د. سعد الدين الهلالى يكتب: بيع العينة المعروف حالياً بنظام الحرق «1»

الإثنين، 20 يناير 2014 06:55 ص
د. سعد الدين الهلالى يكتب: بيع العينة المعروف حالياً بنظام الحرق «1» د.سعد الدين الهلالى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البيع فى اللغة: مطلق مبادلة، أو هو دفع عوض وأخذ ما عوض عنه بدلاً منه والبيع والشراء من ألفاظ الأضداد، فيجوز أن يسمى كل واحد من المتعاقدين بائعاً أو مشترياً، وذكر الحطاب فى «مواهب الجليل» أن لغة قريش تستعمل لفظ «باع» إذا أخرج الشىء من ملكه، وتستعمل لفظ «اشترى» إذا أدخله فى ملكه، وهذا هو الأشهر فى الاستعمال عند عامة الناس، والبيع فى اصطلاح الفقهاء: مبادلة مال بمال تمليكاً وتملكاً فى الجملة.

وقد أجمع الفقهاء على مشروعية البيع؛ لعموم قوله تعالى: «وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ» «البقرة: 275»، وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ» «النساء: 29»، وأخرج أحمد والبزار والطبرانى - بسند فيه مقال وصححه الحاكم - عن رافع بن خديج، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - سئل أى الكسب أطيب؟ فقال: «عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور»، وأخرج ابن حبان وابن ماجه - بسند صحيح ورجال موثقين - عن أبى سعيد الخدرى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما البيع عن تراض»، كما أن الحكمة تقتضى القول بمشروعية البيع لتعلق حاجة الإنسان بما فى يد صاحبه، وهو لا يبذله بغير عوض عادة، ففى تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة.
وقد أطلق الإسلام يد الإنسان فى تطوير صور البيع وأشكاله بشرطين أساسيين هما: تحقق التراضى، وتجنب المحاذير الشرعية من الربا والغرر والضرر، وغير ذلك مما نهت الشريعة الإسلامية عنه لضمان استقامة العقد وإثماره لمقصوده من المبادلة العادلة.

وكان قد وقع خلاف فقهى فى كثير من صور البيع بسبب اختلاف الفقهاء فى دخول تلك الصور تحت دلالات النهى الشرعى أو عدم دخولها، ومن أهم تلك الصور: بيع العينة، وهو ما نريد التعريف به وذكر مذاهب الفقهاء فى حكمه التكليفى؛ لنبرز اختيار المصريين منها.
العينة فى اللغة - بكسر العين - بمعنى السلف، تقول: اعتان الرجل، إذا اشترى بنسيئة وقيل لهذا البيع عينة؛ لأن مشترى السلعة إلى أجل يأخذ بدلها نقداً حاضراً.

والعينة فى اصطلاح الفقهاء: هى بيع الشىء بثمن مؤجل ثم يشتريه البائع من المشترى نفسه بثمن حال أقل من ذلك الثمن المؤجل، أو العكس بأن يشترى الشىء بثمن مؤجل ثم يبيعه للبائع نفسه بثمن حال أقل من ذلك الثمن المؤجل، ومن الصور التطبيقية المعاصرة لهذا البيع: ما يقوم به بعض المتعاملين - الذين يحتاجون إلى سيولة نقدية - من شراء سلعة، كسيارة أو جهاز كهربائى معين، من الشركات أو المؤسسات التى تتاجر بالتقسيط الشهرى، فلا يدفع من ثمنها إلا قسطاً واحداً، وقد لا يدفع شيئاً إذا تم الاتفاق على تأجيل الأقساط مدة معينة، وفور أن يتسلم المشترى السلعة يقوم ببيعها للبائع نفسه بثمن حال أقل من ثمن التقسيط، فيكون قد حصل على مقصوده من السيولة النقدية ولكنه صار مديناً بالأقساط الشهرية للبائع بما يزيد عن المبلغ المحصل، فلو كان ثمن السيارة بالتقسيط مائة ألف جنيه فإنه سيبيعها بثمن حال بمبلغ ثمانين ألف جنيه فقط، وهذا ما يسميه الناس اليوم بنظام الحرق فى البيع.

واختلف الفقهاء فى سبب تسمية هذه الصورة من البيع بالعينة، فيقول الكمال بن الهمام: لأنه من العين المسترجعة، ويقول الشيخ الدسوقى: لإعانة أهلها للمضطر على تحصيل مطلوبه على وجه التحيل بدفع قليل فى كثير، ويقول النووى: لحصول النقد لصاحب العينة وذلك أن العين هو المال الحاضر، فالمشترى إنما يشترى ليبيعها بعين حاضرة يصل إليه من نقده.
ويتجه الناس إلى صورة بيع العينة؛ لأنه يحقق لهم مقصوداً مشروعاً، وهو تحصيل السيولة النقدية، ولكن هذا المقصود يتم بوسيلة شبيهة بربا القرض؛ لأن البائع الأول إنما باع السيارة بمائة ألف جنيه على أقساط شهرية أو بثمن مؤجل لمدة سنة مثلاً، ثم قام هذا البائع بشراء السيارة نفسها من المشترى نفسه بثمن حال بمبلغ ثمانين ألف جنيه فقط، فيكون واقع الأمر كأن البائع أقرض المشترى ثمانين ألف جنيه لمدة سنة على أن يردها مائة ألف، وهذا من أهم أسباب اختلاف الفقهاء فى صورة البيع هذه، فضلاً عن بعض الأحاديث التى وردت بالنهى عنها، وسنذكر بإذن الله تعالى تفصيل مذاهب الفقهاء فى ذلك مع بيان اختيار المصريين لمذهب الشافعية الذين أجازوا بيع العينة، وأن المصريين قد تركوا مذهب الجمهور الذى يرى تحريم هذا البيع؛ لما فيه من حرج مع قوله تعالى: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «الحج: 78».

مع أن مذهب الجمهور استند إلى ما أخرجه أبو داود - بسند فيه مقال وصححه الألبانى - عن ابن عمر، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم»، وأخرجه أحمد - برجال ثقات وصححه ابن القطان - عن ابن عمر، بلفظ: «لئن تركتم الجهاد وأخذتم بأذناب البقر وتبايعتم بالعينة ليلزمنكم الله مذلة فى رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا إلى ما كنتم عليه».



للمزيد من التحقيقات..

سياسيون يشيدون بخطاب الرئيس ويطالبون بإعلان موعد انتخابات الرئاسة.. قيادى بالحزب الناصرى: شكر الرئيس للمصريين خلال خطابه كان متوقعا.. والمصرى الديمقراطى: خطاب الرئيس يؤكد أن الدستور ليس نهاية المطاف

القبض على أحمد فهمى والإفراج عنه يثير علامات الاستفهام.. مصادر تؤكد أنه يواجه اتهامات بتلقى تعليمات التنظيم الدولى لبث الفوضى.. ورفضه للتظاهرات والتصعيد يجعلان صرفه منطقيًا.. ونجله يؤكد ضبطه وخروجه

وفد الكونجرس يهنئ الرئيس بإقرار الدستور ويشيد بالتزام الدولة بخارطة المستقبل.. ويؤكد احترام الولايات المتحدة لإرادة الشعب المصرى.. وعدلى منصور: التظاهر السلمى مكفول.. والدولة ستقف فى مواجهة العنف





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة