وصف خبراء ومحللون صينيون تصويت الشعب المصرى على مسودة الدستور الجديد باللحظات التاريخية الهامة التى تشكل حلقة مفصلية أساسية فى استعادة الاستقرار، والتقدم نحو مرحلة ديمقراطية جديدة، مشيرين إلى حرص أبناء الجاليات المصرية فى دول العالم هذه الأيام على التوافد لمقار سفارات بلادهم للإدلاء بأصواتهم فى الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد الذى من المقرر أن ينطلق داخل مصر يومى 14 و15 من الشهر الجارى.
ويرى الخبراء الصينيون، أنه سيتم على الأرجح موافقة الشعب المصرى على مسودة الدستور فى هذا الاستفتاء الذى يعد بمثابة خطوة بالغة الأهمية لإتمام خارطة الطريق التى توافقت عليها القوى السياسية، برعاية الجيش المصرى والفريق أول عبد الفتاح السيسى لدفع المسار السياسى المصرى فى الاتجاه الصحيح وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، لافتين إلى أن ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت من شأنه أن يسهل الانتقال إلى الخطوة المقبلة، حيث بات الآن صوت الشارع المصرى حاسما فى اجتياز البلاد سريعا لهذه المرحلة الانتقالية.
ووسط التحديات التى يعيشها المصريون، يشير المحلل السياسى الصينى تيان ون لين من المعهد الصينى للعلاقات الدولية المعاصرة، إلى أن الاستفتاء خطوة لازمة وأساسية فى العملية السياسية المصرية الحالية التى لن يتسنى لها أن تُحرز تقدما للأمام إلا بعد إتمام هذا الاستفتاء وإقرار الدستور.
وشاطره الرأى آن هوى هو سفير الصين السابق لدى مصر، قائلا إن "الاستفتاء بات محوريا لمستقبل جموع المصريين، إذ يتوقف عليه البدء فى إجراء استعدادات مكثفة للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن الموافقة على الدستور تصب فى صالح خروج مصر من وسط الاضطرابات واستعادة الاستقرار الاجتماعى وتهيئة الظروف المواتية للانتعاش الاقتصادى.. موضحا أنه من أجل تحقيق الخير لمصر والمصريين، سوف تبذل الحكومة المؤقتة قصارى جهدها لإنجاح الاستفتاء.
وأوضح أن المظاهرات التى ينظمها الإخوان لعرقلة الاستفتاء ليست كبيرة وعدد المشاركين فيها لا يذكر، مقارنة بعدد سكان مصر الذى يتجاوز 90 مليون نسمة، ومن ثم فإن تنظيم الاستفتاء على نحو جيد يؤدى لنتيجة تكون "نعم" والموافقة على مسودة الدستور.
واتفق معه فى الرأى لى قوه فو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، قائلا إنه من خلال قراءته للوضع الحالى واستكشافه لنبض الشارع المصرى، فسيتم على الأرجح تمرير مسودة الدستور، لأنه على الرغم من أن جماعة الإخوان وبعض أطياف المعارضة أعربت عن مقاطعتها للاستفتاء ومواجهة الأمن المصرى لتحديات ضخمة لتنظيمه، إلا أن القوات المسلحة المصرية قادرة تماما على السيطرة على الوضع.
ومع قيام وزير الدفاع المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى برهن ترشحه فى انتخابات الرئاسة القادمة بـ"طلب شعبى وتفويض من الجيش"، وذلك خلال ندوة تثقيفية نظمتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة يوم أمس السبت، يرى الخبراء الصينيون أن خروج المصريين بأعداد كبيرة للمشاركة فى الاستفتاء يعنى التأكيد مجددا على تأييدهم له.
ويقول الخبير لى قوه فو إن نسبة الإقبال على التصويت هى المؤشر على مدى رضاء الشعب المصرى إزاء سياسات الحكومة المؤقتة والدستور الجديد والجهة التى ستتجه إليها مصر، مفسرا أن تسجيل نسبة حضور عالية فى الاستفتاء تؤيد "نعم" تعنى تأكيد على شرعية 30 يونيه، وأن ما حدث فى ذلك اليوم كان تعبيرا عن إرادة شعبية ساندها الجيش وتمنح السلطات المصرية الحالية الثقة فى تطبيق سياساتها فى المرحلة القادمة، وإن كانت نسبة الحضور منخفضة وتؤيد "نعم" فسيعنى هذا أن وضع الخطوات المقبلة موضع التنفيذ مستقبلا سيواجه بعض الصعوبات.
وأشار لى إلى أن أكبر التحديات التى تواجه مصر الآن هى استعادة الاستقرار الاجتماعى والتوصل إلى المصالحة بين الأطراف السياسية المختلفة، لأن الخلاف السياسى الآن ليس بين الحكومة وجماعة الإخوان فحسب، وإنما بين التيارات العلمانية المختلفة أيضا، حيث أعلنت حركة "6 أبريل الجبهة الديمقراطية" مقاطعتها للاستفتاء فيما أعلن حزب "6 أبريل" أنه سيصوت بـ"نعم" على الدستور، ومن ثم فإنه من الضرورة بمكان توحيد الصف بين مختلف التيارات السياسية المصرية للعبور بسلام من هذه المرحلة.
وقال الخبير لى قوه فو إنه فى ظل المشهد السياسى المعقد فى مصر، لابد من التوصل إلى مصالحة ما وهى الطريق الوحيدة لحل المشكلات السياسية، موضحا أن ثمة محاور رئيسية لابد الانطلاق منها لتحقيق التنمية فى مصر باعتبارها أولويات عاجلة لا بد من التعامل معها بالسرعة المطلوبة حتى يكون الطريق ممهدا لإحداث النمو المنشود والتنمية المستدامة.
وأضاف لى أنه من الأهمية بمكان أن تسعى مصر إلى النهوض باقتصادها الذى يمر حاليا بمرحلة فارقة هى الأصعب فى تاريخها الحديث، وكذا رفع مستوى معيشة شعبها الكادح الذى ينشد الاستقرار والرخاء لأنهما السبيل إلى تجسيد الاستقرار الاجتماعى على أرض الواقع، ومن ثم جذب الاستثمارات الأجنبية واستعادة السياحة التى تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد المصرى ومصدرا رئيسا للعملة الصعبة.
وأكد الخبير الصينى تيان ون لين، أن مصر تسعى دوما إلى التطور على أساس الاستقرار، ولابد لها من التوصل فى هذه المرحلة إلى توافق مشترك لدفع عجلة التنمية، مشيرا إلى أن الحقائق قد برهنت على أن سياسات مبارك ومرسى قد فشلت، ولابد لمصر من إيجاد طريق آخر نحو التنمية، مقترحا أن تمضى مصر على نهج سياسات جديدة تقود عصرا طموحا وقويا فى تاريخ مصر.
للمزيد من الأخبار السياسية...
طارق الخولى: إقرار الدستور نجاح لأهداف الثورة والمسار الديمقراطى
تمرد: قادة الجيش رحبوا بترشح السيسى للرئاسة وسندعمه بقوة
"التيار المدنى": مصر لا تحتاج لرئيس فقط بل لزعيم مثل السيسى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة