تعود من جديد أزمة تعيين المرأة كقاضية، داخل مجلس الدولة، بعد تطبيق الدستور الجديد "دستور 2014"، والتى تم إغلاق أبوابها عام ،2010 برفض الجمعية العمومية لمستشارى المجلس والجمعية العمومية لنادى قضاة المجلس، تعيين خريجات دفعتى 2008 و2009، وتأجيل مناقشة تعيين الإناث لأجل غير مسمى.
وجاءت المادة 11 من دستور 2014 والذى أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن موافقة الشعب عليه يوم السبت الماضى بنسبة 98.1%، وتم العمل به منذ ذلك الحين، لتكون العاصفة التى أشعلت الأزمة من جديد بعد إخمادها برماد "الأجل غير المسمى" .
وأكدت هذه المادة على المساواة بين الرجل والمرأة فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا لأحكام الدستور، كما ذكرت صراحة أن الدولة "تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها".
وتزامن الإعلان عن العمل بدستور 2014 مع فتح باب تقدم الخريجين الجدد للتعيين فى وظيفة "مندوب مساعد" أول درجات السلم القضائى بالمجلس، فتقد عدد من الخريجات لسحب ملف شغل الوظيفة، إلا أن الموظفين الإداريين بالمجلس رفضوا التعامل معهن، وأخبروهن بأن "التقديم مقتصر على الذكور فقط" فتقدمن بعدد من الشكاوى للمجلس القومى للمرأة.
فى المقابل عقد المجلس الخاص – الذى يضم شيوخ قضاة مجلس الدولة – اجتماعاً طارئاً وقرر تسلم أوراق خريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون من الإناث، عند فتح باب تقدم الخريجين الجدد للتعيين، لكنه أكد فى ذات الوقت على لسان المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المجلس الخاص على أن تسلم أوراق الخريجات الإناث لا يعتبر قبولاً لتعيينهن، ولن يتم حسم تعيين الإناث فى المجلس إلا بقرار من الجمعية العمومية لمستشارى المجلس، وأن الأمر سيقتصر على تسلم طلبات التعيين وصورة المؤهل الدراسى، ولن يتم تسليمهن ملفات بيانات المتقدمين التى يتسلمها فى المعتاد الخريجون الذكور.
وأوضح العجاتى أن قرار المجلس الخاص اتخذ بموجب الدستور الجديد الذى يضمن للإناث حق التعيين فى الهيئات القضائية، مؤكداً فى الوقت ذاته أن الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة سبق وقررت بأغلبية ساحقة عام 2010، رفض تعيين الإناث فى المجلس حتى إشعار آخر.
وأكد العجاتى أن الجمعية العمومية لمستشارى المجلس هى الجهة الوحيدة التى يمكنها العودة فى قرارها السابق، وأنه لا سلطان لأحد عليها حتى المجلس الخاص، وبالتالى فسيتم تسلم أوراق الخريجات الإناث لحين انعقاد الجمعية العمومية واتخاذ قرار بهذا الشأن.
بدورها تدخلت السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة، وأرسلت خطابا إلى رئيس مجلس الدولة المستشار فريد نزيه تناغو طالبته فيه بقبول تعيين الإناث بالمجلس تفعيلا لمواد الدستور الجديد، مهددة باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المجلس، كما خرجت فى تصريحات لها لتقول أن "مجلس الدولة مُتعنت ضد المرأة ومخالف للدستور الذى أقرّه الشعب بأغلبية وصلت إلى 98.1%، بسبب عدم المساواة بين الرجل والمرأة.
تصريحات التلاوى وخطابها الذى تلقاه مجلس الدولة أثارا غضب جموع قضاة المجلس، ليعقد المجلس الخاص اجتماعا استمر حتى ساعات متأخرة من مساء الاثنين وانتهى إلى قراره بإعادة خطاب التلاوى إليها مرة أخرى دون الرد عليه، وذكر المجلس فى بيان صادر عن المستشار محمد زكى موسى الأمين العام لمجلس الدولة، أنه ورد إلى المجلس خطاب من ميرفت التلاوى وأن المجلس الخاص يستنكر ما جاء بخطاب التلاوى من عبارات خارجة على نطاق اللياقة وعدم مراعاة الأصول المتعارف عليها فى مخاطبة رئيس مجلس الدولة، وهو أمر غير مقبول شكلا دون تعليق على ما ورد بالخطاب".
ومن جهته قال المستشار مجدى العجاتى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المجلس الخاص – الذى هو عضو فيه – قرر أيضا إخطار رئيس الجمهورية بما ورد بنص الخطاب وما تضمنه من تطاول وتجاوزات على مجلس الدولة وخروج عن المألوف فى لغة التخاطب التى يجب أن تراعيها التلاوى عندما تخاطب قضاة المشروعية.
أما مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة الذى يترأسه حاليا المستشار الدكتور محمد حسن نائب رئيس مجلس الدولة، فعقد اجتماعاً طارئاً وطالب رئيس المجلس بتحريك الدعوى الجنائية ضد ميرفت التلاوى، وذكر فى خطاب أرسله لرئيس المجلس بما نصه "ساء سائر قضاة المجلس الخطاب الخطيئة الصادر عن ميرفت التلاوى، والذى تخطت فيه كل أصول اللياقة والأدب والأعراف المتبعة فى مخاطبة شخصكم الرفيع بصفتكم رئيس أعرق هيئة قضائية فى مصر، وهو ما يمثل تدخلاً سافراً غير مسبوق فى شئون قضاة مجلس الدولة، والذى يعد جريمة جنائية مكتملة الأركان وفقاً لنص المادة 184 من الدستور الجديد".
وأضاف الخطاب أن "تدخل التلاوى يمثل مساساً باستقلال كيان مجلس الدولة، مما يستلزم توجيه طلب إلى قاضى التحقيق أو النائب العام لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضدها بموجب المادة 9 من قانون الإجراءات الجنائية، جزاء ما اقترفته من جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، ومطالبة رئيس الجمهورية بإقالتها باعتباره المنوط به تشكيل المجلس القومى للمرأة، حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه التدخل فى شئون العدالة، واتقاءً لغضب قضاة مجلس الدولة".
وفى اتصال هاتفى بـ"اليوم السابع" مع السفيرة التلاوى للتعقيب على ما جاء فى بيان المجلس والنادى قالت: "إننا نقوم بعملنا واختصاصاتنا فى الدفاع عن حقوق المرأة ومحاربة أى تمييز يقع عليها، وسأستمر فى الدفاع عن حقوقها دون أى تردد".
وقالت التلاوى أيضا "قضاة مجلس الدولة يريدون الآن تحويل القضية من مسألة عامة تخص المرأة المصرية وعدم السماح لها بالالتحاق كقاضية بالمجلس إلى مسألة وخلاف شخصى معى التفافا على المشكلة الأساسية" .
وشرحت السفيرة ميرفت التلاوى ما ذكرته بخطابها من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المجلس، بأن عدد من الخريجات اللاتى مُنعن من سحب الأوراق تقدمن وحررن محاضر رسمية بذلك، كما أن المادة 53 من الدستور الجديد اعتبرت التمييز جريمة يعاقب عليها القانون.
وقال أحد شيوخ قضاة مجلس الدولة – الذى يشغل درجة نائبا لرئيس المجلس – فضل عدم ذكر أسمه أن "المجلس حينما أعلن عن فتح باب تقدم الخريجين الجدد للتعيين بالمجلس لم يكن دستور 2014 قد أقر بعد، وبالتالى فلا يسرى على هذه الدفعة" .
كما قال إن المادة 11 أكدت على أن "تكفل الدولة" وليس "إلزاما" عليها تعيين المرأة فى الجهات الهيئات القضائية، كذلك فإن بعضا من نصوص الدستور تحتاج لقوانين تطبقها، وبالتالى فلا بد من إقرار قانون أولا ينص على كيفية تعيين المرأة كقاضية بالمجلس وإجراءات التعيين وغيرها من الأمور.
وشبة نائب رئيس مجلس الدولة موقف التلاوى بموقف سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق التى حاولت التدخل عام 2010 لإلزام المجلس بتعيين الإناث قائلا "المجلس لم ولن يقبل أن تفرض عليه قرارات من الخارج، ونحن قضاة المشروعية والحصن الأول للحقوق والحريات والمدافع عن كافة الحقوق دون أى تمييز".
وبالعودة لأواخر عام 2009 ومطلع عام 2010 نجد أن تعيين المرأة كقاضية فى مجلس الدولة قد ثارت وأدت لانقسام قضاة المجلس بين مؤيد ومعارض، إلى أن انتهت برفض الجمعية العمومية لمستشارى المجلس والجمعية العمومية لنادى قضاة المجلس تعيين خريجات دفعتى 2008 و2009، وتأجيل مناقشة تعيين الإناث لأجل غير مسمى، بحجة عدم صلاحية الإناث للعمل القضائى فى ظل الظروف الحالية لأبنية المحاكم والنصوص القانونية واللائحية القائمة.
وثارت الأزمة من جديد وستكشف الأيام القليلة المقبلة عن اتجاه مجلس الدولة بشأن تعيين المرأة قاضية وهل أصبح لزاما عليه – مع تطبيق دستور 2014 – أن نرى المرأة تجلس على منصته أم أن مخارج قانونية ولائحيه أخرى قد تقف حائلا أمام الإناث دون ذلك.
لمزيد من التحقيقات والملفات..
عودة أحمد نظيف للتدريس بـ"هندسة القاهرة".. "المصريين الأحرار": لن يستطيع مواجهة الطلاب.. تيار الشراكة: تحد واضح لشعب رفضهم وثار ضدهم..و"6أبريل": الدولة العميقة تعود من جديد
>
السفيرة منى عمر: الخيار العسكرى ليس مطروحاً لحل أزمة سد النهضة التصعيد فى المحافل الدولية هو خيارنا المطروح الآن لأن المياة قضية حياه أو موت.. والحكومة تتعامل مع الأزمة بمنطق «أطبطب وأدلع»
وزير التضامن الاجتماعى: تشكيل لجنة لبحث مشاكل المتضررين من المعاش المبكر وزيادته إلى 300 جنيه.. البرعى: نعيد هيكلة وإخضاعه للوائح "المركزى".. ونراجع مشروعات قوانين الجمعيات الأهلية والضمان الاجتماعى
"تعيين المرأة قاضية" أزمة تطل برأسها من جديد على "مجلس الدولة" المادة "11" من الدستور الجديد تكفل لها التعيين فى الهيئات القضائية والمجلس يرفض قبول الأوراق.. ميرفت التلاوى: المجلس يتعنت ضد الإناث
الخميس، 23 يناير 2014 01:59 م