وقف إبراهيم أحمد الرجل الخمسينى أمام عشته الخشبية بأرض المزرعة، يراقب سيارات تلقى حمولتها اليومية من نفايات مستشفيات لا يعرف عنها غير رائحة كريهة تصيبه بسعال شديد عند حرقها لدرجة تمنعه من التنفس.
إبراهيم هو واحد من سكان شارع المقابر بمنطقة عرب الحصن بالمطرية يقطن هو وعائلته «بأرض المزرعة» بحكم عمله لأنه يمتلك أحد الجراجات المقامة بشكل عشوائى هناك.
«أرض المزرعة» هى قطعة أرض فضاء تبلغ مساحتها 54 فدانا، تتوزع ملكيتها بين 50 فدانا مملوكة لوزارة الأوقاف و4 أفدنة مملوكة لوزارة الآثار ورغم ضخامة مساحة الأرض وحيوية مكانها فإنها تتعرض لإهمال شديد، تحولت بسببه إلى مقلب للقمامة ومستقبل رئيسى لنفايات المستشفيات، إضافة إلى تحولها لمأوى للبلطجية.
تسمى «أرض المزرعة» بهذا الاسم نسبة إلى مزرعة السجن، فكانت الأرض مملوكة فى سبعينيات القرن الماضى لمصلحة السجون، يزرعها المساجين ثم تركوها، لتتحول إلى مقلب للقمامة، ومن وقتها وهى تعانى من هذا الإهمال.
«اليوم السابع» زارت أرض المزرعة للتعرف على الأضرار التى تصيب سكان المنطقة بسبب الاستغلال السيئ لها، وكيفية وضع خطة لتطويرها والاستفادة منها.
الطريق لعرب الحصن غير ممهد، تنتشر على جوانبه منازل مقامة بشكل عشوائى كما تحيط بكل جوانب المزرعة منازل ومدارس تتضرر يوميا من حرق النفايات بها.
ويقول «إبراهيم أحمد» صاحب أحد الجراجات المقامة على الأرض «قمت بتأجير قطعة أرض من أحد المواطنين الذين وضعوا يدهم عليها، مقابل 1200 جنيه شهريا، ورغم أن المالك ليس لديه إثبات قانونى لملكيته لكنه يحصل على إيجارات شهرية منا».
ويضيف إبراهيم: «الأزمة التى تقابلنى أننى أدفع لمالك الأرض إيجارا ولا تعترف الدولة بملكيتى لها، وعندما تتخذ المحافظة قرارات بالإزالة، تجبرنى على ترك المكان باعتبار وجودى غير قانونى».
يعود تاريخ الأرض، كما يؤكد سالم محمد، أحد أقدم سكان المنطقة، إلى وقت حكم الملك فاروق فكان السكان يستزرعون الأرض، ويبيعون محصولها ثم حصلت عليها مصلحة السجون ليستزرعها المساجين، وبعد ذلك تركتها فى بداية التسعينيات، ومن وقتها وهى تعانى من الإهمال وحصل المواطنون هناك على المساحات التى يريدونها منها بوضع اليد، ويستغلونها بجمع إتاوات من أصحاب الورش والجراجات المقامة عليها، إضافة إلى جمعهم أموالا من مقاولى القمامة الذين يلقون بكل أنواع المخلفات بها.
التجول داخل «أرض المزرعة» أمر صعب نظرا للأدخنة المتصاعدة من أكوام المخلفات المحترقة، التى تجعلك تصاب بنوبة سعال شديد، إضافة إلى الحيوانات النافقة الملقاة فى كل جانب.
تتراوح قيمة الإتاوة التى يتحصل عليها عدد من واضعى اليد على أرض المزرعة بين 20 و50 جنيها للنقلة الواحدة من مقاولى جمع القمامة، إضافة إلى الإتاوات التى يحصلون عليها من أصحاب ورش السمكرة.
الإصابة بالحساسية أمر لابد من حدوثه إذا كنت تسكن أو تعمل بجوار أرض المزرعة، فأغلب السكان هناك يعانون منها بسبب الأدخنة المتصاعدة، ومنهم «أمورة محمود» التى تعمل بالجراج مع زوجها، وتقول: أعانى من حساسية شديدة على الصدر، وأتنفس بأستخدام «بخاخة أكسجين» فبسبب تواجدى بجانب القمامة المحترقة طوال الوقت أصبت بالحساسية.
الفقر المنتشر فى المنطقة وقلة الحاجة يدفعان عددا كبيرا منهم للاستعانة بالطبيب الصيدلى بدلا من الذهاب للمستشفيات، الذى يقدم لهم وصفات طبية سهلة لعلاج الحساسية.
دكتور أحمد سامى، صيدلى بالمنطقة، يقول: «أغلب المواطنين هنا مصابون بأمراض حساسية الصدر»، بسبب تعرضهم للنفايات المحترقة، مؤكدا أن المنطقة مستقبل رئيسى لنفايات المستشفيات الخطرة التى يتعامل معها المواطنون ولا يدركون خطورتها.
ويضيف: من الأمراض المنتشرة هنا أيضاً «الدرن»، بسبب الفقر والجهل الموجودين بالمنطقة.
للمزرعة جانب آخر يستخدمه سكان المنطقة وهو استخلاص الحديد من مخلفات البناء «الردم» وبيعه لتجار الخردة، «عمر السيد» واحد منهم، ويقول: أعمل فى مهنة استخراج الحديد من مخلفات البناء «الردم» وأبيعه لتجار الخردة، وأحصل من هذا على مبلغ حوالى 20 جنيها يوميا.
يستخدم تجار المواشى أرض المزرعة فى تغذية حيواناتهم ويقول «ا - ح»: «لا يحاسب أحد من يفعلون هذا رغم ما يرتكبونه من جرائم فى حق المواطنين هنا، مضيفا: «العشوائية تجعل المواطنين يقومون بتربية الحيوانات وتغذيتهم من القمامة بالمكان المفترض أن يلهو به الأطفال مما يعرضهم لخطورة، وهذا ما حدث لواحد منهم، قام بغل متوحش بعضه».
يحيط بالمزرعة من الناحية الشمالية عدد من المدارس، مما يعرض التلاميذ لخطورة التعرض للأدخنة كذلك السير وسط القمامة.
ويقول أحمد فوزى، رئيس حى المطرية، إن الأرض تبلغ مساحتها 54 فدانا مقسمة بين وزارتى الأوقاف والآثار، كما أن الحى قام بإزالة كافة التعديات على الأرض الشهر الماضى، وسلمها للأوقاف، التى كان من المفترض أن تقوم ببناء سور حولها بمساعدة إحدى الشركات المساهمة تدعى شركة «الأحمدى للاستثمار العقارى».
وأكد فوزى أنه رغم مرور ما يزيد على شهر على حدوث هذا فإن الأوقاف لم تقم بعملها فى حماية الأرض أو تقسيمها حتى الآن، وتركتها للبلطجية ومقاولى القمامة.
لمزيد من التحقيقات..
لأول مرة بعد إلغاء الحرس الجامعى.. طلاب "القاهرة" يؤدون امتحاناتهم تحت حراسة "الداخلية".. وتشديدات أمنية على البوابات.. وتشكيلات أمن مركزى وسيارات مكافحة شغب بمحيط الكليات.. وغياب مظاهرات الإخوان
فى أول يوم امتحانات بعد إجازة المولد والاستفتاء.. طلاب "الإرهابية" بجامعة الزقازيق يثيرون الشغب داخل الحرم الجامعى.. والأمن يطلق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الاشتباكات.. والقبض على 8 من الإخوان
فى قضية اتهام أنس الفقى بالكسب غير مشروع.. دفاعه يطالب ببطلان التحقيقات لعدم اختصاص هيئة الفحص بالكسب بالتحقيق وإلغاء أمر الإحالة وما ترتب عليه من آثار
(أرض المزرع) بعرب الحصن.. القتل باسم لقمة العيش.. الأرض مقلب لنفايات المستشفيات ومأوى للبلطجية.. 55 فدانا أهملتها الأوقاف.. والأهالى مصابون بأمراض الحساسية والدرن.. والحى: لسنا مسؤولين عما يحدث
السبت، 18 يناير 2014 05:29 م
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة