تابعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان مجريات عملية الاستفتاء على مشروع الدستور المصرى الجديد، التى جرت يومى 14 و15 يناير، وبمتابعة دؤوبة لمسار التحضيرات ومجريات التصويت عبر جهود أعضاء الأمانة العامة والبيانات المتتابعة الصادرة عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وإفادات عدد من المصادر الميدانية المُكلفة.
وأعربت المنظمة فى تقريرها عن إشادتها بالإقبال الشعبى الملحوظ على الاستفتاء، والذى تتفق التقديرات الأولية على أنه جاوز نسبة الــ40 بالمائة من الناخبين (قرابة 20 مليونًا من قرابة 52.5 مليون)، والذى تميز بمشاركة واسعة وغير مسبوقة للمرأة على نحو شكل ظاهرة تتزايد وتيرتها منذ ثورة 25 يناير 2011.
وقالت المنظمة، إن الإقبال عمومًا عكس رغبة شعبية واضحة فى التأسيس لمرحلة جديدة للانتقال الديمقراطى فى مصر التى بدأت منذ ثورة 25 يناير الشعبية، وتأكيد المساندة الشعبية لأهداف ثورة الثلاثين من يونيو، وهى الإرادة الشعبية التى عكستها نسبة التأييد غير المسبوقة لمشروع الدستور التى بلغت 95 بالمائة وفق المصادر الأولية.
وأوضحت المنظمة، أن مجريات الاستفتاء جرت تحت إشراف قضائى بإدارة اللجنة العليا للانتخابات، بمشاركة قرابة 14 ألفًا من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة موزعين على 352 لجنة عامة و30 ألف لجنة فرعية، وتحت رقابة وطنية ودولية، شملت قرابة 30 ألف مراقب، بينهم قرابة 600 مراقب عربى ودولى، وجرى الاستفتاء وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة وفرت أجواء طمأنينة عامة فى ظل اتساع رقعة أعمال العنف والتهديدات بعمليات تستهدف المواطنين المشاركين فى مجريات التصويت، وهى إجراءات شهدت مشاركة قرابة ربع مليون شرطى و160 ألفًا من القوات المسلحة، بحسب المصادر الرسمية.
وأوضح تقرير المنظمة، أن نسبة الإقبال الشعبى تُعد كبيرة بحسبان عدد المؤثرات السلبية التى كان من شأنها أن تؤدى إلى عزوف قطاعات شعبية، ومن أهمها مقاطعة مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها للاستفتاء، وحالة الاحتقان السياسى السائدة، وأعمال العنف والإرهاب المادية واللفظى التى سبقت مجريات الاستفتاء، والتى رافقت مجرياته على نحو ملموس، وتردى الأحوال الأمنية فى بعض محافظات الصعيد جنوبى البلاد، والشعور العام بأن نتيجة الاستفتاء محسومة مسبقًا بتأييد شعبى جارف.
وأشار التقرير الحقوقى إلى أن جهود التأمين التى وفرتها مؤسسة الشرطة والقوات المسلحة لمجريات الاستفتاء كان لها أثر فى نشر الشعور بالطمأنينة لإقبال المصوتين، فقد شهدت بعض المناطق أحداث مؤسفة واحتكاكات عنيفة أدت إلى سقوط 10 قتلى وعشرات المصابين، ومن أبرزها انفجار محيط مقر محاكم شمال الجيزة قبل ساعة ونصف من انطلاق عمليات التصويت، وإعلان المصادر الأمنية عن إبطال العديد من العبوات الناسفة فى ثلاث محافظات، والهجوم المسلح بالبنادق الآلية على المصوتين فى مدينة سوهاج، والاحتكاكات المسلحة بأجهزة الشرطة فى محيط اللجان والتى برزت بصفة خاصة فى جنوبى وغربى محافظة الجيزة، وعمليات إطلاق مجهولين للأعيرة النارية فى محيط مقار اللجان التى تشهد اكتظاظًا بهدف ترويع المشاركين وصرفهم عن مواصلة التصويت، واغتيال أحد جنود تأمين اللجان برصاصة قناص فى الرأس فى الإسكندرية.
وذكر التقرير أن نسبة الإقبال السائدة فى مصر عمومًا لا تتيح نسب مشاركة إجمالية تتجاوز الـ55%، حيث لا تزال العمليات الانتخابية تعانى من ظاهرة اكتظاظ الصناديق فى غالبية اللجان الفرعية، فرغم جهود اللجنة العليا للانتخابات التى نجحت فى خفض متوسط الصندوق الانتخابى الواحد لقرابة 1500 إلى 2000 ناخب من متوسط 3000 إلى 3600 ناخب فى الاستفتاء السابق 2012، فنسب الإقبال المتوقعة فى السياقات العادية يصعُب أن تجاوز 1000 ناخب فى الصندوق الواحد لمجموع يومى التصويت، مع احتساب مد فترات التصويت لمجموع الناخبين المتوفرين أمام اللجان.
ويمكن تلمس أثر هذه العناصر بالنظر إلى الظروف التى حكمت بيئة التصويت من محافظة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى داخل المحافظة الواحدة، حيث جاوزت نسبة الإقبال 60 بالمائة فى بعض محافظات الدلتا، بينما انخفضت إلى أدنى من 25 بالمائة فى بعض محافظات الصعيد، فيما شكل تصويت الوافدين من المهاجرين داخلياً بين المحافظات عبر اللجان التى خُصصت لهم عشية الاستفتاء إقبالاً كثيفاً استدعى زيادة عدد هذه اللجان فى اليوم الثانى للاستفتاء، وشكل ظاهرة تستدعى الانتباه والمعالجة فى المستقبل.
وأضافت المنظمة أن العناصر السابق إيرادها "مجتمعة" تشكل تفسيراً لنسبة التأييد الكاسحة، حيث ارتبط الإقبال على المشاركة فى التصويت بالتأييد مشروع الدستور، وهو التأييد الذى بدوره ارتبط بالتعبير عن موقف الغالبية الشعبية الواضح فى تأييد ثورة الثلاثين من يونيو وخارطة الطريق التى أقرتها غالبية القوى السياسية والمؤسسات الدينية الرسمية ومؤسسات الدولة فى 3 يوليو 2013.
وتابع البيان "ويمكن بجلاء تلمس أن تصويت المواطنين على مشروع الدستور لم ينصب بصفة رئيسية على مضمون الدستور، وإنما انصب بشكل رئيسى على تأكيد الموقف الشعبى من الصراع السياسى، ونوعًا من الرد على الشكوك التى تثار خارجيًا بشأن الإرادة الشعبية".
كما أشارت المنظمة إلى أداء وسائل الإعلام، الذى وصفته بالسلبى، وخاصة وسائل الإعلام الخاصة والمستقلة التى عملت على التعبئة والحشد للتصويت بنعم، وربط تأييد مشروع الدستور بمساندة ثورة الثلاثين من يونيو وخارطة الطريق فى 3 يوليو.
وأوضحت أن سلوك غالبية وسائل الإعلام اتسم بخلل مهنى فادح، بلغ بالبعض منها حد العزل بين ثورتى 25 يناير والثلاثين من يونيو، على نحو شكل سببًا لعزوف قطاعات من الشباب فى العاصمة بصفة خاصة.
وقال التقرير، إنه رغم أن مجريات الاستفتاء لم تشهد خروقات ذات شأن، إلا أن عددًا من الظواهر السلبية قد استمرت تشكل ملمحًا أساسيًا يستدعى العمل على معالجته فى العمليات القادمة، ومن أبرزها اكتظاظ الصناديق، كما سبقت الإشارة وخاصة فى اللجان المخصصة لتصويت المرأة، والتأخر فى فتح البعض من اللجان الفرعية فى قرابة 50 لجنة عامة لفترات بين 10 دقائق و40 دقيقة، والتأخر فى إصدار تصاريح المراقبين حتى عشية اليوم الأول للاستفتاء والانتقاص من إصدار أعدادها المقررة (قيد التدقيق والمتابعة).
وأظهر التقرير أيضًا التأخر فى فتح العديد من اللجان المخصصة للوافدين والذى كان مصدر شكوى رئيسى خلال اليوم الأول بصفة خاصة فى شمال الدلتا، وامتناع الحكومة عن منح الناخبين إجازات من العمل خلال أحد يومى الاستفتاء للسماح لهم بالتصويت فى لجانهم التى قد تكون بعيدة نسبيًا عن مناطق عملهم وإقامتهم، وهو ما كان له أثر على مناطق الحضر الرئيسية التى تعانى ازدحامات مرورية معتادة، ووجود مظاهر للدعاية لتأييد الدستور فى محيط اللجان، والتسامح الأمنى إزاء البعض منها أو منعها بشكل متأخر، وظهور مظاهر جزئية لقيام بعض الأحزاب بتوفير وسائل لنقل المواطنين فى بعض المناطق فى ثلاث محافظات.
كما لاحظ التقرير التحسن النسبى فى العملية الانتخابية على صعيد بعض العناصر، من أهمها عودة الإشراف القضائى الكامل، والاستجابة السريعة للجنة العليا للانتخابات باستبعاد 7 من القضاة المشرفين على لجان فرعية سواء بسبب الشكاوى من تعطيلهم مجريات الاستفتاء أو قيامهم بتوجيه الناخبين فى التصويت، واستبدالهم بقضاة احتياطين، والاستجابة السريعة للجنة العليا للانتخابات بزيادة عدد اللجان المخصصة لتصويت الوافدين فى اليوم التالى، وتوافر المساعدة الإدارية والأمنية للمعاقين وكبار السن والناخبين الأميين، والطمأنينة العامة التى رافقت تأمين اللجان، وتوافر خدمات الشرطة النسائية فى اللجان المخصصة للمرأة، وتراجع شامل فى الدور غير المنظور للأمن فى العملية الانتخابية.
وأكدت المنظمة على ترحيبها بمجريات الاستفتاء وتقديرها للجهود الكبيرة التى بذلتها السلطات الانتقالية للنهوض بمسئولياتها فى تفعيل خارطة الطريق واستكمال مسار تحقيق أهداف ثورتى 25 يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013، فإنها تدعو السلطات الانتقالية إلى فتح صفحة جديدة فى مسار الانتقال الديمقراطى تأسيسًا على مضمون الدستور الجديد وما يكفله من ضمانات لحقوق الإنسان والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
وأشادت المنظمة بالجهود المُقدرة التى بذلتها اللجنة العليا للانتخابات فى وقت قصير للغاية وفى ظل ظروف وملابسات غير تقليدية، فإنها تدعوها للإسراع فى النظر فى تطوير مجريات العمليات الانتخابية على نحو يكفل تعزيز المشاركة وتيسير عمليات التصويت، وكذا وضع ضوابط لضمان حيادية وموضوعية وسائل الإعلام فى مجريات العمليات الانتخابية.
للمزيد من التحقيقات..
بالصور.. حصاد المحافظات.. طوارئ بالدقهلية لارتفاع عدد مصابى أنفلونزا الطيور والخنازير إلى 16.. ومقتل شاب باشتباكات الإخوان والأمن بالفيوم.. وطلاب "الإرهابية" بجامعة أسيوط يعترفون باستخدام المولوتوف
مديرية أمن القاهرة: القبض على 38 إخوانيا فى تظاهرات اليوم.. تفريق مسيرات بالسلام وحلوان والقاهرة الجديدة والزاوية الحمراء.. والقوات تتعامل مع الإرهابيين بالألف مسكن بعد إصابة الجنود والأهالى بالخرطوش
إرهاب الإخوان يتواصل فى "الألف مسكن".. وفاة شخصين فى تبادل إطلاق النار بين الأمن والإخوان.. عناصر الجماعة يلقون المولوتوف والشماريخ ويحرقون سيارة نظافة.. والقوات ترد بتمشيط العقارات وإطلاق قنابل الغاز
المنظمة العربية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها بشأن الاستفتاء على الدستور.. وتؤكد: إقبال شعبى ملحوظ رغم المخاوف من أعمال العنف والإرهاب.. حدوث خروقات إدارية لا تنال من نزاهة الاستفتاء
الجمعة، 17 يناير 2014 08:01 م
الاستفتاء على مشروع الدستور
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
العمدة
بلاغ الى الراى العام