انتمى إلى الجيل الذى ولد فى السبعينات من القرن الماضى، وهو الجيل الذى عاصر انتصار أكتوبر المجيد، أو كان طفلا صغيرا جدا وقتها، أو ولد بعدها بسنوات قليله. نشئنا ومرت بنا سنوات الطفولة والصبا والشباب، ولم نعش من الأحداث الوطنية سوى رفع علم مصر فى المدرسة والفرحة فى مباريات منتخب مصر لكرة القدم، فتارة فوز مصر ببطولة أمم أفريقيا، أو التأهل اليتيم لمونديال 90، وبعد ذلك إنجازات المدربين العظماء أمثال الجوهرى وحسن شحاتة مع منتخب مصر، ومنا بالطبع من نال شرف الخدمة العسكرية فى الجيش. كانت هذه فقط هى فرحة الوطن بالنسبه لنا، وإن كنا نفخر بالماضى مما صنعه الآباء ولم يستثمره الأبناء. بل عاشوا على ذكراه.
تلك الأحداث هى التى كانت تجمع المصريين فى مشاهد الوطنية، أود أن تتخيلوا حضراتكم معى، أن الجيل الذى أتحدث عنه هم عصب مصر الآن، والذى يمثل شريحة كبرى من طاقات العمل والإبداع والخبرة، وهو ما بين الثلاثين وأوائل الأربعينات حتى الخامسة والأربعين.
أعود مرة أخرى إلى محور التغيير الذى أعنيه إلى الفرحة، إلى مفهوم الوطنية الذى افتقده جيل بأكمله، وشاء القدر أن يعيش هذا الجيل أروع وأجمل لحظات الإحساس بالوطن، وحالة الالتفاف الشعبى المتمثلة فى 30 يونيو وما بعدها، لا أريد هنا أن أبخس ثوره 25 يناير حقها، وإن كان لها العديد من الإيجابيات.
كما أن عليها العديد من السلبيات. فكثر حاجز الخوف ومواجهة الفساد وظهور طاقات الشباب المصرى الوطنى الحقيقية، كانت بدايته فى يناير2011، وما مرت به مصر من مخططات ومؤامرات كان له أثر إيجابى مباشر فى انتفاضة الشعب فى 30 يونيو 2013 .
أدرك جيلنا وعاش ومازال يعيش أروع وأجمل لحظات حب الوطن والخوف عليه، أصبح كل مواطن مصرى يشعر بأنه مشارك فى صناعة مستقبل وطنه.
جمعنا علم مصر وفرحة أعياد كل المصريين وإفطار جماعى فى رمضان مع آذان مسجد وأجراس كنيسة، أعادت لنا طبيعة ومعدن المصريين الحقيقى.
ودموع حب وفرحة وانتماء لمصر، كانت تلك اللحظات الفارقة والمبهرة لنا قبل أن تبهر العالم، وتكشف ما بداخل كل منا من حب واعتزاز وفخر بهذا الوطن.
دعونا مما هو سلبى ولننظر للمستقبل بأكثر إيجابية وبخبرة ما مر بنا من أحداث، أدركنا فيها حجمنا وقوتنا ومواطن ضعفنا بنسبة كبيرة .
أدركنا عظمة شعب ينتفض عندما يشعر بالخطر على وطنه، أدركنا عمق وقوة وصلابة العلاقه بين المصريين بمختلف عقائدهم بواقع ملموس وليس كلام أنشائى، بل علاقات جيرة وزمالة وصداقة بين ملايين المصريين .
أدركنا معنى الوطنية حينما بكينا من فرحتنا بإحساسنا بقوتنا ومدى تأثير الشعب فى صناعة مستقبله منذ لحظات يونيو ويوليه الفارقة، وصولا لما نعيشه يومنا هذا من أحداث.
مشاعر وطنيه لا توصف وفرحة وتفاؤل بالغد، ولكن يجب أن لا تسرقنا من الهدف الأسمى وهو الغد والمستقبل القادم، نحتاج لثورة تغيير فى العادات، تغيير فى الطباع، تغيير فى كل ما هو سلبى، نحتاج أن نقيم أنفسنا، لنعرف كيف نبدأ العمل على أسس عدالة واحترام ومساواة حقيقية، أن ننقد أنفسنا قبل أن ينقدنا الآخرين .
نحتاج استثمارا مبهرا أيضا لجموع 30 يونيو فى العمل والبناء والتنميه الحقيقه لمصر، نحتاج صناعة كوادر من أبناء مصر الذين جرفوا طوال سنين عدة،
نحتاج اكتشافا لنخبة سياسية جديدة من قلب هذا الجيل، نحتاج بناء مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية حقيقة بأيدى الجميع وللجميع.
نحتاج وعيا تاما ويقظة لما يدور حولنا خارجيا وعربيا وعالميا، نحتاج أن نفعل الشعارات الرائعة إلى واقع ومستقبل فعلى نجنى بعضا منه، ويجنى أولادنا وأحفادنا ثماره مستقبلا.
تلك هى الوطنيه، وذاك هو حب مصر، نحتاج صناعة الفارق لشعب أدرك قوته
صورة ارشيفية