أرسل مجلس إدارة الدعوة السلفية، خطابًا إلى الشيخ ناصر العمر، المشرف على موقع "المسلم"، عقب نشر الأخير بيان يهاجم الدعوة السلفية، تحت عنوان "بيان حول المواقف السياسية لحزب النور".
وينشر "اليوم السابع" نص الخطاب
"فضيلة الشيخ ناصر العمر المشرف على موقع "المسلم"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فقد نشر موقعكم "المسلم" بيانًا مذيلا بتوقيعات عدد من العلماء الأجلاء والدعاة وطلبة العلم فى المملكة العربية السعودية تحت عنوان "بيان حول المواقف السياسية لحزب النور"، وبخصوص هذا البيان نود أن ننبه على النقاط التالية:
1- نريد أن نذكركم بأنه قد جاء وفد من العلماء والدعاة كان من المقرر أن تحضروا فيه لولا وفاة خالتكم، منهم الأستاذ أحمد الصويان، لبحث التقريب بيننا وبين الإخوان قبل 30/6 وكان جوابنا أن المشكلة هى بين الإخوان وبين الشعب وأننا فقط ننصحهم بعدم تجميع الناس كلهم ضدهم بممارستهم وذهبتم على أنكم سوف تبحثون معهم هذه الأمور، ثم انقطعت أخباركم ولم تردوا علينا بشىء ثم أخذنا نقرأ فى صفحات الـ"فيس بوك" أنكم وجدتم من مكتب الإرشاد مرونة أكثر من التى لقيتموها منا! وما زال الإخوان يخسرون الشعب شيئًا فشيئًا حتى وقع ما كنا نحذر، فمن المسئول عن هذا إذن؟
2- اسمحوا لنا أن نصارحكم بأن درايتكم بالواقع المصرى ضعيفة للغاية، ويكفى أن فضيلتك ذكرت أنك لا تعرف سلفية فى مصر إلا فى دمنهور (وهى إحدى مدن محافظة البحيرة التى هى بدورها واحدة من 27 محافظة فى جمهورية مصر العربية)، ومع هذا فقد نفذ صبركم بسرعة فى محاولتكم المشار إليها للوساطة لتقريب وجهات النظر، بينما اكتفيتم فى هذه المرة بالسماع لبعض الدعاة الذين حكموا على أنفسهم بأنهم مقلدون للإخوان، حينما رفعوا شعار (الإخوان رجال المرحلة).
3- نظرتكم إلى الوضع فى عهد الدكتور مرسى، أنها كانت أحسن دينا ودنيا دليل على عدم معرفة الواقع المصرى ففى هذا العهد فتحت السياحة الإيرانية وظهرت الحسينيات (ويمكنك عمل بحث عن الأخبار المتعلقة بذلك على موقعك ستجد عجبًا)، وقد كانت أجهزة الدولة فى عصر مبارك تتخوف من الشيعة لاعتبارات سياسية، ولكنهم فى النهاية كانوا يتخوفون، بينما فتح لهم مرسى الباب على مصراعيه فى العام الماضى، وتم منح تصاريح المراقص والخمارات لمدة ثلاث سنوات، بعدما كانت تمنح لسنة واحدة، وأقيمت حفلات برعاية الحزب الحاكم أحيتها مغنيات الفيديو كليب وتدخل الرئيس فى خصومة بين شيخ وفنانة لصالح الأخيرة.
4- وأما مكتسبات الدستور فقد عارضها الإخوان حتى بعد إقرارها، فقال الدكتور محمد مرسى فى تسجيل مرئى "إن المطلوب من الشريعة هو قطعى الثبوت والدلالة فقط" وحاول الدكتور عصام العريان رئيس كتلتهم البرلمانية أن يكسر مادة مرجعية الأزهر، قائلا: السيادة هنا للشعب وهو الذى يشرع ولو ردونا إلى الأزهر نكون قد أسسنا الدولة الدينية.
5- وأما على المستوى الدنيوى فيكفى تقييم مؤهلات رئيس وزراء الدكتور مرسى ووزير استثماره، لتعرف حجم المأساة، حتى أن واحدًا من أشد المدافعين عن قرارات الإخوان (وهو د.محمد يسرى وهو مصدر رئيسى لمعلوماتكم عن مصر كما وضح من مؤتمرات رابطة العلماء المسلمين وغيرها) استنكر تعيين وزير الاستثمار حتى ولو كان بتغريدة عابرة.
6- ومع هذا حاولنا نصحيتهم فلم يستمعوا لنا ولا لغيرنا حتى بلغت الأمور مبلغا صعبا، فآل الأمر إلى استقطاب حاد ورفض شعبى لجميع شباب الصحوة بسبب الأداء المخيب للآمال من الحكومة، بحجة أنهم هم الذين أقنعوهم بانتخاب الإخوان الذين شكلوا هذه الحكومة، وبدلا من محاولة الإصلاح وقد كان هناك فرص للإصلاح بلا خسائر رفضت من الإخوان مع أنها كانت مقبولة للجميع ورُفعت شعارات "من يرش الرئيس مرسى بالماء نرشه بالدم" و"سنسحقكم" ودعوات بنصرة "المؤمنين" على "الكفار والمنافقين".
ومما يؤسفنا أن يحتوى بيانكم على بعض هذه الألفاظ فهل هذا من منهج السلف؟ أن أجعل المحكوم الذى يطالب حاكمه بالطعام والوقود وغيرها من جملة الكفار والمنافقين، حتى وإن شارك الأخيرين فى بعض هذه المطالب.
7- إنه مما يؤسف أن تعلو دعوات التكفير والتخوين ووصف المجتمعات بالجاهلية بل واستباحة الأموال والأعراض للمخالفين ومنهم أبناء الدعوة والحزب متزامنة مع دعوات بمنع الأضحية وتعمد تعطيل المرور والعمل على زيادة الأزمات الاقتصادية، والعجيب أن يفعل هذا تحت دعوى أن هذا إجماع من التيار الإسلامى وبدلا من أن يحمد الغيورون على الدعوة (من أمثال العلماء الأفاضل الموقعين على البيان) ربهم أنه وجد من الإسلاميين فصيل رشيد لم ينزلق إلى هذا المنزلق إذ ببيانكم ينعى علينا التفرق والشقاق.
8- ونحن نوقن أن الوحدة المطلوبة هى وحدة المجتمع المسلم بأسره وليست وحدة التيارات الإسلامية، وأن وحدة التيار الإسلامى إذا كانت ضد باقى المجتمع فهى وحدة فى ركوب قطار الانتحار الدعوى والسياسى، أو فى تبنى التكفير الذى ظهر فى تسجيلات بعض الرموز ويؤسفنا أنكم لم تقوموا بواجبكم فى محاربة هذه اللوثة.
9- ونذكركم أن موقعكم سبق له نشر فتوى للشيخ البراك عن دستور 2012 يحبذ فيها التصويت ب(نعم) وإن احتوت كفرًا لأن المتوقع فى حالة (لا) أن يعد دستورا آخر يحتوى مواد كفرية أكثر وكان لكم تعقيب عليها مؤيد وشارح لها، ونحن نذكركم بهذه الفتوى لسببين:
الأول: أنكم فى البيان الحالى وفى تلك الفتوى تعاملتم مع الواقع المصرى عبر ذات الواسطة وأن تلك الواسطة وصفت لكم الوضع حال حكم الدكتور مرسى أن رفض الدستور سوف يؤدى إلى دستور أكثر علمانية، وهذا صحيح فأين التمكين الذى تظنون أنه كان حاصلا وأننا من فرط فيه وكلا الأمرين غير مطابق للواقع.
الثانى: أن الفتوى نظرت إلى المآلات حال رفض الدستور ورتبت عليه قبول الدستور مع ظنكم أنه تضمن مواد كفرية والصحيح أن الله وفقنا بفضله بمنع كل ما يمكن وصفه بالكفر فى الدستور فى 2012 وكذلك فى 2013 بحمد الله، ومن توهم خلاف ذلك فلو قُبل التواصل معنا لبينا له.
غير أن الذى نريد بيانه هنا أن فتواكم السابقة نظرت إلى المآلات حال رفض الدستور فكان المناسب هنا هو نفس الطريقة، ولو افترضنا جدلا أن دستور 2013 أقل من 2012 من ناحية مرجعية الشريعة (وهو غير صحيح) فالسؤال الذى كان عليكم الإجابة عليه قبل صدور هذا البيان هو السؤال عن ماذا لو رفضنا وماذا لو قاطعنا؟
10- وها نحن نوجه السؤال إلى فضيلتكم وإلى كل الموقعين على البيان دعوتم إلى مقاطعة الاستفتاء فماذا لو استجبنا لكم؟ هل ترون الجيش يعيد الدكتور مرسى إلى قصر الحكم؟ وهل سيستطيع أن يحكم إذا عاد بعدما أصبح مرفوضًا تمامًا من كل أجهزة الدولة؟ أم ننتظر دخول الناتو كما فى ليبيا؟ أم ندخل إلى المسار السوري؟ وهل أى واحد من هذه الاحتمالات يمكن قبولها من أجل رئيس شهدتم أنتم أنه كان من الممكن أن يفرض عليه دستورا أسوأ بكثير مما هو حاصل، ونزيدكم بأن الفريق الحاكم كان لم يقدم أى تنازل للمعارضة العلمانية إلا وعدا بتغيير الدستور.
11- وفى النهاية نعتب عليكم إذا اهتممتم بالواقع المصرى أن تغفلوا عن أخطار حقيقية على الدعوة الإسلامية من انتشار روح التكفير وعمليات التفجير، تلك التى واجهتموها بحسم فى بلادكم واخترتم السكوت عن بعض ما تنكرون من أجل عدم تغذية تيارها لاسيما، ونحن نرى أنها فى حالة تبنى جماعات كبيرة لها سوف يكون ضررًا يأكل الأخضر واليابس.
12- كما نعتب عليكم كثرة الاستظهار بعدد الموقعين على البيان ولو قيل رابطة كذا أو اكتفى بمن أعد البيان، لكى نستطيع محاورته وأما إذا كان المطلوب بيان أن هذا يمثل اجتهادًا جماعيًا فإنه فى النهاية لا يمثل إجماعًا كما وجد فى البيان، وإلا فإنكم تسمعون عن دعاة وعلماء لهم موقف غير ما ترون وينالهم سب وشتم وأذى لعله بلغ مسامعكم.
13- ونريد أن نطمئنكم أن اجتهاد الدعوة السلفية هو اجتهاد جماعى، وأن قراراتها تعرض على مجلس شورى مكون من أكثر من مائتى عضو بين عالم وطالب علم وداعية يمثلون التوزيع الجغرافى لجمهورية مصر العربية كلها ويدرسون واقعهم دراسة متأنية ويتميزون بالانفتاح على جميع المدارس الدعوية، ومن ثم فلن نقول كما تردد بعض الجماعات أنه لا شأن لأحد بقراراتها ولكن نقول إننا نقبل النصح من كل أحد على أن يستوفى الناصح المعرفة التامة بالواقع إلا أن القرار فى النهاية هو قرار مجلس شورى الدعوة السلفية.
14- وفى النهاية لدينا ملاحظة حول توقيت البيان الذى يبدو أقرب إلى الاختيار السياسى منه إلى الاختيار الشرعى الذى كان يحتم طالما أن الغرض النصيحة أن تكون منذ اشتراكنا فى لجنة الخمسين أو فور إعلان موافقتنا على الدستور كما يبدو مستغربا جدًا أن يكون فى البيان دعوة لجميع الدعاة أن يتواصلوا مع الدعوة لإقناعها بالعدول عن قراراتها، رغم أنكم تملكون وسائل الاتصال وتم هذا من قبل كما سبقت الإشارة إليه، وقد كان الأولى فى النصيحة أن تكون فى جلسات تتم فيها مناقشة الأدلة والموازنات الشرعية وحقائق الواقع وتوضيح موقف الدعوة والحزب بدلا من أن تكون على صفحات الإعلام وقد رفضتم هذه الجلسات وآثرتم أن تكون معلوماتكم من وسائل الإعلام الموجهة المغرضة، وموقفكم مبنيًا على سماع من طرف واحد أخذتم فيه موقف الخصم والحكم.
15- وفى النهاية تؤكد الدعوة السلفية أنها جمعية مصرية خالصة وأنها ليست عضوة فى أى تحالفات أو روابط وأنها تلتزم بقراراتها الداخلية غير أنها ترحب بأى نصيحة صادقة مبنية على علم بالشرع وبالواقع وفى حالة رغبتكم فى الإطلاع على مزيد من التوضيحات نرجو التواصل ونحن نرسل إليكم بعض الأبحاث والمقالات التى تناولت هذه المواقف بالتفصيل.
وجزاكم الله خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مجلس إدارة الدعوة السلفية العام
الاثنين 11 ربيع الأول 1435 ـ 13 يناير 2014
نص خطاب "الدعوة السلفية" إلى الشيخ ناصر العمر المشرف على موقع "المسلم" بعد مهاجمته للدعوة: درايتكم بالواقع المصرى ضعيفة للغاية ومرسى فتح الباب للسياحة الإيرانية والإخوان عارضت مكتسبات الدستور
الإثنين، 13 يناير 2014 10:13 م