قال ميشيائيل بوك السفير الألمانى فى القاهرة إنه بدأ مهمته فى مصر منذ ما يزيد عن أربع سنوات، "مليئة بالأحداث"، ودعا إلى استمرار العمل من أجل تحقيق الاستقرار الاجتماعى وتحسين ظروف المعيشة للقطاعات العريضة من المواطنين، بعدما "تحركت بعد عقود من الركود"، موضحا خلال حوار أجراه معه المركز الألمانى للإعلام أن حكومته لا تدعم أى حكومة أو قوة سياسية بعينها، وإنما الشعب المصرى وأن "ازدهار مصر من صالحنا القومى".
وعن توقعاته لمستقبل مصر، قال السفير الألمانى بالقاهرة إنه كلما زادت نسبة نجاح توحيد الشعب المصرى فى تنوعه، كانت التوقعات المستقبلية لمصر أفضل. علمًا بأن المقومات العامة لتحقيق ذلك متوافرة، ألا وهى الغنى بالمصادر الطبيعية ووجود شعب يعمل على تحقيق التقدم وتوافر شركات راغبة فى الاستثمار فى الداخل والخارج وتقديم المجتمع الدولى للمساعدة، موضحا أن الثورة لم تكن حربًا ولا تسونامى ولا زلزالاً دمر الكثير، فقد ظلت مصر تسير بحيوية، ويمكنها فى أى لحظة الانطلاق نحو المستقبل. والمقومات لم تسوء بل تحسنت بفضل الانفتاح فى 25 يناير 2011 مقارنة بالوقت الذى سبق على ذلك. والذى يحتاجه البلد الآن هو أن تتحد القوى من أجل تحسين ظروف الحياة بصفة عامة وتحسين التعليم والفرص المستقبلية للشباب.
ستتقدم مصر فقط عندما تنجح مشاركة جميع أطياف المجتمع فى عملية سياسية تؤدى إلى شرعية دستورية وديمقراطية جديدة. وكى يتحقق ذلك يجب على الحكومة أن تكون مستعدة للقيام بخطوات الإصلاح الضرورية. لقد أُحرزت بالاستفتاء على الدستور خطوة مهمة فى خارطة الطريق، وأنا واثق من أن الانتخابات المقبلة ستدفعنا إلى التقدم خطوات كبيرة على هذا الطريق الصعب.
وتحدث بوك عن العلاقات الألمانية المصرية قائلا إنها علاقات تاريخية جيدة، وليست تلك العبارات مجرد عبارات جوفاء، فهى تُعبر عن علاقات وثيقة أصبحت تمتد فى التاريخ إلى قرنين من الزمان. وأضاف بالقول: "إن ازدهار مصر من صالحنا القومى، دون أى خلفيات سلبية، لأن المجتمع الذى يعيش بصورة طيبة ويتغلب على التناقضات فى داخله يسهم فى تحقيق الاستقرار فى المنطقة كلها، ويُعد شريكًا جيدًا لأوروبا.
أو ربما بسبب عدم وجود ماض استعمارى لألمانيا فى مصر، فإن العلاقات قوية جدًا وتتسم بالترابط الإنسانى التاريخى متعدد الأوجه. واكتشف الألمان منذ زمن بعيد شغفهم بمصر بوصفها مقصدًا سياحيًا".
وأوضح أنه يوجد تبادل علمى مكثف من خلال ما يفوق الـ70 من الشراكات الجامعية، ولدينا ثمانى مدارس ألمانية فى مصر، يظل خريجوها عادة مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بألمانيا بقية أعمارهم. فضلاً عن ذلك فإن مصر شريك استراتيجى لألمانيا فى المنطقة ـ وهى أكبر دولة عربية فى جنوب البحر المتوسط على مقربة مباشرة من أوروبا. ولذلك فإن التعاون السياسى هو الآخر قوى بصورة تاريخية.
أما عن دعم ألمانيا لنظام مبارك وترحيبها بالثورة ضده، ثم تعاونها مع مختلف الأنظمة التى تلتها، قال بوك: إنه لا يمكن لأى حكومة أن تعزل نفسها عن الواقع، وهذا ينطبق على الحكومة الألمانية كذلك. والشعب المصرى يختار طريقه بنفسه، هذا ما أكدناه مرارًا وتكرارًا بعد ثورة يناير. إننا نساعد حيث يمكننا تقديم المساعدة وعندما يرغب الشعب المصرى فى ذلك، كما نحافظ على التعاون مع مصر وهى تخطو على طريقها الصعب نحو المستقبل.
وأضاف فى حواره مع المركز الألمانى الإعلامى أن هذا لا يعنى التحفظ فى إبداء الرأى، "إذ سنستمر فى الحديث بصراحة عن جميع الأمور التى نتمنى توافرها من أجل تحقيق تطور مستقبلى مأمون وشامل وديمقراطى ومن أجل تعميق العلاقات الثنائية أكثر. وراء ذلك كانت دائمًا ومازالت تكمن الرغبة فى دعم الشعب المصرى كى يتمكن من صنع مستقبل أفضل لنفسه؛ مستقبل تستطيع أن تشارك فيه كافة أطياف المجتمع. ولذلك رحبنا بالتحول الديمقراطى فى عام 2011، وقمنا فى إطار الشراكة من أجل التحول الديمقراطى بتعزيز التعاون فى مجال المجتمع المدنى والتطور الديمقراطى تعزيزًا جوهريًا".
وبسؤاله عما إذا كانت تدعم ألمانيا قوة سياسية محددة فى مصر، أكد السفير الألمانى بالقاهرة أن ألمانيا لا تدعم أى حكومة أو قوة سياسية بعينها؛ "نتحدث مع جميع الأطراف؛ أيضًا كى تكون لدينا صورة متوازنة عن الوضع فى مصر. ونتمنى أن نقدم إسهامًا ولو صغيرًا فى تقدم مصر".
أما عن أبرز المشكلات التى تشوب التعاون المصرى الألمانى، أوضح بوك أن العلاقات بين مصر وألمانيا أعمق كثيرًا من مجريات السياسة اليومية لافتا إلى أنها علاقات يحملها أشخاص كثيرون يصنعون العلاقات الثنائية بين البلدين؛ "ألمان وجدوا فى مصر وطنهم الثانى، وشباب مصريون يدرسون فى ألمانيا، وشركات ألمانية تستثمر فى مصر، وأشخاصٌ يتشاركون فى اتحادات صداقة بين البلدين، وعلماء وفنانون وسائحون. وكون مصر قريبة من قلوب الألمان يرجع لأننا نرى فى بلد النيل هذا جذور حضارتنا الحديثة المشتركة".
وتحدث السفير الألمانى بالقاهرة عن أهمية السياحة بالنسبة لمصر، قائلا: إن حصة السياحة من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر يقدر فى سنوات الازدهار بـ10%. فى مثل تلك السنوات يأتى إلى مصر ما بين 12 و13 مليون زائر.
ونقدّر أن مصر قد اجتذبت فى عام 2013 قرابة الـ9،5 مليون زائر، منهم حوالى 10% من السائحين الألمان. أنا أعرض الموضوع بصورة مبسطة، ولكن يمكن إجمالاً القول بأن 1% من الدخل المصرى تقريبًا يعتمد على السائحين الألمان، وهذه النسبة تزيد وتنقص أحيانًا. وأنا أنصح بمصر كبلد سياحي، لأنها تمتلك معروضًا هائلاً فعلاً، ففضلاً عن المواقع الثقافية العظيمة فى القاهرة وحولها وفى صعيد مصر يوجد أيضًا الطقس الرائع والبحر الأحمر ذو البيئة المُفعمة بالحيوية لحدٍ بعيد. ويوجد جزء كبير من مصر يمكن زيارته دون مشاكل، وقد قمنا منذ فترة طويلة بتعديل نصائح السفر التى نصدرها بما يتناسب مع ذلك. وأعتقد أن السياحة تُعد أيضًا صورة جميلة للتعاون المتكافئ. كما أنها توفر أماكن عمل كثيرة ورخاء أكثر من كل مشاريع التعاون الحكومى التى يمكن تصورها.
وبسؤاله عن صعوبة حصول المصريين على تأشيرة لألمانيا، قال بوك إنهم فحصوا فى العام الماضى قرابة الـ30 ألف طلب للحصول على تأشيرة. ومن المهم أن يستعلم طالبو التأشيرة بدقة قبل الحضور وأن يقدموا جميع المستندات المطلوبة. والمتطلبات واضحة ويمكن الاطلاع عليها على الموقع الإلكترونى للسفارة.
وعن مستقبل العلاقات الألمانية المصرية، وبصفة خاصة فى المجال الاقتصادي، قال السفير الألمانى بالقاهرة إن قرارات الاستثمار مسألة خاصة تمامًا تتعلق بالشركة المهتمة. وأنه لا يمكنه بوصفه سفيرًا لألمانيا، أن يتنبأ بقرارات المستثمرين أو أن يؤثر عليها، مشيرا إلى أنه يجتهد دائمًا فى مناسبات متعددة وفى إطار اتصالاته بشركات ألمانية أن يجذب اهتمامهم لمصر، وأنه لا يوجد فى الحقيقة ضرورة كبيرة لفعل ذلك لأن هناك اهتماما كبيرا موجودا بالفعل.
أكد أن الشرط الأساسى لتدفق الاستثمارات كان وسيظل توافر المقوِّمات السياسية ووجود إدارة عامة جديرة بالثقة وإمكانية تحقيق أرباح اقتصادية. وأعرب بوك عن سعادته بأن المستثمرين الألمان لم يتركوا مصر رغم تقلبات السنوات الماضية، وعن اقتناعه بأنه مع تحقق الاستقرار سيزداد تدفق الاستثمارات، مشيرا إلى أن مصر فى منافسة مع أماكن أخرى ولكن لديها فرصة حقيقية أن تجعل لها مكانًا فى المنطقة، وخصوصًا بالنظر إلى شدة قوة العلاقات التجارية بين مصر وألمانيا. كما تتنوع السلع المتبادلة من السيارات والمعدات التقنية وصولاً إلى الفاكهة والخضروات والمنتجات البتروكيمائية والخدمات.
وعن الذى يمكن للغرب أن يتعلمه من العالم العربى وما تعلمه هوقال بوك إن تعمل دبلوماسيًا يعنى أن تتعلم طوال العمر. وهذا يبدأ بلغة البلد المضيف، وهوالأمر الذى للأسف لم أستطع إيجاد الوقت الكافى له. ولكن إجابةً على جوهر سؤالك يمكننى القول بأن التطورات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية فى بلدينا مختلفة عن بعضها البعض. وهذا يمكن بالتأكيد أن يكون مصدرًا لسوء الفهم الذى يمكن أن يشوب عملية التواصل، لذلك يجب على المرء أن يتوخى الحذر.
وعن أجمل ما عشته فى مصر، أكد بوم أن مصر بلد عظيم بما يملكه من تنوعات ضخمة. لذلك فمن الصعب تحديد حدث بعينه واعتباره الأهم. الأمر الذى كان ومازال يحرك مشاعرى بصورة خاصة هو زيارتى للصحراء بعد أيام أو أسابيع مفعمة بالأحداث، حيث أستمتع هناك بالهدوء والتنوع الرائع وجمال الطبيعة. أعرف أن كثيرًا من المصريين يعتبرون الصحراء كيانًا معاديًا، ويفضلون البقاء فى وادى النيل الخصب. وأود أن أشجع هؤلاء الأشخاص وأحفزهم لزيارة تلك الأماكن البعيدة الخالية من الناس فى بلدهم.
أما ما يتعلق بالصعوبات والتحديات، فلا تختلف خبراتى وخبرات أسرتى عن خبرات المصريين أنفسهم وما يعتبرونه مُتعبًا، مثل المعوقات فى الشوارع والضوضاء والتلوث. ولكن كل هذه المشكلات كانت أو مازالت موجودة فى أماكن أخرى ويمكن علاجها.
لمزيد من التحقيقات ..
العالم يعلق على إقرار الدستور.. فرنسا: خطوة نحو الديمقراطية.. والإمارات: يعزز الاستقرار والثقة بالمستقبل.. وخادم الحرمين يهنئ الشعب والرئيس منصور.. وحركة فتح: يحقق الحرية والاستقلال والهوية الوطنية
حمدين صباحى: أنا زاهد فى السلطة ولكن لا يوجد مرشح للرئاسة حتى الآن "غيرى".. أبلغت السيسى أنى سأدعمه لو ترشح رغم أن سعى الجيش للحكم خطر..الحكومة مفككة وضعيفة ولا تصالح مع الإخوان طالما استمروا فى العنف
"الإرهاب" يطل برأسه مجددا لإفساد فرحة الدستور.. انفجار عبوة ناسفة بمحيط محكمة جنوب الجيزة واحتراق سيارة ترحيلات.. ورجال المفرقعات يمشطون المنطقة.. ومصدر أمنى: المعمل الجنائى سيحدد المواد المستخدمة
ردود أفعال رافضة لتصريحات صباحى.. نجل عبد الناصر:فرصته ضعيفة والسيسى الأصلح..الحريرى: كم من رئيس مدنى فشل وعسكرى نجح.. المصريين الأحرار:هو من يسعى للسلطة.."كمل جميلك":شعبية الفريق حولت أحلامه لكوابيس
السفير الألمانى بالقاهرة: الثورة لم تكن حربًا ولا تسونامى ولا زلزالاً .. مصر تسير بحيوية ويمكنها الانطلاق نحو المستقبل.. الاستفتاء على الدستور خطوة مهمة فى خارطة الطريق..بوك: أنصح بمصر كبلد سياحى
الأحد، 19 يناير 2014 02:47 م
ميشيائيل بوك السفير الألمانى فى القاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة