إعطاء الفرصة من البعض لمن حولهم فى خيارات معينة ليس بغرض مساعدتهم ، قد نراه حرية، ولكنها فى الحقيقة ليست بالمعنى الذى تبادر إلى ذهننا، ولكنه أحيانًا نجده وسيلة لاستدراج البعض لاكتشاف كثير من تصرفاتهم وحركاتهم وقدراتهم ومعرفة اتجاهاتهم واحتياجاتهم ومدى تفكيرهم وبعد نظرهم، بل تعطى تلك المساحة من الخيارات الزائفة الفرصة إذا كانت هناك خصومه ما، أومنافس فى لعبة ما، أوحتى الأطفال فى البيت أوفى أى مجال لرصد ما يفكر فيه الآخر من احتمالات، وما يطرأ عليه من تغيرات، نعم إنه قد يقع فريسة حريته الوهمية لاستعراض قوته، فيكشف خباياه ونواياه.
لذلك يرى البعض أن صراعه المباشر والواضح مع من حوله قد يؤذيه، وقد يضطر إلى الدخول فى مواجهة شرسة، وقد يحتد به الأمر إلى رد فعل قوى تجاه خصمه، وقد يتطور الأمر إلى أزمة أوكارثة كبيرة تجاه تحد ساذج ورد فعل سريع.
لذلك يلجأ البعض إلى ترك مساحة من الحرية الوهمية للآخر لاستدراجه، فتجده بمرور الوقت يقع فى الخطأ إذا كان بالفعل غير جدير بأفعاله، لذلك سوف يترك آثار مدمرة له، وسوف يكتشف أمره بمرور الوقت، فيستسلم بسهولة تجاه أفعاله السيئة.
ومحترفولعبة الشطرنج يدركون ذلك جيدًا، قد يتظاهر أحدهم لمنافسه بضعفه مع أنه يحاول اكتشاف الثغرات ومحاولة رمى الطعم لخصمه، لأنه يعطيه مساحة من الخيارات الوهمية للتحرك والهجوم والشعور بالزهووالنشوة للفوز، لذلك يكون مصدر تحرك الآخر عشوائى أوالمحسوب بقليل من الخبرة هوسبب هزيمته بسهولة، يقاس ذلك على أية لعبة، أوحتى فى الحروب، أوفى أى مجال ، فليس دائمًا من يبدأ ويظن أنه قريب من النصر إنه سوف ينتصر، بل قد يفاجأ بهزيمة قاسية ومخزية.
نعم هناك من يجيد تلوين الاختيارات لاستدراج من حوله ويجيدها ويلعبها خرساء وبمهارة شديدة، وقد يقع البعض رغم صدق مشاعره أيضًا فى الخطأ لكونه يعطى الفرصة باندفاعه وجهل تصرفه تجاه ما يقوم به من عمل أوهوغير جدير به أوادعى ذلك، أوعدم رؤية أبعاد ما أنت فيه من حرية، وفى كلتا الحالات اختيارات من حولك سوف توقعك فى موقف لا تحسد عليه إذا كنت لا تدرك حقيقة تصرفك، ويجعلك تسير فى اتجاه واحد وهوفخ أنت من نصبته لنفسك بتهورك الغير مدروس.
نعم إنه يعطيك خيارات وتظن أنك المسيطر فى بداية الأمر، ولكن فى النهاية سوف تصب فى مصلحته هو، فأى شىء سوف تختاره سوف يكون الأسوأ لك، لأنه لا مفر لك، لأن من صنع لك تلك الخيارات طرف آخر ولست أنت، وما أنت فى النهاية إلا دُمى كان يتلاعب بها، لأنك جهلت ما أنت فيه من خطر وحسن تصرف.
