انتابنى إحساس جميل قد لا أستطيع وصفه وأنا أجهز أمتعتى للذهاب إلى رحلة العمرة فقد اختلطت الرغبة بالرهبة لاسيما ليلة السفر، حيث يمر أمام عينيك شريط ذكرياتك من أعمال قمت بها فى الفترة السابقة وتبدأ بإحصاء الذنوب على نفسك لتعدد ما اقترفت من خطايا وتتناسى تماما ما قدمت من خير أو ثواب وكأن لسان حالك يقول لابد فى هذا الوقت إن أركز على سيئاتى لأننى ذاهب إلى الملك فى بيته ومن عادة الكريم ألا يرد راجيه فما بالك بأكرم الأكرمين.
وكأنك تحمل تلك الذنوب لتقول لمالك الملك ( سبحانه ) لقد أتيت لبابك مستغفرا واعلم يا سيدى أنك لا ترد سائلك، فكل ما يهمك ويشغلك أن تتخلص مما على كاهلك من ذنوب.
وفى الصباح وبعد إحصائك لذنوبك وكأنك تجهزها فى حقيبة خاصة مع تجهيز ملابسك حتى لا تنساها، لتتجه إلى الطائرة وأنت تحس أن كل خطوة تخطوها تقربك إلى رحاب الله ( الكريم الواسع ) وكلك ثقة فى مالك الملك، فتنظر إلى مرافقيك فى الطائرة لتجد كل واحد منهم فى مكانه المخصص له يتمتم بكلمات بينه وبين نفسه إما وهو مغمض عينيه اومتجه ببصره الى السماء حيث فى يقينه مكان إجابة دعائه وكأن الجميع شخص واحد له نفس الرجاء فى مغفرة وفضل من الملك الديان.
لتصل بك الرحلة إلى جزئها الأول حيث مدينة رسول الله حيث السكينة العجيبة وإحساس بجوارك لرسول الله ( صلى ) واول ما يلفت انتباهك هوالاهتمام من قبل القائمين على هذا المكان بتوفير كل سبل الراحة لزوار هذا المكان، وعند دخولك مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تبدأ الروحانيات بالتدفق على قلبك، وعندما تخطوا بداخل المسجد متجها للسلام على رسول الله ( صلى ) ينتابك شعور غريب وكأنك تتقابل مع صحابة الرسول الكريم بل وتكاد أن تتخيل أشكالهم وسلوكياتهم، وعندما تقف أمام قبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يبدأ قلبك بالخفقان من شدة شوقك إليه وتتحدث إليه بصوت منخفض وكأنه أمامك تشاهده رؤى العين بل تحادثه ويحادثك.
وعندما تنوى الخروج من المدينة المنورة متجها إلى بلد الله الحرام ( مكة المكرمة ) تحس أن أقدامك لا تكاد تحملك فهى تأبى الخروج والابتعاد عن جوار رسول الله.
وعند بداية مناسك العمرة التى تبدأ بالغسل والإحرام من الميقات تحس بنشاط غريب وكأن غسل العمرة أزاح بعض الذنوب التى تحملها على كاهلك لتبدأ بالنية والتلبية متجها الى بيت مالك الملك
وعندما تصل إلى ( البيت العتيق ) ويقع نظرك على الكعبة المشرفة حيث الدعاء المجاب يبدأ قلبك يتراقص إحساسا بإجابة دعائك لأنك فى ضيافة الكريم وثقة منك فى ربك أنه من المستحيل أن تأتيه فى بيته ويخذلك فتتصرف وكأن ذنوبك تتطاير لترجوه المسامحة والغفران والتوبة، وتبدأ فى شعور جديد وفيه تحس أنك تولد مرة أخرى لتكمل بعدها مناسك العمرة وأنت موقن فى الإجابة ثقة فى عطائه.
فإذا جلست لتصلى تجد بجوارك أناسا من شتى بقاع الأرض حيث اختلاف الأشكال والألوان واللغات بل واللهجات ليغمرك إحساس أن الجميع مثلك تماما أتوا للبحث عن المغفرة ويسأل الجميع الله من فضله ليعطى كل منهم مسألته ولسان حال الجميع عند خروجهم من مكة ( اللهم أعدنا لهذا المكان أعواما عديدة وأزمنة مديدة )
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة