تامر شاهين يكتب: أنا أنتظرك

الخميس، 02 يناير 2014 12:10 م
تامر شاهين يكتب: أنا أنتظرك فنار الإسكندرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نسيم عليل يملأ الأجواء عبقًا فى تلك الليلة المقمرة من ليالى الإسكندرية، تلك المدينة الساحرة التى مهما أوتيت من بلاغة ومرادفات لن تستطيع أن تعطها كامل حقها فى وصف جمالها وسحرها المستمرين، ويبدو أن الجمال والسحر القاطن فى تلك المدينة بين ثنايا شوارعها قد طال تلك الفتاة الجالسة فى محطة الحافلات، فتاة فى مقتبل العمر لا ينقصها من الجمال شىء، وجه ممتلئ نوعًا ما يشع نورًا، كما القمر فى منتصف الشهر العربى، محمولا على عنق كما لو أنه من المرمر، عينان واسعتان تشرقان على هذه الدنيا البالية، تستطيع بنظرة واحدة من تلك العيون أن تنسى ما لم تستطع أن تنساه من دهور، وكما الوجه فى بهائه لا اختلاف فى الهيئة، من حين لآخر تنظر فى ساعة يدها، فهى تنتظر ذلك الرجل الذى تملّك ذلك الحظ الوافر وربما الدعوات التى أصابت طريقها فى سماء مفتوحة فى ليلة مباركة.

ويبدو أنه تأخر كثيرًا فأنت ببساطة تستطيع أن تميز تقطيب الجبين، والتأففات بين الحين والآخر.

إنها انتظرته كثيرًا، هى دائمًا تفعل ذلك، فانتظارها له أصبح عادة لم تتمكن من تغييرها وإن تناقشت معه فى ذلك مرات عديدة ودائما تأتى الإجابة: لن أدعك تنتظرين مرة أخرى.

تحبه وتغفر له دائمًا تلك العادة السيئة.

أن تدع سيدة جميلة تنتظرك دومًا، تلك موهبة لا يمتلكها الكثير من الرجال ولكن هو يفعلها دوما، هو يحبها ويعرف أنها سوف تغفر له تأخره بدعوى أن الشوارع مقفلة بسبب الأوضاع الأمنية السيئة التى تمر بها البلاد، هذه ليست المرة الأولى التى تتأفف من طول انتظارها له ولن تكون الأخيرة أيضًا، ربما بعد الزواج تستطيع أن تغير هذه العادات، هى تأمل ذلك، على الأقل هما الآن فى فترة الخطبة، ولسوف يكون الآتى أجمل.

لا يقلقهما الا تلك الأوضاع الأمنية السيئة فى البلاد فما بين قتل هنا واغتيال هناك وتصفيات الحسابات القائمة بين الأحزاب السياسية والحركات الثورية، هما لا يهمهما شئ من هذا سوى الاحتياج لما يسمى بالاستقرار، الذى طالما حلمت به هذه البلاد لسنوات.

إنها انتظرته كثيرًا ولكنه اليوم قد تأخر كثيرًا جدًا، أرادت أن تلقنه درسًا بشأن هذا التأخير، قررت أن تغلق هاتفها وتستقل الحافلة وتتركه يجئ وينتظرها هو، ويجرب هو ذلك بنفسه، يجرب سأم الانتظار ولو مرة، وبالفعل أغلقت الهاتف ونظرت بملء عينيها الحسناوين للحافلة القادة من بعيد لتستقلها إلى منزلها، واقتربت الحافلة ولكن حدث شىء لم يكن أبدًا فى حسبانها أن تختبره ولو من بعيد جدًا، دوّى انفجار كبير فى الحافلة وهى على مقربة من محطة الحافلات، صوت مفزع يصم الآذان ويشيب له شعر الرأس وأغلقت عيناها، ثم فتحتهما، لا تدرى كم مر من الوقت لترى رجالاً لا تعرفهم قد أحاطوا بها وهى لا تدرى ما حدث، أحست بنفسها وهى مسجاة على الأرض وأمامها من يخبرها أن أولاد الحرام هم من فجّروا الحافلة ولسوف يكتب لك الله السلامة إن شاء ودوّت صافرات الإسعاف من كل مكان حولها، وأغمضت عيناها مرة أخرى وهى تفكر به وتعرف أنها سوف تعاود الانتظار من جديد، حتى يأتيها فى الحياة الأخرى.

اقرأ أيضا..

مؤتمر لوزير الداخلية ظهر اليوم للكشف عن مرتكبى تفجير المنصورة

مكالمات وتسريبات.. تحت وفوق الحزام

مؤسس الفرقة 777: السيسى زعيم ولو ترشح للرئاسة «يبقى كتر ألف خيره» .. أحمد رجائى عطية: مصر فى حالة حرب.. ويجب إعلان غزة عدواً حتى يدك الجيش معسكرات تدريب الإرهابيين

السائحون يستقبلون 2014 أعلى قمة جبل موسى بسانت كاترين وسط الثلوج






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة