المتابع للأحداث الجارية فى العالم العربى، يعلم يقينا أن مدينة سيدى بوزيد الريفية، التى لم يكن أحد يسمع عنها قبل 17 ديسمبر 2010 هذه المدينة التى تعانى مثلها مثل كل مدن الوطن العربى، بأمراض القمع والفقر والتهميش والبطالة، كانت هى مصدر الشرارة التى اشعلت ثورات الحرية فى الوطن العربى.
كانت تونس هى الرائدة فى التخلص من الطواغيت، التى تحكم مصر وتونس طيله أكثر من عقدين من الزمان، هؤلاء الطواغيت الذين أوصلوا بلادهم لجعلها طاردة لمواطنيها، فالكل فى هاتين البلدين يبحث له عن مكان فى قارب يقفز فيه هاربا من جحيم وطنه، بعد أن انكسرت أحلامه على صخرة الواقع المرير.
هذا الواقع الذى رسمه بدقه أنظمة قمعية، لم يكن لها هما إلا قمع مواطنيها، ونجد أن بو عزيزى لم يكن يشعل النار فى نفسه فقط، بل كان يشعل النار أيضا فى أنظمة من أقدم الأنظمة فى العالم العربى، وأعرقها فى استخدام القمع والقهر.
ونجد أن تونس كانت منذ 17 ديسمبر 2010 تسبق مصر فكانت هى الأولى فى الإطاحة برئيسها، ثم كانت هى السباقة فى إسقاط دستورها والبدء فى تنفيذ خارطة طريق خاصة بها، كانت من أولوياتها انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور، ومن داخل الجمعية انتخاب رئيس جمهورية مؤقت.
وتبعتها مصر فى الخطوات ولكنها اختلفت فى آليات التنفيذ، ونجد أن التشابه القائم بين ثورة الياسمين فى تونس وثورة الشباب فى مصر، هو وصول الإخوان فى كلا البلدين إلى سدة الحكم، وقد قارن الكثير بين إخوان مصر وإخوان تونس فكانت الأفضلية لإخوان تونس.
وقد رأى الكثيرون أن إخوان تونس يختلفون عن إخوان مصر، فى الرؤية لكيفية إدارة البلاد، فهم لا يريدون الإقصاء، كما فعل إخوان مصر فى الفترة الانتقالية الأولى – حكم المجلس العسكرى – حيث رفضوا أن يأتى رئيس وزراء من الجانب اليسارى أو الليبرالى.
بل إنهم وقفوا ضد صديقهم بالأمس د.محمد البرادعى الذى أصبح عدوا لهم منذ قيام الثورة، فقد رفضوا أن يكون رئيس وزراء المرحلة الانتقالية، ولكن على العكس فى تونس فقد أصبح السيد/ المنصف المرزوقى والمعروف عنه أنه يسارى فقد أصبح رئيسا للجمهورية.
وقد اعتقد البعض أنهم فعلا يطبقون مقوله مشاركة لا مغالبة، حتى لو قارن بين تحالفات إخوان تونس وإخوان مصر، نجد أن إخوان مصر قد تحالفوا مع الجماعة الإسلامية، وهى جماعه إرهابية يداها ملطختان بدماء الأبرياء من المصريين والأجانب، وعلى العكس فقد ناصر إخوان تونس جبهة أنصار الشريعة العداء.
هذه الجبهة التى قامت باستغلال مناخ الحرية الذى أتيح بعد الثورة فى تونس، استغلالا سيئا واستخدمت الشريعة وفهمهم الخاطئ لها استخدما سيئا، وبدلا من أن تستخدم القاعدة الفقهية أينما تكون المصلحة فثم شرع الله، وبدلا من أن تتكاتف الجهود لبناء الوطن ورفع الظلم ومحاصرة الفقر ومواجهة البطاله تفرغت هذه الجبهة فى تونس والجماعة الإسلامية فى مصر فى توزيع صكوك الكفر والإيمان، وما دامت هذه عقلياتهم فإن كل تكفير يتبعه قتل أو تفجير، ونجد أن تونس قد سبقت مصر فى هذه الحالة فقد بدأت رحاية القتل تدور فقد بدات عمليات الاغتيال بالمناضل اليسارى شكرى بالعيد، ومن ثم محمد البراهمى.
وأعتقد أنه منذ هاتين الحادثتين بدا الشارع فى تونس يكشف الإخوان وأنصارهم، وبدأ ينفض عن الإخوان وبدا يعرف أنهم ما هم إلا طلاب سلطة، لا يهمهم تطبيق شرع الله ولا مصلحة البلاد والعباد، وإنما ما يهمهم هو جماعتهم ومصلحتها الضيقة حتى وإن كانت ضد مصلحة الوطن.
وهنا تسبق مصر لأول مرة تونس وتدشن حمله تمرد، وتطيح بالإخوان وبحكمهم، وهنا يدرك إخوان تونس الخطر، ولكن الغباء واحد فهم يماطلون ويراوغون كالعادة ويكررون نفس أخطاء إخوان مصر، فانظر إليهم عندما يتكلمون عن شرعية الصناديق التى أتت بهم إلى الجمعية التأسيسية بأغلبية.
ونجد غباءهم يتجلى فى إصرارهم على أن الفيصل الوحيد لإدارة البلاد هى الصناديق، وتبدأ فى التلاشى مقوله مشاركة لا مغالبة، ويبدأ إخوان تونس فى المراوغة والتنصل من الوعود والتمسك بشرعية الصناديق.
وأنا أعتقد أن التونسيين قد تأخروا فى الإطاحة بهم فمن المعروف أن ما يسقط فى مصر لا تقم له قائمة فى أى مكان، وأظن أن نهاية إخوان تونس قد أصبحت وشيكة، وأن الثورة عليهم قادمة لا محالة.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
taher
علماني
عدد الردود 0
بواسطة:
taher
علماني
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي سليمان
رد علي علماني
عدد الردود 0
بواسطة:
tunisi
مغالطة وإفتراء