بنى مزار