أصحاب عدة "الدى جى"، وتجار الفراشة، وسائقو التكاتك، اللذين انتعشت أحوالهم خلال يومين هما الموسم الذى ترك انتهاءه الشوارع فارغة وكأنما "كان مولد واتفض"، سايس سيارات وقف بابتسامة عريضة مستقبلاً تكدس السيارات كرزق هبط عليه من السماء، وبائع بطاطا تخللت عربته الخشبية صفوف الناخبين، وآخر تفنن فى حمل أكبر عدد من الأعلام بأحجام مختلفة، وغيرهم من أصحاب "سبوبة الموسم" اللذين تصادفهم فى كل حدث تعيشه مصر، لا يغيبون عن المشهد، ولم يعد تسجيل اللحظات الحاسمة بدون وجودهم أمراً ممكناً.

سماعات ضخمة انطلقت منها أغنية تسلم الأيادى فى خلفية كل طابور وقف فى انتظار التصويت، سبوبة من الدرجة الأولى، هى ما يمكن بها وصف أصحاب عدة الدى جى اللذين امتلأت بهم الشوارع المحيطة بالمدارس لإنعاش المشهد بأغانى وطنية وشعبية كان لها الفضل فى تحويل الانتخابات إلى "فرح شعبى" انتهى بمجرد انتهاء ساعات التصويت تاركاً المشهد خاوياً من الرقص والزغاريد، وتاركاً أصحاب الديجيهات بعد "يومين سبوبة كل سنة".
التكاتك.. المواصلة الرسمية وسط زحام الطوابير..
انتهى الاستفتاء وعادت التكاتك إلى شوارعها الضيقة فى إمبابة وأرض اللواء وبولاق وغيرها من المناطق الشعبية، بعد أن تجولت خلال اليومين الماضيين فى شوارع القاهرة بحرية لم يعترض طريقها أحد، كوسيلة المواصللات الرسمية للناخبين من مكان لآخر وسط زحام الطوابير وتكدس المرور نتيجة للطوابير الممتدة، كما كانت وسيلة أخرى للإعلان عن موقف أصحابها بصور ولافتات وأقوال مأثورة احتفظ من خلالها سائق التكتك بسبوبة لا تخلو من تعبير عن رأيه الخاص "كرئيس جمهورية نفسه".

لم يشغل باله طويلاً بقراءة نص الدستور أو مراجعة مواده قبل أن يتوجه بثقة إلى إحدى اللجان المزدحمة بمدينة نصر، على أحد الأركان المواجهة للطابور الممتد استوقف عربته الخشبية التى علق عليها "صورة السيسى" تماشياً مع المشهد الذى احتل "عم محمد" أحد جوانبه عن جدارة، لم يمتلك وقتاً لترك البطاطا والذهاب لوضع صوته كغيره من الناخبين، فلقمة العيش أهم من الدستور من وجهة نظره المتواضعة، موقفه واضح فهو مع دستور مصر مهما تطلب الأمر، ولا يوجد ما يمنع من كسب رزقه استغلالاً للزحام فى سبوبة على الطاير بتيجى كل سنة مرة.

صور السيسى بكل الأحجام والألوان، مصحوبة بصور "انزل، وشارك، ونعم للدستور" وغيرها من الصور التى تركتها الأيادى ملقاة أمام اللجان بالمئات بعد انتهاء "مولد الدستور" الذى ارتفعت فيه صور الفريق عبد الفتاح السيسى، ودعوات المشاركة طوال ساعات الاستفتاء، ثم تركتها الأيادى مكدسة أمام اللجان والمدارس بعد انتهاء التصويت، موضة الصور التى تظهر بمجرد ظهور الحدث، وتختفى فور انتهائه هى الموضة التى ظهرت فى مصر بعد عدة أحداث كان التعبير فيها بالصور والأعلام هو أبرز العلامات الشعبية فى الفترة الأخيرة، وتحولت إلى سبوبة "رئيسية" لا تغيب عن مشهد الأحداث الكبيرة ولكل حدث الصورة اللى تليق عليه.

أصبح وجودهم فى الشارع أمرا واقعا لا يمكن تخيل الأحداث بدون وجوده، بائعو الأعلام على الأرصفة ووسط الإشارات وفى منتصف الطوابير، تعبيراً عن حب مصر بعلم حجم كبير أو متوسط، أصبحت هى السمة الغالبة على جميع الأحداث، خاصة أيام الاستفتاء التى تشكل "سبوبة" رئيسية بالنسبة لأصحاب المهنة الطيارى التى تحولت من الاستاد إلى اللجان الانتخابية، انتهاء الاستفتاء بالنسبة لبائعى الأعلام ليس نهاية العالم، وليست هى السبوبة الأخيرة من نوعها، فبعد انتهاء ساعات الاستفتاء، ما زلت تراهم بين الإشارات امتداداً لحالة الفرحة الشعبية التى من المتوقع استمرارها فترة لا بأس بها حتى إعلان النتائج.

مقاعد خاوية وحركة بسيطة بين المقاهى ومحال الطعام المحيطة بالمدارس بعد ساعات من الزحام والضغط عاشتها هذه الأماكن خلال يومين من الانتعاشة بفضل الطوابير المزدحمة، الجلوس على المقهى عدة ساعات، لحين انتهاء الزحام بعد حجز دورك فى الطابور، أو شراء ساندوتشات للتسلية أو التصبيرة السريعة أثناء الانتظار، هى أبرز الحيل التى يعرفها أصحاب المحال جيداً، يجتهد أصحاب المحال المحيطة باللجان بالاستعداد لأيام الانتخابات بصبر كسبوبة "قصيرة"، ولكنها مفيدة بالنسبة إليهم، ساعات قليلة انتهى بعدها التصويت وأعلنت اللجان انتهاء الفرصة فى الاستفتاء على الدستور، وانتهت معها سبوبة "الكافيهات والمطاعم"، وعادت الحياة لشكلها الطبيعى.
أتوبيس ضخم وقف أمام الطوابير المكدسة فى مواجهة بعض اللجان، "فى لجان فاضية اركبوا ننقلكوا بدل الزحمة" هكذا يصيح السائق بمساعدة رجال التأمين اللذين وقفوا لمتابعة سير العملية الانتخابية ومساعدة الناخبين فى الحصول على فرصة أسرع للتصويت، مشاركة الأتوبيسات تعتبر هى المشاركة الأولى من نوعها فى الانتخابات أو الاستفتاء بعد أن تطوعت لنقل الناخبين إلى لجان أخرى أقل زحاماً خاصة المغتربين عن محافظتى القاهرة والجيزة اللذين سمحت لهم الظروف بالتصويت داخل المحافظتين بدلاً من السفر، وهو ما حول الأتوبيس إلى وسيلة نقل سريعة من اللجان المزدحمة إلى اللجان الأقل ازدحاماً، قبل أن ينتهى التصويت وتعود الأتوبيسات لخطوطها الثابتة.
بابتسامة عريضة، وقف لاستقبال السيارات المتكدسة عندما لعب دوره فى فك اشتباكاتها، ورصها على جانبى اللجان بحرفة السايس صاحب الخبرة، الاستفتاء بالنسبة له "إكرامية إضافية" على عمله الذى اعتاده وسط شوارع مزدحمة بالفعل وزادت طوابير الاستفتاء من زحامها أضعافاً، "ممنوع الركن أمام اللجان" كانت هى العبارة التى مثلت بالنسبة "لسياس" السيارات فى شوارع مصر تحدياً لا بد من التصرف فيه سريعاً للسيطرة على مشهد السيارات المزدحمة، وإنهاء مأساة الصف الثانى أمام المدارس، "تعالى يا باشا، سيب المفتاح يا بيه ما تخافش" وغيرها من العبارات التى تسمعها بمجرد مرورك أمام الشوارع الجانبية للجان التى تحولت فى ساعات الاستفتاء إلى جراجات ضخمة، ثم تركتها السيارات للهدوء مرة أخرى بعد انتهاء "موسم السبابيب" الأكثر شهرة فى مصر.
لمزيد من اخبار التحقيقات..
استمرارا لترحيب المنظمات الدولية بنزاهة الاستفتاء.. "الدولية للحقوق والتنمية": سار بشكل إيجابى وجيد دون تدخل من الأمن.. والمصريون أدلوا بأصواتهم طبقا للمعايير الدولية.. وتثنى على دور الجيش والشرطة
كواليس حوار القاهرة وواشنطن خلال الثورة.. عمر سليمان لإدارة أوباما: شباب التحرير بلا قيادة ويصعب التفاوض معهم.. وطنطاوى لنظيره الأمريكى: السلطة انتقلت من مبارك لنائبه ونستعد لترحيله إلى شرم الشيخ
قوى وطنية تحتفل بإقرار الدستور بالتحرير فى ذكرى 25يناير.. مصادر: الجيش يواجه محاولات الإخوان لبث الفوضى.. والشعب سيرشح السيسى فى الميدان.. مصدر عسكرى: أحبطنا مخططا لحرق لجان الاستفتاء بالقاهرة الكبرى